أشار هو إلى دفعه فتدبر، والنيف مشدداً بوزن كيف ويخفف ما زاد على العقد إلى أن يبلغه.
تنبيه: عبد الوهاب المذكور من موالي الروم له يد طولى وتأليف العلوم الرياضية توفي
بعد عشر وألف قاضياً بالمدينة المنوّرة رأيته مدرساً بسليمية إردنه وكان زاهداً فاضلا ويعرف بقواله إلى زاده. قوله: (وقد برهن في الكلام أن الأجسام متساوية في قبول الإعراض الخ (أقول أنّ المصنف رحمه الله تبعاً للإمام أراد أن يثبت صحة الإسراء بدليل عقلي فذكر له أوّلاً: دليلا من علم الهيئة، وثانياً: من علم الحكمة أخذه من كلام الرازي في المسائل الأربعين وهو أن الأجسام لما كانت متسارية في الذوات والحقائق وجب أن يصح على كل واحد منها ما يصح على غيره لأن قابلية ذلك العرض إن كانت من لوازم تلك الماهية فأينما حصلت لزم حصول تلك القابلية فوجب أن يصح على كل واحد منها ما يصح على كل منها وان لم تكن من لوازمها كانت من عوارضها فيعود الكلام فإن سلم والا دار أو تسلسل وهذا بناء على تركبها من الجواهر الفردة، وهذا مما أجمعوا عليه غير النظام ورده القرافي في حواشيه، وصاحب لباب الفصول وبينوه وأنه لا وجه له وليس باب المعجزات محتاجا لمثل هذه الترهات، والمراد بالإعراض ما يعرض لها كالأمراض والحركات وما يحمله هو البراق قيل: والأولى الواو بدل أو لأن المعراج إنما كان بالبراق وليس بشيء. قوله: (والتعجب من لوازم المعجزات (لما دفع الاستحالة ورد حينئذ أنه أمر ممكن فلا ينبغي التعجب منه فدفع بأن المعجزات أمور خارقة للعادة فيتعجب منها وان كانت ممكنة لأن التعجب يلزم ما خالف العادة لا الاستحالة والمراد باللوازم المذكورة إنكار الأمم لها فإنه يتعجب حينئذ منه مع إمكانه وشمول القدرة له. قوله: الأنه لم يكن حينئذ وراءه مسجد (وجه لتسميته بالأقصى بمعنى الأبعد فهو أبعد بالنسبة إلى من بالحجاز، وفي تاريخ القدس أنه سمي به لأنه أبعد المساجد التي تزار من المسجد، وقيل: لأنه ليس وراءه موضع عبادة، وقيل: لبعده عن الأقذار والخبائث. قوله: (ومتعبد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من لدن موسى عليه الصلاة والسلام (لا يخفى أنه بناه داود وأتمه سليمان عليه
الصلاة والسلام فكان متعبداً قبل موسى عليه الصلاة والسلام أيضا ففيما ذكره نظر وكأنه أراد أنه قبلة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أو أراد أنه بعد تخريبه، وقوله ومحفوف بالأنهار تفسير لقوله: حوله، وقوله: في برهة بضم الموحدة وتفتح وسكون الراء المهملة بمعنى مدة كما فسره الراغب فالمعنى في مدّة وقطعة من الليل من غير نظر إلى طول وقصر لأنه علم مما مر فلا وجه لما قيل إن المناسب أن يذكر ما يدل على القلة، وقوله: (كذهابه الخ (بيان لتلك الآيات وقوله: ومشاهدته بيت المقدس لما انجلى وظهر له لينعته لهم بمكة كما مرّ، وتمثل الأنبياء صلى الله عليهم وسلم له حين اجتمع بهم عليه الصلاة والسلام وصلى بهم، وقوله: ووقوفه على مقاماتهم إذ رأى كلاً منهم في سماء على تفاوت رتبهم على ما فصل في حديث المعراج، ولا حاجة إلى تقدير ثم إلى السماء بعد قوله إلى المسجد الأقصى كما قيل لأنه المراد بقوله: لنريه من آياتنا إذ معناه لنرفعه إلى السماء حتى يرى ما رأى. قوله: (وصرف الكلام من الغيبة إلى التكلم ئعظيم تلك البركات والآيات (أي صرف من الغيبة التي في قوله: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ}[سورة الإسراء، الآية: ١] ، إلى صيغة المتكلم المعظم في باركنا وما بعده لتعظيم ما ذكر لأنها كمما تدل على تعظيم مدلول الضمير تدل على عظم ما أضيف إليه وصدر عنه كما قيل:
إنما يفعل العظيم العظيما
فهو التفات ونكتته أن قوله الذي أسرى بعبده يدل على مسيره من عالم الشهادة إلى عالم الغيب فهو بالغيبة أنسب، وقوله باركنا حوله لإنزال البركات فيناسب تعظيم المنزل والتعبير بضمير العظمة، وأيضا هو من عالم الشهادة وقوله: لنريه يفيد الاتصال وعز الحضور فيناسب التكلم معه وأما الغيبة فلكونه ليس من عالم الشهادة ولذا قيل: إنّ الغيبة أليق وآياتنا يناسب التعظيم كما مرّ، وقوله: إنه هو السميع البصير بالغيبة لأنه مقام محو الوجود في غيبة الشهود، فإن قلت الالتفات لا يكون إلا في أوّل ما غير وعدل فيه من الكلام، وهو قوله: باركنا وأما قوله لنريه: وآياتنا فليس فيهما التفات لجريهما على نسق ما قبلهما كما لا يخفى، قلت: مراده أنّ الالتفات في الأوّل وأجرى الكلام عليه دون أن يرجع إلى النمط الأوّل لهذه النكتة أما على قراءة ليريه