للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العصام إنه ليس متعديا، وانما وضع لحدث متعد وهو استجابة الدعاء كالادلاج لسير الليل، ولا يقال أدلج الليل إذا سار ليلاً، فمعناه استجب دعاني والمفعول داخل في معناه، وهو معنى قول ابن مالك رحمه الله إنه لازم في معنى المتعدّي. وقوله: (الذي هو استجب) توضيح لما أراده من أنه اسم مسماه ألفاظ الأفعال، وإن قيل إنه تكلف لأنّ قائل آمين لا يخطر بباله لفظ استجب ولأنه لم يعهد فيما وضع للألفاظ الدالة على معانيها. وقيل: إنها موضوعة للمصادر السادة مسدّ أفعالها وردوه بوجوه مفصلة في شرح الكشاف والخلاف بين الفاضلين والانتصار لكل من الجانبين معروف مشهور، وقيل: إنه أعجمي معرب همين لأنّ فاعيل كقابيل ليس من أوزان العرب وردّ بأنه يكون وزنا لا نظير له ونظائره كثيرة ولذا قيل: إنه في الأصل مقصور وزنه فعيل فأشبع، ومن الغريب ما قيل أنه اسم الله، وتأويله بأنّ الضمير المستتر فيه لما كان راجعاً على الله قيل: إنه من أسمائه أغرب منه. قوله: (وعن ابن عبّاس (١) إلخ) قال الزيلمي رحمه الله في تخريج أحاديث الكشاف: إنه واه جدا، وأخرجه الثعلبي عن أبي صانح عنه، وهو مع مخالفته للمشهور لا يصح في كل مقام نحو لا تعذبنا وليس فيه تأييد لأنه اسم للفظ كما قيل، ولذا قيل إنّ المصنف رحمه الله جعل تفسيره باستجب أصلاً لعدم الثقة بهذه الرواية مع مخالفتها لتفسيره المشهور، وما قيل: من أنّ ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما يدل على أنّ النهي لطلب الكف، لا لطلب عدم الفعل، وإلاً لكان آمين في مثل لا تهلكنا بمعنى لا تفعل مردود بأن افعل فيه طلب لتعلق الإرادة بما هو المطلوب سواء كان فعلاَ أو تركاً لا إيجاد لأثرها، كما يوهمه ظاهر اللفظ وقيل كلمة آمين مثلاً ليست موضوعة للفظ استجب وحده بل لما هو أعمّ مته،

ومن مرادفه أو لكل واحد منهما على الوضع العام للموضوع له الخاص، على أنّ كلام ابن عباس رضي الله عنهما يدل على أنه ليس موضوعا لمجردّ استجب، ولا لأعثم منه، ومن مرادفه فقط، ولا لكل واحد منهما بل للأعمّ منهما ومن لفظ افعل أو لكل منهما، وأما جعل افعل وحده موضوعا له، فبعيد وهو تعسف وتكلف فتدبر. قوله: (بني على الفتح الخفته وثقل الكسر مع الياء ولم يصرح به لظهوره مما نظره به، وما قيل: من أنّ علته إنما ئقتضي البناء على الحركة، فاختيار الفتح للخفة فيما يكثر استعماله أضعف من علة نحويّ فأين هو من قوله كأين واختلف في مده، وقصره أيهما الأصل فذهب إلى كل طائفة وأمّا تشديد ميمه فذكر الواحديّ رحمه الله أنه لغة فيه وقيل: إنه جمع آمّ بمعنى قاصد منصوب باجعلنا، ونحوه مقدراً وقيل إنه خطأ ولحن إلآ أنه لا تفسد به الصلاة وبه يفتي كما قاله شيخنا المقدسي رحمه الله، ولا وجه للفساد، فإنه ليس من القرآن بل دعاء ومعناه صحيح. قوله: (ويرحم الله إلخ) هذا من شعر رواه الأدباء لصاحب الحماسة البصرية لمجنون عامر، وهو قيس بن معاذ المعروف بالملوج وشعره وديوانه مشهور، وفيه من فنون الفنون ما يقول راويه وراثيه أساحر هو أم مجنون، فمنه ما قيل إنه حبئ مع أبيه فقال له تعلق بأستار الكعبة واح الله أن يريحك من حب ليلى فقال: اللهمّ زدني من حبها، فضربه فبكى، وأنشد يقول:

يارب إنك ذو قن ومغفرة بيت بعافية ليلى المحبينا

الذاكرين الهوى والناس قد رقدوا والساهرين على الأيدي مكبينا

باتف رقودا وسار الركب مدلجا وما الأوانس في فكر كسارينا

كأنّ ريقتهامسك على ضرب شيبت بأصهب من بيع الشآمينا

يارب لاتسلبني حبها أبداً ويرحم الله عبداً قال آمينا

وهذا شاهد على المدّ، وقد بسطنا الكلام فيه في الروض النضير في شرح شواهد التفسير. قوله: (أمين فزاد الله إلخ) قال في شرح الفصيح: هو من شعر قائله جبير بن الأضبط، وكان سأل الأسديّ جماله فحرمه، والأسدي اسمه فطحل بفتح الفاء، وسكون الطاء المهملة، وفتح الحاء المهملة، واللام كجعفر، وروى بضمهما والمعنى تباعد لأن سألته، وما زائدة أو موصولة، وأمين مقدّم من تأخير للاهتمام بالإجابة، أو هو تأمين على دعاء مقدّر لعلمه من فحواه وتقديره أبعده الله عني فلا حاجة لما قيل: إنّ حقه التأخير عن قوله فزاد الله إلخ وإن

<<  <  ج: ص:  >  >>