ففي كلامه لف ونشر مرتب على التفسيرين. قوله:(وإنما لم يقل الخ (يعني القياس الشائع في الاستعمال بعد همزة التسوية وأختها هو الفعل لتأويله بالمصدر، ولكنه عدل عنه هنا لأن المستويين فيه إحداث الدعاء، واستمرار الصمت لا إحداثه، والفرق بين الوجهين اللذين ذكرهما المصنف رحمه الله مع قربهما وقرب معنى الثبات، والاستمرار إنّ استمرار الصمت على الأوّل تقديري، وعلى الثاني تحقيقي، فإن مبني الأوّل على وقوع الدعاء منهم وفرض! عدمه، ومبني الثاني على عدم وقوعه وفرض! وقوعه، والظاهر أن المبالغة على الوجهين في جعل الضمير للأصنام أو للمشركين، كما تقدم، وأنّ الأوّل مبنيّ على كون الضمير للمشركين، والثاني مبني على كونه للأصنام في قوله: أوأن تدعوهم! ولا منافاة لأن الأوّل مطلق الدعاء، وهذا الدعاء في الحوائج والشدائد، وقيل: إن الاسمية بمعنى الفعلية، وإنما عدل عنها لأنها رأس فاصلة وفيه أنه لو قيل يصمتون تم المراد، والصمات بضم الصاد مصدر بمعنى الصصت، وفعال مصدر الأصوات كالصراخ وهذا محمول على ضده. قوله: (تعبدونهم وتسمونهم ا-لهة الخ (يعني أنّ الدعاء إقا بمعنى العبادة تسمية لها بجزئها، أو بمعنى التسمية كدعوته زيداً ومفعولاه محذوفان، ولو قال أو تسمونهم كان أولى، وبتفسيره بما ذكر انتفت منافاته للوجه الثاني في قوله:{أَمْ أَنتُمْ صَامِتُونَ} . قوله: (من حيث إنها مملوكة مسخرة (أي مملوكة لله مسخرة له، وقوله ويحتمل الخ، عطف على قوله من حيث إنها مملوكة الخ، فتكون المثلية في الحيوانية، والعقل على الفرض، والتقدير لكونها بصورتها، وقصارى بضم القاف بمعنى غاية. قوله:) ثم عاد عليه بالنقض (أي عاد على الفرض! المبنيّ عليه المثلية بالإبطال فقال ألهم الخ، وعلى الأوّل لما جعلهم مثلهم كرّ على المثلية بالنقض لأنهم أدون منهم، وعبادة الشخص منهو مثله لا تليق فكيف من هو دونه، وليس المراد إن من لم يكن له هذه لا يستحق الألوهية، وإنما يستحقها من كانت له ذهب إليه بعض المجسمة واستدل به على مذعاه. قوله: (وقرئ أن الذين بتخفيف إن ونصب عباد الخ) هذه قراءة سعيد
ابن جبير، وخرجها ابن جني على أنها نافية عملت عمل ما الحجازية وهو مذهب الكسائيّ وبعض الكوفيين، لكن قيل: إنه يقتضي نفي كونهم عباداً أمثالهم، والمشهورة تثبته فتتناقض القراءتان، وأجيب بأنه لا تناقض لأن المشهورة تثبت المثلية من بعض الوجوه وهذه تنفيها من كل الوجوه أو من وجه آخر، وقيل: إنها إن المخففة من الثقيلة، وانها على لغة من نصب بها الجزأين كقوله:
إنّ حراسنا أسدا
وأعمال المخففة ونصب جزأيها كلاهما قليل ضعيف، فلذا جعل عبادأ حالاً، وأمثالكم
هو الخبر في القراءة برفعه والخبر محذوف وهو الناصب للمذكور. قوله:) ولم يثبت مثله (القائل به يمنع ذلك، ويقول إنه ثابت في كلام العرب كقوله:
الخ) أي دعوتهم لذلك بقرينة ما بعده، والأمر للتعجيز، وقوله من مكر وهي أنتم وشركاؤكم أي الضمير لهم جميعا، وفي نسخة من مكر أنتم وشركاؤكم. قوله:(الوثوقي على ولاية الله تعالى وحفظه) أي لاعتمادي ولذا عذاه بعلى وهو إشارة إلى أنّ الجملة التي بعده للتعليل، وليس تقدير الشيء فإنّ ما بعده يفيده، وأل في الكتاب للعهد، فلذا فسره بالقرآن. قوله:) أي ومن عادته تعالى أن يتولى الصالحين الخ (إشارة إلى أنّ قوله: {وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ} تذييل وتقرير لما سبق، وتعريض لمن فقد الصلاج بالخذلان والمحق، والمعنى أنّ وليي الذي نزل الكتاب المشهور الذي تعرفون حقيته، ومثله يتولى الصالحين ويخذل غيرهم، والذين تدعون من دونه الآيتين، كالمقابل له وإليه أشار المصنف رحمه الله بقوله: ومن عادته تعالى أن يتولى الصالحين، هنا ما أراد يوسف عليه الصلاة والسلام بقوله:{وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ}[سورة يوسف، الآية: ١٠١] ففضلا في محزه. قوله:) من تمام التعليل لعدم مبالاته الخ (اللام صلة التعليل وهو دفع لتوهم التكرار لسبق مثله، ولذا قيل ما مرّ للفرق بين من تجوز عبادته وغيره، وهذا جواب ورد لتخويفهم له بآلهتهم. قوله: (يشبهون الناظرين إليك الخ)