على عمومه المتبادر فلا ينافيه أنه فسره في سورة النجم بقوله ما يصدر نطقه بالقرآن عن الهوى المقتضى لتخصيصه بغير السنة. قوله:(ولا تتبعوا من دونه أولياء) أي لا تتخذوا ولياً غيره فيضلكم وإذا جعل الضمير لما أنزل قدر ومن أولياء لأنه لا يحسن وصف المنزل بكونه دونهم، فقوله من دونه متعلق بالفعل تبله والمعنى لا تعدلوا عنه إلى غيره من الشياطين والكهان، أو بمحذوف لأنه حال فالضمير في من دونه يحتمل أن يعود على ربكم، وهو تفسير المصنف رحمه الله الأوّل، وأن يعود على ما الموصولة أو الكتاب، والمعنى لا تعدلوا عنه إلى الكتب المنسوخة، وجوّز كون الضمير للمصمدر أي لا تتبعوا أولياء اتباعا من
دون اتباع ما أنزل إليكم، وقرأ مجاهد تبتغوا بالغين المعجمة من الابتغاء، وقوله: وقرئ أي اعتراض أو استئناف. قوله:(أي تذكرا قليلأ أو زماناً قليلاَ الخ) يعني هو نعت مصدر محذوف أقيم مقامه، أو نعت زمان محذوف كذلك، ونصبه بالفعل بعده وما مزيدة للتوكيد، وأجيز أن يكون نعت مصدر لتتبعوا قيل ويضعفه أنه لا معنى حينئذ لقوله تدّكرون، وأما النهي عن الاتباع القليل فلا يضرّ لأنه يفهم منه غيره بالطريق البرهاني، وجوّز في ما أن تكون موصولة ومصدرية، فيكون المصدر أو الموصول مبتدأ، وزمانا قليلا خبره، وتد قيل إنها نافية وهو بعيد، لأن ما النافية لا يعمل ما بعدها فيما قبلها ولأنه يصير المعنى ما تذكرون قليلاً، ولا طائل فيه وقيل إنه مردود با! الكوفيين جوّزوا العمل، والمعنى ما تذكرون قليلاً فكيف تذكرون الكثير، وفيه نظر. قوله:(حيث تتركون دين الله وتتبعون غيره) هذا جار على الوجهين في مرجع ضمير من دونه، ولا اختصاص له بالأخير كما يتخايل من قوله دين الله فإنّ الأوّل تمهيد لذلك ولذا أردفه المصنف رحمه الله تعالى بقوله وتتبعون غيره إشارة إلى عدم اختصاصه بأحدهما، وتتبعون بالعين المهملة والإعجام خلاف الظاهر وإن صح. قوله:) وما مزيدة لتثيد القلة الأنها تفيد القلة في نحو أكلت أكلاً ما فهي هنا قلة على قلة. قوله:(وإن جعلت مصدرية الخ) لأنّ معمول المصدر لا يتقدمه فيكون له إعراب آخر كما مرّ، وقال أبو البقاء رحمه الله تعالى: لا يجوز أن تكون مصدرية لأنّ قليلاً لا يبقى له ناصب وردّه يعلم مما مز، وكلام المصنف رحمه الله محتمل لما قاله أبو البقاء، ولا يجوز أن تكون ما المصدرية أو الموصولة فاعل قليلا كما جوز في {كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ}[سورة الذاريات، الآية: ١٧] لأنّ قليلاَ لا ينصبه تتبعوا وجعله حالاً من فاعله لا طائل تحت معناه. قوله:(بحذف التاء الخ) المذكور في كتب القرا آت إنّ حمزة الكسائيّ، وحفصاً قرؤوا تذكرون بتاء واحدة وذال مخففة وقرأ ابن عامر يتذكرون بياء تحتية، ومثناة فوقية وذال مخففة وفي طريق شاذة للأخفش عن ابن عامر بتاءين فوقيتين، والباقون بتاء فوقية وذال مشدّدة، وهذا هو الصحيح الذي به يقرأ وهذا هو الذي ذكره المصنف رحمه الله تعالى فقوله وقرأ حمزة والكسائيّ، وحفص عن عاصم تذكرون بحذف التاء أي الأولى وابقاء تاء مثناة فوقية وذال مفتوحة مخففة، وقوله وابن عامر يتذكرون أي بمثناة تحتية مفتوحة ومثناة فوقية مفتوحة، وذال معجمة مفتوحة مخففة، والباقون بتاء الخطاب وتشديد الذال، وقوله:(على أن الخطاب بعد مع النبئ صلى الله عليه وسلم) بعد مبنيّ على الضم أي في جميع ما تقدم قبله في قوله: (لتنذر) وفي محل المقدر قبل قوله اتبعوا ومن لم يفهم كلام المصنف رحمه الله خطأه في قوله بعد وخطأ. غيره من أرباب الحواشي لعدم اتقانه للفن فلا حاجة إلى ذكره. قوله:(وكثيرا من القرى) إشارة إلى أنّ كم خبرية للتكثبر ومن بعدها زائدة، وأما في قوله من القرى
فهي بيانية ومحل كم رفع على الابتداء والجملة بعدها خبر أو نصب على الاشتغال. قوله: (أردنا إهلاك أهلها الخ (لما كانت الفاء للتعقيب والهلاك بعد مجيء البأس بحسب الظاهر أولوا النظم بوجوه أحدها أن أهلكنا مجاز بمعنى أردنا إهلاكها كما في: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ}[سورة المائدة، الآية: ٦] الثاني أن المراد بالإهلاك الخذلان وعدم التوفيق فهو استعارة أو من إطلاق المسبب على السبب أو المراد حكمنا بإهلاكها وقيل الفاء تفسيرية نحو توضا فغسل وجهه الخ، وقيل للترتيب الذكري، وقيل إنه من القلب، وقيل الفاء بمعنى الواو أو المراد فظهر مجيء بأسنا واشتهر، وقدر المصنف رحمه الله تعالى هنا مضافاً مع أنّ القرية تتصف بالهلاك، وهو الخراب وجوّز حمله على الاستخدام