وهو الإنعام والانتقام العقاب، فهو وعيد تمدّح بخلفه ولذا قال الطيبي رحمه الله غضبه تعالى على عباده وعيد، وهو كريم يتجاوز عنه بفضله كما قال:
واني وان أوعدته أو وعدته لمخلف إيعادي ومنجز موعدي
فلا يرد عليه أنّ الإرادة صفة ذاتية قديمة، فتفسير الرحمة بالإرادة أوفق للحديث، وأمّا
كونه أنسب بمقام الترغيب والترهيب فقد يقال: المقام مقام ترغيب لا غير فنفي إرادة الانتقام أبلغ من نفيه، وأنسب لحال المؤمنين المقصودين بالذات هنا، ثم إق الغضب وان كان منفيا صريحا فهو مثبت ضمناً، وقد أسند إليه في غير هذه الآية فلا يرد أن ادخمضب منفيّ فلا حاجة للتجوّز فيه، وسيأتي تحقيقه في قوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي}[البقرة: ٢٦] الآية وأمّا ما قيل: من أنّ الغضب مشترك بين ما ذكرو.، وبين ما يصح إطلاقه عليه تعالى كالإرادة المذكورة فإطلاقه على الله حقيقة كغيره من الصفات التي تطلق على العباد كالسميع البصير إن أراد أنه كذلك في الوضع اللغوي، فمخالف للمعقول والمنقول، وان أراد في عرف الشرع ولسانه جاز لكنه لا يرد على من حقق مجازيته، ونحن أطلنا هنا فإنه لا يسأم من الخير. قوله:(وعليهاً في محل رفع إلخ (لا يخفى أنّ معنى الإعراب المحليّ أن يكون فيما لا يقبل الإعراب لفظاً، كالمبني والجمل بحيث لو حل محله اسم مفرد خال من موانع الإعراب كلها مستوف لشرائطه أعرب بذلك الإعراب، ولا يشترط أن يكون قابلاً للإتصاف به بالفعل، إذ لا يتصوّر فيما مرّ مع اتفاقهم على إعرابه محلاً، فلا معنى لما قالوه هنا من أنّ في هذا تسمحا إذ ليس في محل الرفع إلاً المجرور، إلاً أنّ الخبر إذا كان ظرفا أو جاراً ومجرورا فهو كله في محل رفع لأنه القائم مقام الخبر عندهم، وفي الحجة أنّ حروف الجر تنزل منزلة بعض حروف الفعل فباء ذهب به بمنزلة همزة أذهبه، وقد تنزل منزلة بعض حروف الاسم المجرور بها في حكم الإعراب، وما قيل من أنّ نائب الفاعل فاعل عند نحاة البصرة ومن تبعهم، وليس بفاعل عند ابن الحاجب وغيره من النحاة، وكلام المصتف بناء على المذهب الثاني إلأ أنه خالفه في سورة الجن في إعراب قوله تعالى:{قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ}[الجن: ا] فأعربه فاعلاً الأمر فيه سهل لمن تدبز. وقوله: (بخلاف الأوّل) هو عليهم في أنعمت عليهم، فإنه في محل نصب على المفعولية. قوله:(ولا مزيدة إلخ) قيل كلمة لا في ولا الضالين مزيدة عند أهل البصرة بل وانما تزاد بعد الواو العاطفة في سياق النفي للتأكيد وا أضصريح، لشمول النفي لكل واحد من المعطوف والمعطوف عليه لئلا يتوهم أنّ النفي هو المجموع من حيث هو مجموع، فليست زيادتها مؤدّية إلى لغويتها وانما ذلك بحسب أصل المعنى المراد والكوفيون يجعلونها هنا بمعنى غير، وقد مرّ أ+نه لم يقل غير الذين غضبت تأذبا فتذكره. قوله:(فكأنه قيل لا المغضوب عليهم ولا الضالين) . قيل على هذا أنّ كلمة لا في قول المصتف رحمه الله لا
لث! اب / ج / م هـ ا
المغضوب عليهم ليست عاطفة، إذ لم يرد اهدنا صراط المنعم عليهم لا صراط المغضوب عليهم، فيتعين كونها بمعنى غير، وهو مقرّر عند النحاة حتى قال السخاوي: إنّ لا فد تكون اسماً مراد، فا أنحير لكنه يظهر إعرابه فيما بعده، لكونه على صورة الحرف، ولذا جاز تقديم معمول ما بعدها عليها كما سيأتي، فلا فائدة في تبديل غير بلا هنا في تصوير المعنى.
وأجيب عنه بأنه لما كانت موضوعة للنفي مشتهرة فيه فهي أمّ بابه والعلم في الدلالة عليه صارت أظهر في إفادة معناه، وهذا هو فائدة التبديل هنا، ثم إنهم قالوا إنّ معنى النفي إمّا لازم معناها كما يفيده كلام السيد السند وإمّا جزء معناها، كما يدل عليه كلام المحقق التفتازاني وعليهما، فإثبات المغايرة متضمن للنفي، فيجوز تكبده بلا، وقد ترد لصريح النفي، ولك أن تقول إنّ الأوّل بحسب معناها الوضعيّ، والثاني بحسب ما يفهم من موارد استعمالها فلا مخالفة بين الوجهين. قوله:(ولذلك جاز أنا زيدا غير ضارب إلخ) أي لأنّ غير لتضمنه معنى النفي صار بمنزلة لا في جواز تقديم ما في حيزه عليه، وإن كان السول إنما يجوز تقدمه إذا جاز تقدّم عامله، والمضاف إليه لا يجوز تقدمه على المضاف، فكذا سوله إلاً أنه لما ذكر صارت إضافته كلا إضافة وانما يمنع النفي تقدم ما بعده عليه إذا كان بما لان، فإنهما لدخولهما على الفعل والاسم أشبها الاستفهام، فطلبا صدر الكلام بخلاف لم، ولن فإنهما اختصا