بمثله ليس من دأب المحصلين، فيقال: إنّ الزمخشرفي جعل أصك حكاية حال ماضية، والواو معه عاطفة وتقديره قمت، وصككت وجهه، فابرز في صورة المسمقبل حكاية لتلك الحالة العجيبة الشأن، فإنّ ما ذكره النحاة إذا كان المضارع في صدر جملة أمّا إذا تقدم عليه شيء من متعلقاته، فيجوز اقترانه بالواو لمشابهته للاسمية صورة، وقد أشار إلى ما ذكر ابن مالك في تسهيله، وأمّا تجوبز الزمخشريّ الحالية من غير تقدير فيه، فمعترض عليه كما ستراه، فاحفظه فإنه مما خفي على أرباب الحواشي.
قوله:(وقوئ بكسو النون الخ) هي قراءة الأعمش ونسبت لغيره، وهي لغة قيس وتميم
وأسد وربيعة وهذيل، وهي مطردة عندهم بشرط أن لا يكون ياء مثناة تحتية لثقل الكسرة على الياء على أنّ بعضهم قال: يجل بكسر ياء المضارع من وجل وقركأ أيضا فإنهم يعلمون، وهذا مما يقتض عدم صحة ذلك الاستثاء، وأن يكون ماضيه مكسور العين كعلم أوفى أوّله همزة
وصل كنستعين أو تاء مطاوعة نحو تتكلم، فلا يجوز في نضرب، ونقتل كسر حرف المضارعة ونحوها من الأفعال بشرط أن لا ينضم ما بعدها لاستثقال الخروج من الكسرة إلى الضمة فإن توسط حرف وإن كان ساكنا جاز.
وأعلم أنه قرىء وإياك يعبد بصيغة المجهول بوضع ضمير النصب موضع ضمير الرفع والالتفات وهو غريب نادر لة ول بعض أهل المعاني إنّ وقوع الملتفت والملتفت عنه في جملة واحدة لم يعهد. قوله:(بيان للمعونة إلخ) هو بيان لتناسب الجمل، وارتباطها لا لترك العاطف كما قيل لاختلافها خبراً وانشاء، والقول بأن نستعين لدلالتة على الطلب بمعنى أعنا، فهو إنشاء معنى تبرع لمن لا يقبل وفي الكشاف، والأحسن أن تراد الاستعانة به وبتوفيقه على أداء العبادة، ويكون قوله اهدنا بياناً للمطلوب من المعونة كأنه قيل كيف أعينكم فقالوا: اهدنا الصراط المستقيم، وإنما كان أحسن لتلاؤم الكلام، وأخذ بعضه بحجز بعض، وقال قدس سرّه: أي لتناسب الجمل الواقعة فيه، وانتظام بعضها مع بعض حيث دلّ إياك نستعين على طلب الإعانة على العبادة، وصار اهدنا بياناً للإعانة المطلوبة، فكملت الملاءمة بين الجمل الثلاث لمزيد ارتباط بينها، وربما يقال إتاك نعبد بيان للحمد، واستئناف نشا من إجراء تلك الأوصاف على ما مرّ، فتكون الجمل الأربع التي في الفاتحة متلاصقة متلاحقة وأذا جعلت الاستعانة عامّة، لم يكن اهدنا بياناً للمعونة المطلوبة، ولا المعونة مخصوصة بالعبادة، فلم يكن الاتصال بين الجمل بتلك المثاية اهـ.
فالبيان بمعناه اللغوي لأنه استئناف بياني في جواب سؤال متدّر تقديره ما ذكر فعليه ترك العاطف، لأنه مستأنف لا لكمال الاتصال كما توفم فإنّ تقدير السؤال يأباه، وقيل: إنّ المصثف وحمه الله عنى أنّ ترك الواو إمّا لكمال الاتصال، كما في الوجه الأوّل، أو الانقطاع كما في الثاتي، وفساده ظاهر وسوف يرى إذا انجلى الغبار. قوله:(كانه قال كيف أعينكم) قيل: المناسب لكونه بيانا للمعونة أن يقدر أيّ إعانة تطلبون يعني أنّ البيان حقه أن يكون عين الميين لا فرد منه، وإن كان قد يكون المطلوب منه بيان الكيفية، ولا يخفى أنه مع قيام القرينة على أنّ المراد المعونة في المهمات كلها أو في أداء العبادة يتعين الإعانة، فلا يبقى لهذا السؤال وجه، وإنما يحتاج إلى بيان كيفيته ولذا اتفق الشيخان على تقدير ما ذكر فلا تغفل ثم إنه أورد على ما مرّ من أنّ قوله إياك إلخ بيان للحمد كأنه قيل كيف تحمدونه، فقيل: إتاك نعبد إلخ مع أنه لا حاجة إلي، لا صحة له في نفسه، فإن السؤال المقدر لا بذ أن يكون بحيث يقتضيه انتظام الكلام وتنساق إليه الأذهان والأفهام، ولا ريب في أنّ الحامد بعد ما ساق حمده تعالى على تلك الكيفية اللائقة لا يخطر ببال أحد أن يسأل عن كيفيته على أنّ ما قدر من السؤال غير مطابز، للجواب، فإنه مسوق لتعيين المعبود لا لبيان العبادة حتى يتوهم كونه بياناً لحمدهم، والاعتذار بأنّ المعنى نخصك بالعبادة، وبه يتبين كيفية الحمد تعكيس للأمر، وتمحل لتوفيق المنزل المقرّر بالموهوم المقدّو، وبعد اللتيا والتي إن فرض السؤال من جهته عز وجل فاتت
نكتة الالتفات التي أجمع عليها السلف والخلف، وان فرض من جهة الغير يختل النظام لابتناء الجواب على خطابه تعالى، وبهذا يتضح فساد ما قيل من أنه استئناف جواب لسؤال يقتضيه إجراء تلك الصفات العظام على الموصوف بها، فكأنه قيل ما شأنكم معه، وكيف توجهتم إليه، فأجيب بحصر العبادة والإستعانة فيه، فإن تناسى جانب السائل