قوله تعالى:{لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ} إلى قوله: {عَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ}[سورة التوبة، الآية: ١١٨] والقشقشة معناها التبرئة وهي مبرئة من النفاق، وهو وجه تسميتها بالمقشقشة، ولو قال التبرئة وأطلقها لكان أظهر وأولى، والبحث التفتيش وهو وجه تسميتها بالبحوث، والمنقرة أيضاً لأنّ التنقير في اللغة البحث والتفتيش، واثارتها أي إخراج تلك الحال من الخفاء إلى الظهور وهو وجه تسميتها مبعثرة ومثيرة، وقوله:(والحفر عنها) بمغنى البحث عنها إنجازاً وهو وجه تسميتها الحافرة، وما يخزيهم بالخاء المعجمة والزاي، وما يفضحهم وجه تسميتها المخزية والفاضحة، وينكلهم أي يعاقبهم ويشرد بهم، أي يطردهم ويفرقهم وجه المنكلة والمشردة ويدمدم عليهم أي يهلكهم وجه المدمدمة، وعلم منه أو من التنكيل وجه تسميتها سورة العذاب، وليس في السور أكثر أسماء منها، ومن الفاتحة. قوله:(وإنما تركت التسمية فيها لأنها نزلت لرفع الأمان الخ) أشار إلى وجه ترك كتابة البسملة في هذه السورة والتلفظ بها دون غيرها، وللسلف فيه أقوال ثلاثة: أصحها هذا، ولذا قدمه ولم يصدره بقيل، وقيل: لأنها مع الأنفال سورة واحدة، والبسملة لا تكتب في خلال السور، وقيل: لأنه لم
يعين محلها ولم يبين أنها سورة مستقلة، واختلفت الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين في ذلك، كما سيأتي ووجه ما اختاره أمّا رواية فلأنه مرويّ عن عليّ رضي الله عنه، وأما دراية فلأنّ تسميتها بما مرّ يقتضي أنها سورة مستقلة، وتعليل التسمية لا ينافي ا! التسمية توقيفية لأنه بيان لوجه التوقيف، ولأنّ ترتيب السور والآيات ثابت بالوحي. قوله:(وقيل كان النبتي صلى الله عليه وسلم)(١ (هكذا رواه أبو داود وحسنه والنسائيّ وابن حبان، وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما، وفي الكشاف سأل عن ذلك ابن عباس رضي الله عنهما عثمان بن عفان رضي الله عنه فقال: إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا نزلت عليه السورة أو الآية، قال: " اجعلوها في الموضع الذي يذكر فيه كذا وكذا)(٢ (وتوفي رسول اللهءلجيييه ولم يبين لنا أين نضعها، وكانت قصتها شبيهة بقصتها، فلذلك قرنت بينهما وكانتا تدعيان القرينتين يعني أنه صلى الله عليه وسلم كان يبين موضع السورة ولم يبين ههنا، وكانت القصتان متشابهتين فلم يعلم أنّ هذه كالآيات من الأنفال فتوصل بها، كالآية بالآية أو سورة مغايرة لها ليفصل بينهما بالتسمية، فقرن بينهما بلا تسمية، كما تقرن الآية بالآية وهذا يقتضي أنّ ترتيب السور توقيفي كما قيل. قوله: (وقيل لما اختلقت الصحابة رضي الله عنهم الخ) فترتيبها على هذا القول معلوم بتوقيف منه تج! ييه، ولكن التردّد في كونها سورة أو بعض سورة فروعي الجانبان بالفصل بينهما وترك إثبات البسملة، وهذا هو الفرق بينه وبين ما قبله، ولم يذكر القول بأنها سورة واحدة جزما كما في الكشاف، إذ يلزم ترك الفرجة بينهما والطول بالضم كصرد وهي من البقرة إلى الأعراف، والسابعة سورة يونس أو الأنفال وبراءة على القول بأنهما سورة واحدة كذا في القاموس، ووقع في نسخة الطوال والمصحح هو الأوّل. (أقول (هذا زبدة ما في الحواشي، وقال السخاوي رحمه الله في جمال القراء: إنه اشتهر تركها في أوّل براءة، وروي عن عاصم رحمه الله التسمية في أوّلها وهو القياس لأنّ إسقاطها إما لأنها نزلت بالسيف أو لأنهم لم يقطعوا بأنها سورة مستقلة، بل من الأنفال ولا يتم الأوّل لأنه مخصوص بمن نزلت فيه، ونحن إنما نسمي للتبرك ألا ترى أنه يجوز بالاتفاق بسم الله الرحمن الرحيم وقاتلوا المشركين الآية ونحوها، فإن كان الترك لأنها
ليست مستقلة فالتسمية في أوّل الأجزاء جائزة، وروي ثبوتها في مصحف ابن مسعود رضي الله عنه فليس مخالفاً للمصاحف، وذهب ابن منادر إلى قراءتها وفي الإقناع جوازها، فقول الجعبري رحمه الله: إن كان ما قال السخاوي نقلا فمسلم والا فلا الخ لا وجه له، والمعول عليه الأوّل إلا أنه لم يفهم المراد منه لأنّ المراد أن النبيّ صلى الله عليه وسلم أمر أن ينادي بها فهي كالأوامر الشرعية، ومثله لا يبدأ بها، وأما حكمها شرعا فهو استحباب تركها، وأما القول بحرمتها ووجوب تركها كما قاله بعض مشايخ الشافعية فالظاهر خلافه. قوله: (ابتدائية متعلقة بمحذوف الخ) أما كونها ابتدائية فلمقابلتها بإلى، وأما تعلقها بمحذوف وكونها غير صلة لبراءة فلفساد المعنى فيه والتبري من الله ورسوله! هـ، ومن جوّزه هنا فقد وهم وقدّروا صلة