بن أبي القاسم عن عبد الملك بن سعيد بن جبير عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال خرج رجل من بني سهم مع تميم الداري وعديّ بن بداء فمات السهمي بأرض ليس بها مسلم فلما قدما بتركتة فقدوا جاما من فضة محوّصا بالذهب فأحلفهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم وجد الجام بمكة فقيل اشتريناه من تميم، ومن عديّ فقام رجلان من أولياء السهمي فحلفا بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما، وأنّ الجام لصاحبهم قال: وفيهم نزلت الآية وهذا حديث حسن غريب، وهو حديث ابن أبي زائدة، ومحمد بن القاسم كوفي قيل إنه صالح الحديث اهـ، وفي نور النبراس تميم الداري المذكور في هذه القصة نصراني من أهل دارين قاله مقاتل، وقيل هو تميم المعروف الداري منسوب إلى الدار، وهو بطن من لخم اهـ وبزيل بباء موحدة مضمومة وزاي معجمة مولى العاص بن وائل صاحب الجام، واختلف في ضبطه كما في كتاب المشتبه وبداء بياء موحدة، ودال مهملة مشددة ومد كشداد، ويقصر، وفي تفسير ابن مقاتل بنداء بنون قبل الدال، وهو غريب، وقال ابن حجر أنه اختلف في إسلامه، والمشهور إنه لم يسلم فقوله هنا، وبديل أي بدال مهملة هو ما في بعض النسخ، وفي الإصابة أنه بزيل، وقيل بريل براء مهملة بدل الدال، وبريل بن أبي مريم، وقيل ابن أبي مارية مولى عمرو بن العاصي، ولا خلاف في أنه مسلم مهاجري اهـ فقول النحرير: قيل الصواب براء مفتوحة بعد الباء المضمومة عندي لا يخفى ما فيه، وقوله: دوّن أي كتب، وقوله: السهميان إشارة إلى أنهما وارثان له لأنه من بني سهم، وتخصيص العدد يعني باثنين من الورثة، وقوله: فأتاهم جعل الاثنين جمعاً تسمحا. قوله:(أي الحكم الذي تقدّم أو تحليف الخ) أي المشار إليه الحكم السابق تفصيله في هذه القضية أو تحليف الشاهدين، وقيل المشار إليه الحبس بعد الصلاة، وأدنى معنى أقرب، والى مقدّرة قبل أن المصدرية، والوجه بمعنى الذات، والحقيقة أي أقرب إلى الإتيان بها على
حقيقتها من غير تغيير لها، والى هذا أشار بقوله على نحو ما حملوها الخ. وعلى وجهها حال من الشهادة، والتقدير ذلك الحكم الذي ذكرناه أقرب ان يأتوا بالشهادة على وجهها مما كنتم تفعلونه، وأقرب إلى خوف الفضيحة فيمتنعوا من ذلك فعلى هذا أو يخافوا عطف على أن يأتوا على حد قوله:
علفتها تبنا وماء باردا
قوله:(واتقوا الله واسمعوا ما توصون به الخ) توصون مخفف أو مشدّد واتقوا قيل إنه معطوف على مقدّر أي احفظوا أحكام الله وأتقوا الخ وحمل السمع على القبول، والإجابة لما أوصوا به لأنه أفيد وأنسب، ولو عمم لصح وقوله:(فإن لم تتقوا الخ) حمله على ما ذكر لاً نه تذييل لتلك القصة فلا بد لشموله لمن هي فيهم، وقوله: فقوله تفريع على تقدير متعلق الهداية طريق الجنة لأنها تتضح في ذلك اليوم ويحتمل عوده إلى ما قبله كله أي الاهتداء إلى الحجة أو طريق الجنة كائن يوم يجمع الخ. قوله:(بدل من مفعول واتقوا الخ) وهو الله فيكون مفعولاً به أيضا، وقيل إنه على هذا لا بدّ من تقدير مضاف أي اتقوا عذاب الله لاشتمال اليوم على العذاب لا على الله لتنزهه عن الزمان، والمكان وردّ بأنّ بينهما ملابسة بغير الكلية، والبعضية بطريق اشتمال المبدل منه على البدل لا كاشتمال الظرف على المظروف بل بمعنى أنه ينتقل الذهن إليه في الجملة، ويقتضيه بوجه إجمالي مثلاً إذا قيل اتقوا الله يتبادر إلى الذهن أنه من أي أمر من أموره، وأيّ يوم من أيام أفعاله يجب الاتقاء يوم جمعه للرسل أم غير ذلك.
(وفيه بحث الأنه اشترط فيه أن لا تكون ظرفية، وهذا ظرف زمان لو أبدل منه لا، وهم ذلك، وفي الدرّ المصون، والاشتمال لا يوصف به الله، وفيه نظر فتامّل، وعلى نصبه باذكر فهو مفعول به أيضاً. قوله: (أيّ إجابة أجبتم الخ) أي ماذا يتعلق بقوله: أجبتم على أنه مفعول مطلق له لكونه بمعنى أفي إجابة وماذا كله استفهام، وهذا الوجه أرجح الوجوه، ولذا قدمه وتقدير بماذا أجبتم على أن يكون السؤال عن الجواب لا الإجابة، والتقدير بأي شيء أجبتم فحذف حرف الجرّ، وانتصب ضعيف لأن حذف حرف الجرّ وانتصاب مجروره لا يجورّ إلا في الضرورة كقوله.
تمرّون الديار ولم تعوجوا
وكذا تقديره مجرورا والمقصود وأن كان واحدا في المآل لكن الاعتبار والتعبير مختلف،