للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ما ذكره المصتف رحمه الله كما بيناه لك، وان أريد ما يتناولها لعدم قيام القرينة على التقييد يقال: الإعانة المطلقة وان كان بعض أفرادها وسيلة إلى العبادة إلاً أنّ كثيرا من أفرادها يتوسل بالعبادة إليه وهو ما يترتب على العبادة، ويكون نتيجة لها فكونها وسيلة معتبر بالقياس إلى بعض أفراد الإعانة لا إلى جميعها، وتقديمها في الذكر للإشارة لما مّر من أنّ تقديم الوسيلة أدعى للإجابة، وفيه تكلف ظاهر، ولو قيل العبادة وسيلة إلى بعض أفراد الإعانة، ومقصودة من البعض، فتقديمه بالنسبة إلى الأوّل لما ذكر، وبالنسبة إلى الثاني لما سبق كان وجهاً هكذا قرّره الفاضل الليثيّ تبعاً للسيد السند، وهو حاصل ما في شروح الكشاف، ومن لغو القول هنا ما قيل إنّ كلام المصتف رحمه الله مناف لما سيأتي منه في سورة هود في تفسير قوله تعالى: {وَاسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ} [هود: ٩٠] ولا يليق الاشتغال به إلاً أنّ فيما قاله هؤلاء هنا بحثاً، وهو أنّ هذا كما لا يتأتى على الثاني أصلاً، أو بغير تكقف لا يتأتى على الأوّل أيضاً على ما يقتضيه كلام المصتف رحمه الله لأنه قسم المعونة إلى ضرورية يتوقف عليها صحة التكليف، وغير ضرورية يتيسر بها الفعل مطلقاً، فإن بنى كلامه هنا على أنّ المراد مجموع المعونتين، أو الأولى أو الأعنم لزم توقفها على العبادة لتوقف التكليف عليها، فلا يتأتى ما ذكر على الأوّل أيضاً إلأ إذا أريد بالمعونة غير الضرورية، وبالمهمات المهمات الدنيوية لا الدينية، ولا ما يشملهما، فيندرج فيه العبادة، وانما نشأ هذا من توهم اتحاد كلام المصنف وكلام الزمخشريّ، وقد عرفت معنى الوسيلة، وأنها ليست بمعنى السبب كما يتوهم وحينثذ، فالظاهر أنّ المراد بالمهمات كلها مهمات كل عبد في أمور دنياه، فإنه المتبادر منها والمعونة كل ما له مساعدة على فعل، أو تحصيل غرض مّا من الأمور المحسوسة فهي بالمعنى اللغوي فإن قلنا إنها عامة شاملة للعبادة، وكذا إن قلنا إنها إعانة على أداء العبادة، فالجواب ما قيل من أن العبادة مع العلم بأنها مما يتوّسل به إلى إجابة طلب الحاجة، وذكر الاسنعانة المطلوب منها المعونة في العبادة المستلزم كونها وسيلة للعبادة قرينة على أنّ العبادة باعتبار بعض أفرادها وسيلة، وباعتبار بعض آخر يتوسل إليها بالاستعانة فلا إشكال، وعلى ما ذهب إليه المصنف رحمه الله لا بد في الخلاص عما مرّ من التزام ما ذكر إلاً أنه محتاج إلى تكقف فتأمّل. قوله: (وأقول لما نسب إلخ) اعترض عليه بأنّ المتبادر منه أنه من خواصه التي تفرّد بها، وهو بعينه مذكور في التفسير الكبير، والحمل على التوارد، أو أنه دل بذلك عمى اختياره له، كما قيل بعيد كما لا يخفى. وقوله: (تبجحاً) تفعل من البجح بالباء الموحدة

الشهاب / ج ا /

والجيم والحاء المهملة، ومعناه الفرح والسرور كما في الصحاح، وقد فشر بالافتخار الناشىء من العجب والكبر، وهو أنسب بالمقام، ويستتبّ بسين مهملة وتاءين فوقيتين من استتمث الأمر إذا تهيأ واستقام كما في الصحاح، أو هو من التباب بمعنى الهلاك وهو يتبع التمام فكان ما تمّ يطلبه كما في الأساس، وهو منزع حسن وعليه قوله:

إذا تم أمر بدا نقصه ~ تيقن زوالاً إذا قيل تم

وفسر أيضاً بيستمرّ أو يستقل.

وقال الراغب: التبب الخسار وتببته قلت له ذلك، وقضمنه الاستمرار قيل: استتب لفلان

كذا إذا استمرّ اهـ. وما قيل من أنه لم يثبت عند صاحب القاموس، فلذا لم يذكره من قصره باع الاطلاع، وفي كلامه تصريح بأنّ المراد بالمعونة التوفيق، وبه يتمّ التوفيق.

(فإن قلت) : هل هذا جاو على الوجهين أو مخصوص بأنّ الاستعانة في أدأء العبادة على الوجه الراجح المستحسن كما قيل، وعلى كل حال كيف يفهم هذا من قصر الاستعانة على الله وإنما يفيده لو قيل لا يصدر منا أمر الأ باستعانة منك قلت: هذا من قبيل الاحترام، واتباع الكلام يما يزيل إبهامه كقوله:

فسقى ديارك غير مفسدها

وهو من ذكره بعد مطلقاً ومقتض لتأخيره فما ذكر لا وجه له مع أنّ قوله: إنه الراجح من عدم الفرق بين كلام الثيخين بل هو على مقابله أوضح والمعنى المذكور يؤخذ من عدم تقييده بمتعلق ظاهر ولك أن تقول إنه مغاير لما مرّ أيضاً. قوله: (وقيل الواو إلخ) ليس هذا من قبيل قمت واصك وجهه بناء على تجويزه شذوذا، أو تقدير مبتدأ فيه أي، ونحن إياك نستعين كما توهم حتى يورد عليه أنه غير فصيح، أو ينازع في المثال، وان كان الاشتغال

<<  <  ج: ص:  >  >>