الخ أو منصوبا بأعني مقدّراً ظاهر غني عن البيان. قوله:(ولا يجورّ إبداله من ما أمرتني به فإن المصدر لا يكون مفعول القول الخ) أي لا يجوز إبداله من ما الموصولة التي هي بدل من مفعول القول لأنّ مفعوله إمّا جملة محكية أو ما يؤدي مؤداها كقلت قصيدة أو ما أريد به لفظه حكاية، وليس هذا واحداً منها وقيل عليه العبادة، وان لم تقل فالأمر بها يقال لأنّ أن الموصولة مع فعل الأمر لا تقدر بالعبادة، ولكن بالأمر بها فكأنه قيل ما قلت لهم إلا الأمر بعبادة الله والأمر مقول بل قول على أنّ جعل العبادة مقولة ليس ببعيد على طريقة ثم يعودون لما قالوا أي للوطء الذي قالوا قولاً يتعلق به، ومثله كثير في القرآن، وفي الفرائد معناه ما قلت لهم إلا عبادته أي الزموا عبادته، وهو المراد مما أمرتني، والجملة بدل من ما لأنها في حكم المفرد وكله تعسف. قوله:(ولا ان تكون أن مفسرة لأنّ الأمو الخ) إشارة إلى أنّ ما مر على تقدير
المصدرية ورده بوجهين أحدهما أنّ الأمر المسند إلى الله لا يصح تفسيره باعبدوا الله ربي وربكم بل باعبدوني أو اعبدوا الله، ونحوه ورد بأنه يجوز أن يكون حكاية بالمعنى، وأن يكون ربي وربكم من كلام عيسى صلى الله عليه وسلم كما مر في قوله:{إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم} رسول الله فليس من الحكاية بل إدماج أو على إضمار أعني، ونحوه وهذا لا ينافي التفسير كما قيل، وإن كان خروجا عن مقتضى الظاهر وفي أمالي ابن الحاجب إذا حكى حاك كلاما فله أن يصف المخبر عنه بما ليس في كلام المحكي عته، وقال الدماميني رحمه الله ولا يمتنع أن يكون الله قال لعيسى قل لهم اعبدوا الله ربي، وربكم فحكاه كما أمره به ولا إشكال، والوجه الثاني أنّ القول لا يفسر بل يحكي به ما بعده من الجمل، ونحوها، وهو ظاهري لأنه إن أريد به أنه لا يقترن بحرف التفسير المقول المحكي فمسلم لأنّ مقول القول في محل نصب على المفعولية والجملة المفسرة لا محل لها كما ذكره أبو حيان هنا لكن المقول هنا محذوف، وهو المحكي، وهذا تفسير له أي ما قلت لهم مقولاً، وفي الانتصاف أجاز بعضهم وقوع أن المفسرة بعد لفظ القول، ولم يقتصر بها على ما هو في معناه. قوله:(إلا أن يؤوّل القول بالآمر الخ) نقل عن الزمخشريّ في حواشيه كان الأصل ما أمرتهم إلا ما أمرتني به فوضع القول موضمع الأمر جريا على طريق الأدب الحسن لئلابجعل نفسه، وربه معا آمرين، ودل على الأصل بإقحام أن المفسرة قيل ولابتناء جعل القول في معنى الأمر على هذه القرينة، والنكتة لم يكن لك أن تجعل كل قول في معنى فعل فيه معنى القول فتجعل أن مفسرة له.
(قلت) هذا ردّ لقول الانتصاف إنّ هذا التأويل لتقع أن المفسرة بعد فعل في معنى القول،
وليس قولاً صريحا، وحمل القول على الأمر مما يصحح المذهب الآخر في إجازة وقوعها بعد القول مطلقاً فإنه لولا ما بين القول، والأمر من التناسب المعنوي لما جاز إطلاق أحدهما، وارادة الآخر، والعجب أنّ الأمر قسم من القول، وما بينهما إلا عموم، وخصوص، وليس في هذا التأويل الذي سلكه إلا كلفة لا طائل وراءها ولو كانت العوب تأبى وقوع المفسرة بعد القول لما أوقعتها بعد فعل ليس بقول، ثم عبرت عن ذلك الفعل بالقول لأنّ ذلك كالعود إلى ما وقع الفرأر منه، وهم بعداء من ذلك انتهى، وقال ابن هشام فإن قيل لعل الامتناع من إجازته لأنه أمر لا يتعدى بنفسه إلى المأمور به إلا قليلا يعني كقوله:
أمرتك الخير فافعل ما أمرت به
فكذا ما أوّل به قلنا هذا لازم له على توجيه التفسيرية، وهو ليس بشيء لأنه لا يلزم من
تأويل شيء بشيء أن يتعدى تعديته كما صرحوا به لأنّ التعدية تنظر إلى اللفعل، ثم إنه قيل في جعل أن مفسرة لفعل الأمر المذكور صلته مثل أمرته بهذا أن قم نظر أما في طريق القياس فلأن أحدهما مغن عن الآخر، وأما في الاستعمال فلأنه لم يوجد، وفي ادعاء القياس نظر لأنّ الأوّل
لإبهامه لا يغني عن الثاني، والثاني لا يغني عن الأوّل وللتفسير بعد الإبهام شأن ظاهر. قوله:(رقيباً عليهم أمنعهم أن يقولوا ذلك الخ) إشارة إلى أنّ الشهيد، والرقيب هنا بمعنى، ولكن تفنن في العبارة ليميز بين الشهيدين، والرقيبين لأنّ كونه صلى الله عليه وسلم رقيباً ليس كالرقيب الذي يمنع، ويلزم بل كالشاهد على المشهود عليه، ومنعه بمجرّد القول، وأنه تعالى هو الذي يمنع منع إلزام بالأدلة، والبينات