للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بتعذيب المؤمن العاصي، وهو مخالف لما عليه أهل الحق. قوله: (والمخل بالعمل إلخ) في نسخة بالعقل والتقابل في الأولى أظهر. وقوله: (وقرىء ولا الضالين) أي بهمزة مفتوحة مبدلة من الألف اللينة وهذه قراءة أيوب السختياني كما قاله ابن جني، وهي شاذة وهي لغة فاشية، ولا يلزم أن يكون بعد الألف ساكن، فإنه سمع في غيره كقوله:

وخندف هامة هذا العألم

بهمز العالم وقالوا في قراءة ابن ذكوان: منسأته بهمزة ساكنة أنّ أصلها ألف فقلبت بهمزة ساكنة. وقوله: (من جذ) أي اجتهد وبالغ، والهرب من التقاء الساكنين لأنّ التقاءهما إذا كان أولهما حرف لين والثاني مدغماً مغتفر ومن ترك الجائز فقد بالغ في الترك، والهرب مجاز عن الترك هنا، وفي التعبير به لطف لا يخفى.

(فائدة وتكميل) وقد مرّ قول ابن جني رحمه الله أنه أسند النعمة إليه في قوله تعالى

{أَنعَمتَ عَلَيهِمْ} تقرباً وانحرف عن ذلك عند ذكر الغضب إلى الغيبة تأدّباً وقال الشارح المحقق: هو كلام حسن ومعنى الغيبة ترك الخطاب، فكأنه فسره مع ظهوره إيماء إلى أنه افتنان لا التفات وفي المثل السائر وعلى نحو من الالتفات جاء قوله: {صِرَاطَ الَّذِينَ} إلخ فصرح بالخطاب لما ذكر النعمة، ثم قال غير المغضوب عليهم، ولم يقل الذين غضبت عليهم، لأنّ الأوّل موضع التقرّب إلى الله بذكر نعمته، فلما صار إلى ذكر الغضب زوى عنه لفظه تحنناً ولطفاً، فانظر إلى هذا الموضع، وتناسب هذه المعاني الشريفة التي الأقدام لا تكاد تطؤها والأفهام مع قربها صافحة عنها، وهذه السورة قد انتقل في أوّلها من الغيبة إلى الخطاب لتعظيم شأن المخاطب، ثم انتقل في آخرها من الخطاب إلى الغيبة لتلك العلة بعينها، وهي تعظيم شأن المخاطب أيضا لأن مخاطبة الرب تعالى بإسناد النعمة إليه تعظيم لشأنه، وكذلك ترك مخاطبته بإسناد الغضب إليه تعظيم لخطابه، فينبغي أن يكون صاحب هذا الفن من الفصاحة والبلاغة عالماً بوضع أنواعه في مواضعها اهـ وفي عروس الأفراح ذكر التنوخي في الأقصى القريب، وابن الأثير في كنز البلاغة، وابن الغلس في طرق الفصاحة نوعا غريبا من الالتفات، وهو بناء الفعل للمفعول بعد خطاب فاعله كقوله تعالى: {غَيرِ المَغضُوبِ} إلخ وفيه نظر. ولا نظر فيه عندي بل إمّا على رأي الأدباء والمتقذمين في اسنعمال الالتفات بمعنى الافتنان، فلا غبار عليه وأمّ على المتعارف فلك أن تقول على طريق السكاكي الذي لا يشترط تعدد التعبير بل مخالفة مقتضى الطا*ص أنّ المخاطب إذا ترك خطابه، وبنى ما أسند إليه للمفعول، والمحذوف كالغائب، فلا مانع من أن يسمى التفاتا، فكما يجري في الانتقال من مقدّر إلى محقق يجري في عكسه وهو معنى بديع ينبغي التنبه له. قوله: (لقوله تعالى إلخ) قيل عليه إنّ الاستشهاد بما ذكر لا يتم، نإنّ الغضب في المخل بالاعتفاد أيضاً على أنه لا يقتضي كون كل من أخل بالعمل مغضوبا عليه، ويدفعه ما قيل من أنّ مقابلة الضالين بالمغضوب عليهم تقتضي أن يراد بالضالين غير ما أريد بالمغضوب عليهم، ولما ورد الغضب في حق لمفاسق، والضلال في حق المخل بالاعتقاد ناسب أن يراد بالأوّل العصاة وبالثاني الجاهلون بالله تعالى، وليس مبنياً على عدم ورود الضلال في حق الفاسق فتأمّل. قوله:) اسم الفعل إلخ) ءدل عن قوله في الكشاف آمين اسم صوت لأنه غير ظاهر حتى أوّله شراحه بأنه تجوّز لقرب أسماء الأفعال من أسماء الأصوات، ولذا أوردهما النحاة في فصل واحد، أو لأنه اصطلح على أنّ الأسماء التي لا

يعرف وجه وضعها يعبر عنها بالأصوات وأسماء الأفعال مفروغ عنها في كتب النحو ومذهب البصريين أنها أسماء لتنوينها ووجود بعض علامات الأسماء فيها، وقال الكوفيون: أفعال نظرا لمعناها. وقيل: إنها خارجة عن أقسام الكلمة الثلاثة وتسمى عند هؤلاء خالفة وعلى الأوّل الجمهور، وهل هي اسم لمعنى الفعل، أو للفظه قولان، ولا محل لها من الإعراب وقيل: محلها النصب على المصدرية وقيل: في محل رفع على الابتداء، ولا خبر لها لسدّ معمولها مسده وحكمها حكم أفعالها في التعدي واللزوم غالبا ولا علامة للمضمر المرتفع بها قيل: وخرج بقيد الغلبة آمين فإنه بمعنى استجب المتعدي ولم يسمع له مفعول (أقول) قال النحاة: إنه كفعله غالبا ومن غير الغالب آمين وايه بمعنى زد، فإنه لم يسمع له مفعول وقيل لما لم يقع الأ بعد دعاء متقدّم، وكذا بعد حديث أريد به زيادته استغنى عن ذكر مفعوله، فهو إمّا معدى، أو منزل منزلة اللازم وسينه ليست للطلب، وانما هي مؤكدة ومعناه أجب وقال

<<  <  ج: ص:  >  >>