دون حاصله لتقليل التقدير لأنه يتعلق به إلى هنا أيضاً، ومن غفل عنه قال: يجوز أن يكؤفى ظرفاً مستقزاً بتقدير حاصلة، وعلى كون إلى الذين خبرا يقدر له متعلق آخر، وقراءة النصب قرأ بها عيسى بن عمر وهي منصوبة باسمعوا أو بالزموا على الإغراء، وقوله برئا الخ إشارة إلى أن فيه معنى التجدّد والحدوث، وفي الكشاف وقرأ أهل نجران من الله بكسر النون، والوجه الفتح مع لام التعريف لكثرته اهـ وقوله والوجه الفتح حقه أن يقول والقراءة لأنّ اله! مر لالتقاء الساكنين أو لاتباع الميم قراءة شاذة. قوله: (وإنما علقت البراءة الخ (لما كان حق البراءة أن تنسب إلى المعاهد قال في الكشاف: فإن قلت لم علقت بالبراءة بالله ورسوله، والمعاهدة بالمسلمين، قلت قد أذن الله في معاهدة المشركين أوّلاً، فاتفق المسلمون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاهدوهم، فلما نقضوا العهد أوجب الله تعالى النبذ إليهم، فخوطب المسلمون بما تجدّد من ذلك، فقيل لهم اعلموا أن الله ورسوله لمجر قد برئا مما عاهدتم به المشركين. اهـ وحاصله كمافي الكشف إن عاهدتم إخبار عن سابق صدر من الرسول ىلمج! والجماعة، فنسب إلى الكل كما هو الواقع، وان كان بإذن من الله أيضاً لقوله {وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا}[سورة الأنفال، الآية: ٦١] والثاني إخبار عن حادث فكيف ينسب إليهم وهم لم يحدثوه بعد وإنما يسند إلى من أحدثه، وفي الانتصاف أن سر ذلك أنّ نسبة العهد إلى الله ورسوله جميد في مقام نسب فيه النبذ إلى المشركين لا يحسن أدبا ألا ترى إلى وصية رسول الله عشحر لأمراء السرايا إذا قال لهم:" إذا نزلتم بحصن فطلبوا النزول على حكم الله فانزلوهم على حكمكم فاثكم لا تدرون أصادفتم حكم الله فيهم أو لا، وإن طلبوا ذمة الله، فأنزلوهم على دينكم فلأن تخفر
ذمتكم خير من أن تخفروا ذمة الله " (١ (فانظر إلى أمره صلى الله عليه وسلم بتوقير ذمة الله مخافة أن تخفر وإن كان لم يحصل بعد ذلك الأمر المتوقع، فتوقير عهد الله وقد تحقق من المشركين النكث، وقد تبرأ منه الله ورسوله بأن لا ينسب العهد المنبوذ إلى الله أحرى وأجدر، وفلذلك نسب العهد إلى المسلمين دون البراءة منه هذا وجه التخصيص الذي في الكشاف وشروحه، وأما ما ذكره المصنف رحمه الله فقيل عليه إنه لم يعلم منه وجه تعليق المعاهدة بالمسلمين، ويجوز أن يجاب بأنّ تعليقها بهم لا يحتاج إلى ذكر وجه لظهور صدورها منهم، وإنما المحتاج إليه تعليق البراءة بالله ورسوله، وان كانت الواو في قوله والمعاهدة بالمسلمين للحال دون العطف فلا غبار عليه، ويجوز أن يقال يستفاد وجهه أيضا من قوله وان كانت صادرة بإذن الله حيث دذ على أنّ المعاهدة لم تكن واجبة بل مباحة مأذونة فنسبت إليهم بخلاف البراءة فإنها واجبة لإيهابه تعالى، فلذا نسبت للشارع وكلام المصنف رحمه الله ظاهر في هذا فتدبر. وقيل: ذكر الله للتمهيد كقوله: {لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}[سورة الحجرات، الآية: ا] تعظيما لشأنه صلى الله عليه وسلم ولولا قصد التمهيد لأعيدت من كما في قوله: {كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِندَ اللهِ وَعِندَ رَسُولِهِ} وإنما نسبت البراءة إلى الرسولءكييه والمعاهدة لهم لشركتهم في الثانية دون الأولى، ولا يخفى ما فيه فإنّ من برىء منه الرسول صلى الله عليه وسلم تبرأ منه المؤمنون، وما ذكره من إعادة الجار ليس بلازم، وما ذكره من التمهيد لا يناسب المقام، ولك أن تقول أنه إنما أضاف العهد إلى المسلمين لأنّ الله علم أن لا عهد لهم، وأعلم به رسوله مجفلذا لم يضف العهد إليه لبراءته منهم ومن عهدهم في الأزل، وهذا نكتة الإتيان بالجملة اسمية خبرية وان قيل إنها إنشائية للبراءة منهم، ولذا دلت على التجدد فتأمّل. قوله. (وذلك أنهم عاهدوا الخ (فالمعاهدة عامة وقيل إنها خاصة ببعض القبائل، وقوله: (وأمهل المشركين) عدل عن الإضمار الواقع في الكشاف، لأن تلك المهلة كانت عامة للناكثين وغيرهم كما قيل، وقوله:(ليسيروا أين شاؤوا (التعميم مأخوذ من السياحة، وأصلها جريان الماء وانبساطه ثم استعملت للسير كما قال طرفة:
لوخفت هذامنك ماتنثني حتى ترى خيلا أهامي تسيح
قوله: (شوّال) جره على البدلية من أشهر، وقيل على المجاورة الأولى نصبه بيان لأربعة
أشهر وفيه اختلاف، فقيل إن براءة نزلت في شوّال فتكون تلك الأربعة من شوّال إلى المحرّم،