إفادة معنى الإغراء لا اشتراك الصورتين في النصب على المصدرية، ومنع جواز حمل الآية عليه بأنه ليس وزان ألا تعبدوا إلا الله وزان ترك عبادة غير الله في استقامة تقدير اتركوا عبادة غير الله تركا إذ لو قلت اتركوا عبادة غير الله أن لا تعبدوا أي عدم العبادة لم يكن شيئا لأن أن لا يحسن موقعه كما لا يحسن اضربوا أن لا تضربوا أي اضربوا الضرب، وسرّه أنّ أن علم للاستقبال فلو أريد استقبال غير زمان الأمر لم يكن مفعولاً مطلقا وان أريد ذلك الاستقبال ضاع للاكتفاء بالأوّل اهـ والأمر كما قال وهذا توجيه لما يقتضيه النحو من أنّ أن المصدرية والفعل لا يقع موقع المفعول المطلق، وكون ذلك لا يجوز أو لا يحسن مما لا شبهة فيه فمن قال الأمر فيه سهل بأن تجعل أن المصدرية للتأكيد لم يتدبر كلامه، ثم إن المصنف رحمه الله تعالى أطلق كونه للإغراء من غير تقييد. له بكونه على لسان النبي صلى الله عليه وسلم كما في الكشاف لأنه غير متعين لاحتمال أن يكون ما قبله أيضاً مفعولاً له بتقدير قل في أوّل الكلام، وكونه خلاف الظاهر لا ينافي كونه وجها مرجوحاً. قوله:(١ نني لكم منه من الله (أي فالضمير لله، والتقدير إنني لكم من جهة الله نذير وبشير وهو في الأصل صفة فلما قدم صار حالاً، وقيل إنه يعود على الكتاب أي نذير من مخالفته، وبشير لمن آمن به وقدم الإنذار لأنه أهمّ، وعطف أن استغفروا على ألا
تعبدوا سواء كان نهيا أو نفيا. قوله: (توصلوا إلى مطلوبكم بالتوبة الما كان الاستغفار بمعنى التوبة في العرف كان توسط كلمة ثم بينهما محتاجاً إلى التوجيه فقيل لا نسلم أن الاستغفار هو التوبة بل الاستغفار ترك المعصية والتوبة الرجوع إلى الطاعة، ولئن سلم أنهما بمعنى فثم للتراخي في الرتبة، والمراد بالتوبة الإخلاص فيها والاستمرار عليها والمصنف رحمه الله تعالى حمل الاستغفار على التوبة وجعل التوبة عبارة عن التوصل إلى مطالبهم بالرجوع إلى الله فثم على ظاهرها ولا حاجة إلى جعلها بمعنى الواو والعطف تفسيرفي كما نقل عن الفرّاء وقيل الاستغفار طلب الغفر وستر الذنب من الله والعفو عنه ومعنى التوبة الندم عليه مع العزم على عدم العود فليسا بمتحدين ولا بمتلازمين نعم قد يستعمل الأوّل في العرف بمعنى الثاني، وفائدة عطف الثاني على الأوّل التوصل به إلى ذلك المطلوب والجزم بحصوله كما قال ثم توصلوا الخ بيانا لحاصل المعنى لا أنّ توبوا عبارة عن معنى توصلوا كما توهم، ولا يخفى ما في العبارة من النبوّ عما ذكره فتأمّل. قوله: (فإنّ المعرض عن طريق الحق (أي من أعرض! عن طريق الحق بالكفر والعصيان لا بد له من الرجوع إليها ليصل إلى مطلوبه، وهذا على طريق التمثيل في النظم بجعل التوبة بمعناها الأصلي وهو الرجوع فالرجوع إلى الله المراد به لازم معناه، وهو طلب الوصول إلى المطلوب والإعراض عن الحق إن كان بالشرك فتوقفه على ما ذكر ظاهر، وكذا إن أريد الأعمّ وأمّا إن أريد المعصية فالمراد الجزم بحصول مطلوبه فإنّ العفو يجوز من غير توبة فتأمّل. قوله: (وقيل استففروا من الشرك الخ) أي اطلبوا غفره وستره بالإيمان ثم توبوا إلى الله ارجعوا إلى الله بالطاعة فعلى هذا كلمة ثم على ظاهرها من التراخي، وقيل إنّ تراخيه رتبيّ لأنّ التحلية أفضل من التخلية وإنما مزضه لأنّ قوله ألا تعبدوا إلا الله يفيد ما أفاده، وقوله ويجوز أن يكون ثم لتفاوت ما بين الأمرين فإن بين التوبة وهي الانقطاع إلى الله بالكلية وبين طلب المغفرة بونا بعيداً، وقيل إن هذا بطريق الكناية فإنّ التفاوت والتباين من روادف التراخي وفيه نظر. قوله تعالى ( {يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا} ) انتصابه على أنه مفعول مطلق من غير لفظه كقوله: {أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا}[سورة نوح، الآية: ١٧] ويجوز أن يكون مفعولاً به لأنه اسم لما يتمتع به وقيل إنه منصوب بنزع الخافض أي يمتعكم بمتاع وأنّ في الكشاف إشارة إليه، وقوله يعشكم في أمن ودعة بفتح الدال بمعنى الراحة يعني أن من أخلص الله في القول والعمل عاش في أمن من العذاب وواحة مما يخشاه، وأمّا ما يلقاه من بلاء الدنيا فلا ينافي ذلك لما فيه من رفع الدرجات، وزيادة الحسنات فلا ينافي هذا كون الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر، ولا كون أشدّ الناس بلاء الأمثل فالأمثل لأنّ المراد أمنه من غير الله، ومن يتوكل على الله فهو حسبه وراحته طيب عيشه برجاء الله والتقرّب إليه حتى يعدّ المحنة منحة، والتمتع يجيء
بمعنى الانتفاع وبمعنى تطويل العمر ويناسبه ما ذكره المصنف رحمه الله تعالى