أنّ التصريف تكرير الشيء من حال إلى حال والمراد به التعبير عنه بعبارات، ومفعوله محذوف أي صرفناه. قوله:(في مواضع منه (إشارة إلى أن القرآن المراد منه المجموع، وقوله: ويجوز أن يراد بهذا القرآن إبطال إضافة البنات
الخ، لا يعني به أنه أطلق القرآن وأراد به الإبطال من باب إطلاق اسم الحاذ على المحل بل المراد أق هذا القرآن إشارة إلى البعض المشتمل على الإبطال ويؤيده قوله ولقد صرفنا القول في هذا المعنى كما أفاده في الكشف، وصرفنا متعد مفعوله القول المقدر وايقاع القرآن على المعنى وجعله ظرفا للقول إما بإطلاق اسم المحل على الحال لما اشتهر أنّ الألفاظ قوالب للمعاني أو بالعكس كما يقال الباب الفلاني في كذا، وهذه الآية في تحريم كذا أي في بيانه وكلا الاستعمالين شائع، وقوله: أو أوقعنا الخ على تنزيله منزلة اللازم وتعديته بفي كما في قوله: تجرج في عراقيبها نصلي، وفي نسخة بالواو بدل أو فيكون مع ما قبله وجهاً واحدا ويكون قوله على تقديره ولقد صرفنا القول بيانا لحاصل المعنى لا لتقدير المفعول لكنه خلاف الظاهر. قوله: اليتذكروا (إشارة إلى أصك لفظه وأنه من التذكر بمعنى العظة وأما قراءة التخفيف فمن الذكر بمعنى التذكر ضد النسيان والغفلة، ثم إن الزمخشري أشار إلى نكتة هنا وهو أنه قال أي كرّرناه ليتعظوا ويعتبروا ويطمئنوا إلى ما يحتج به عليهم فإن التكرار يقتضي الإذعان واطمئنان النفس به فيكون قوله: وما يزيدهم تعكيسا وهو معنى لطيف تركه المصنف رحمه الله، وقوله: وقلة طمأنينة إليه قيل: القلة بمعنى العدم أو كناية عنه ويجوز ابقاؤها على ظاهرها لأنهم ربما اطمأنوا لبعضه ظاهرا، وقوله وفيما بعده هو عما يقولون، وقوله: على أن الكلام مع الرسول صلى الله عليه وسلم بمعنى أنه إذا أمر أحد بتبليغ كلام لأحد فالمبلغ له في حال تكلم الآمر غائب ويصير مخاطبا عند التبليغ فإذا لوحظ الأوّل فحقه الغيبة وإذا لوحظ الثاني فحقه الخطاب كما في قوله تعالى: {قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ}[سورة آل عمران، الآية: ١٢] وقد قرىء بالوجهين وقيل إنه يريد أنه ليس من جملة القول المأمور به بل كلام الله مع رسوله صلى الله عليه وسلم معترضاً بين الشرط والجزاء، وعلى قراءة الخطاب هو متعلق بالشرط وفيه نظر. قوله: (مما أمر الرسول صلى الله عليه وسلم الخ (أي باعتبار حاله عنده مكالمتهم لا باعتبار حاله مع الله، وقوله مما نزه به نفسه أي ابتداء من غير أمر للرسول صلى الله عليه وسلم لهم، وقولي عن قولهم وهو أن مع الله آلهة وقوله وجزاء للو لاقترانها بإذا واللام وقوله لطلبوا الخ فقوله إلى ذي العرس بمعنى إلى مقابلته ومغالبته والمعازة بالزاي المعجمة مفاعلة من العز ومعناها المقاومة والمغالبة من عزه إذا غلبه وهذه الآية، كقوله تعالى:
{لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا}[سورة الأنبياء، الآية: ٢٢] ففيها إشارة إلى برهان التمانع بتصوير قياس استثنائي استثنى فيه نقيض التالي كما سيأتي تقريره ثمة. قوله: (أو بالتقرب إليه والطاعة (فالسبيل بمعنى الوسيلة الموصلة إليه وضمير ابتغوا فيهما للآلهة قالوا إنه إشارة إلى قياس اقتراني والمراد بالآلهة من عبد من أولي العلم كعيسى والعزير عليهما الصلاة والسلام وتقريره هكذا لو كان كما زعمتم آلهة لتقربوا إليه وكل من كان كذلك ليس إلها فهم ليسوا بآلهة ولو على الأول امتناعية وعلى هذا شرطية والقياس مركب من مقدمتين شرطية اتفاقية وحملية. قوله: (ينزه تنزيهاً (يشير إلى أنّ سبحان مصدر سبح بمعنى نزه وبرأ لا بمعنى قال سبحان الله كما م تقريره، وينزه بالياء في أوّله مجهول مضارع نزه تنزيها كما في النسخ الصحيحة لا بالتاء ماضي تنزهاً كما ظنه بعضهم فحبط إذ قال قدر فعله من التفعل لا من التفعيل ليناسب قوله تعالى ولم يقل تنزها لما مر أن سبحان من التسبيح الذي هو التنزه وقوله تعاليا إشارة إلى أن علوّاً مصدر من غير فعله كقوله أنبتكم من الأرض نباتا. قوله: (متباعداً غاية البعد) إشارة إلى أن الكبر من صفات الأجسام فإذا وصفت به المعاني فسر بما يليق بها وهو ما ذكره هنا، وذكر العلوّ بعد عنوانه بذي العرش في أعلى مراتب البلاغة، وقوله: ما يمتنع بقاؤه أي عادة لا بالذات ولذا توالد وتناسل لبقاء نوعه في الجملة. قوله:(ينزهه عما هو من لوازم الإمكان) يعني أن في قوله تسبح الخ استعارة تمثيلية أو تبعية كنطقت الحال فإنه استعير فيه التسبيح للدلالة على وجود فاعل قادر حكيم واجب الوجود منزه عن الإمكان وما يستلزمه كما يدل الأئر