للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذ لو قيل أنت حرج أو لا أراك صح بل هو مراد فلذا ذهب عامّة الشراح، وغيرهم إلى أنه كناية نعم بعد دخول النهي لا يصح إرادته فلذا جوّز فيه النحرير: أن يكون مجازا لأن النهي سواء كان طلب الترك، أو الكف لم يقصد من الإنسان لنفسه ولا من الحرج لأنه لا يعقل حتى ينهي فالمعترض أوّلاً إن أراد الفرق بين ما نحن فيه والمثال باعتبار أنّ المراد في أحدهما النهي عن السبب، والمراد المسبب، وفي الآخر بالعكس فلا ضير فيه، ولذا عبر العلامة باللزوم دون السببية وان أراد أنه ليس من الكناية أصلا فباطل وكذا إنكار الآخر للكناية لما عرفت نعم قوله وسموا النهي أيضا كناية تبعا أجاد فيه لكونه قرب من المراد مرّة وبعد عنه أخرى، ومثله: {وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [سورة آل عمران، الآية: ١٠٢] كما مر فتدبر وفي الكشاف أنه صلى الله عليه وسلم كان يضيق صدره من الأداء ولا ينبسط له، فأمنه الله ونهاه عن المبالاة بهم يعني أنّ الحرج في هذا الوجه، وان كان على حقيقته، فالجملة مجاز أو كناية عن عدم المبالاة بالإعداء فتوهم بعضهم أنها فائدة أهملها المصنف رحمه الله وليس كما توهموا، فإنّ قوله مخافة أن تكذب فيه صريح في عدم المبالاة بهم. قوله: (والفاء تحتمل العطف والجواب الخ) في العطف قيل إنه معطوف على مقدر أي بلغه (فلا يكن في صدرك) الخ وقيل إنه معطوف على ما قبله بتأويل الخبر بالإنشاء، أو عكسه أي تحقق إنزاله من الله إليك أو لا ينبغي لك الحرج والفراء قال: إنّ الفاء اعتراضية لا عاطفة ولا يختص كونها للجواب بتعلق لتنذر بأنزل كما يوهمه قوله إذا أنزل إليك لتنذر* قوله: (متعلق بأنزل الخ) ذكر في متعلق اللام وجوها أحدها تعلقه بأنزل، وهو قول الفراء قال اللام في لتنذر منظوم مع قوله أنزل على التقديم، والتأخير على تقدير كتاب أنزل إليك لتنذر به فلا يكن في الخ قال المعرب: فجملة النهي معترضة بين العلة، ومعلولها وهو الذي عناه الفراء بقوله على التقديم والتأخير، وهذا مما ينبغي التنبه له فإنّ المتقدمين يجعلون الاعتراض على التقديم والتأخير لتخلله بين كلام واحد وليس مرادهم أنّ في الكلام قلبا كما سنبينه في أوّل الكهف، والثاني أنها متعلقة بمتعلق الخبر أي لا يكن الحرج مستقرّاً في صدرك لأجل الإنذار كذا قاله ابن الأنباري، الثالث أنها متعلقة بالكون وهو مسلك غير ابن الأنباري، وقول الزمخشري: إنه متعلق بالنهي قيل ظاهره أنه متعلق بفعل النهي وهو الكون بناء على جواز تعلق الجارّ بكان وهو الصحيح ويحتمل أنه يريد بما تضمنه معنى النهي كما قيل، وقال النحرير: إنه

معمول للطلب أو المطلوب أعني انتفاء الحرج وهذا أظهر لا للمنهى عنه أي الفعل الداخل عليه النهي لفساد المعنى، وقيل عليه إنه متعاق بأنزل أو بلا يكن على الثاني لكونه علة للمطلوب لا للطلب لأنه بدون الامتثال لا يوجب التمكن من الإنذار ولا للمنهتي، لفساد المعنى قيل، ويجوز ذلك على معنى أنّ الحرج للإنذار والضيق له لا ينبغي أن يكون ولا يخفى أنّ كلمة منه تخدشه وفيه تأمّل، ثم وجه توسيط المفرّع بين العلة والمعلل إذا تعلق بأنزل أما على أوّل تفسيري الحرج فظاهر لترتبه على نفس الإنزال لا على الإنزال للإنذار، وأما على ثانيهما فهو الاهتمام به مع ما فيه من الإشارة إلى كفاية واحد من الإنزال والإنذار في نفي الحرج أما كفاية الثاني فظاهرة وأما كفاية الأوّل فلأنّ كون الكتاب المؤلف من جنس هذه الحروف البالغ إلى غاية الكمال منزلاً عليه خاصة من بين سائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يقتضي كونه رحيب الصدر غير مبال بالباطل وأهله. قوله: الأنه إذا أيقن الخ) إشارة إلى الوجهين السابقين في قوله فلا يكون في صدرك حرج على الترتيب والزمخشري عكسه إشارة إلى أنّ الثاني أظهر وأولى. قوله: (يحتمل النصب الخ) عن الزمخشرفي أنه قال: لم أجعله معطوفا على محل لتنذر لأنّ المفعول له يجب أن يكون فاعله وفاعل الفعل المعلل واحدا حتى يجوز حذف اللام منه، وفيه كلام لا حاجة إليه هنا، وقوله على محل تنذر لأنه مصدر تأويلاً وفي نسخة لتنذر، والصحيح الأولى لما في هذه من المسامحة، وقوله: (أو خبر المحذوف) أي هو ذكرى والمعنى على الأوّل أنه جامع بين الوصفين وعلى هذا أنه موصوف بكل منهما استقلالاً. قوله: (يعم القرآن والسنة الخ) فليس ما أنزل من وضع الظاهر موضع المضمر ولذا جمع الضمير، وفي جعل الوحي مطلقاً منزلاً من الله تجوّز حينئذ بأن يراد به مطلق الوحي كما يشير إليه ما بعده، وقوله وما ينطق عن الهوى بناء

<<  <  ج: ص:  >  >>