للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على مؤثره فجعلت تلك الدلالة الحالية كأنها تنزيه له عما يخالفه:

وفي كل شيء له آية تدل على أنه الواحد..٠

فلوازم الإمكان الأمور الموجبة والمستلزمة له وقوله: حيث الخ إشارة إلى أنها محتاجة

إلى الفاعل في الوجود والبقاء لأنّ سببه الإمكان والحدوث على ما اختاره المحققون من أهل الكلام وبهذا ظهر وجه الشبه وان الدلالة مشبهة بالتنزيه لا أنها مفروغ منها كما توهم. قوله: (أيها المشركون (إشارة إلى جواب سؤال مقدر وهو أنه إذا كان التسبيح بمعنى الدلالة الظاهرة المشبهة بالتنزيه كيف قيل إن الناس لا يفهمون ذلك وكثير من العقلاء فهمه ولهذا ذهب بعض الظاهرية وارتضاه الراغب أنه تسبيح حقيقي ولكنا لا ندركه لحكمة ولا يستغرب هذا وقد

سبح الحصى في كف نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام وسلمت عليه الحجارة فدفعه بأن الخطاب للمشركين والكفرة بقرينة ما قبله فإنه مسوق لهم وهم لو فقهوه ما أشركوا وسيأتي ما يرد عليه ودفعه وأن السؤال مدفوع على عموم الخطاب أيضا. قوله: (ويجوز أن يحمل التسبيح على المشترك الخ (معطوف على ما قبله بحسب المعنى أي يجوز أن يراد به الدلالة على تنزيه الباري عما ذكر مطلقا سواء كانت حالية أو مقالية على أنه من عموم المجاز أو بالجمع بينهما على رأي من جوزه، وعبر بالجواز رداً على ما يفهم من ظاهر كلام الكشاف من منعه وإشارة إلى أنه مرجوج عنده لأنه مع بعده لا يلائمه قوله لا تفقهون لأن منه ما يفقهه المشركون وغيرهم وهو التسبيح اللفظي وأن أجيب عنه بأنهم لعدم تدبرهم له وانتفاعهم به كان فهمهم بمنزلة العدم أو أنهم لعدم فهمهم لبعضه جعلوا كمن لا يفهم الجميع تغليباً وهذا وان حسم السؤال لكنه ضغث على إتالة، وقوله وعليهما عطف على قوله على المشترك أي على اللفظ والدلالة الحالية معاً، وقوله على معنييه أي الحقيقيّ والمجازي كما يحمل على الحقيقيين والمجازيين. قوله: (وقرأ ابن كثير الخ (قرأ أبو عمرو والأخوان وحفص بالتاء الفوقية تسبح له السموات، والباقون بالتحتية لأن التأنيث مجازي مع الفصل، وقال ابن عطية أنه أعيد على السموات والأرض ضمير العقلاء لإسناد ما هو من أفعالهم لها، ورده المعرب بأنه ظن أن ضميرهت يخص العاقلات وليس كذلك. قوله: (حين لم يعاجلكم الخ (إشارة

إلى دفع ما قيل جعل الخطاب للمشركين لا يناسب قوله أنه كان حليما غفوراً فالظاهر أنه للمؤمنين وأن قوله لا تفقهون إشارة إلى ما عليه الأكثر من الغفلة وعدم العمل بمقتضاه، ورد بأنه لا يلتئم مع ما قبله من الإنكار على المشركين لما أسندوه إليه فلما نزهه عنه قال هذ التنزيه مما شهد به حتى الجماد، وأما التذييل بقوله أنه كان حليما الخ، فوجهه كما أشار إليه المصنف رحمه الله أنه لا يعاجلهم بالعقوبة مع كفرهم وقصورهم في النظر ولو تابوا لغفر لهم ما صدر منهم فكأنه قيل ما أحلم الله وأكرمه وهذا في غاية البلاغة والانتظام. قوله: (يحجبهم عن فهم ما تقرؤه (قيل عليه إنه وان روي عن قتادة واختاره الزجاج وغيره لا يلائم قوله: بينك وبين الذين الخ إلا بتقدير حذف مضافين أي جعلنا بين فهم قراءتك وأيضا هو على هذا مكرر مع ما بعده من غير فائدة جديدة فالأولى أن يحمل على ما روي من أنها نزلت في أبي سفيان وأبي جهل والنضر وأئم جميل إذ كانوا يؤذونه إذا قرأه فحجب الله أبصارهم عنه فكانوا يمزون ولا يرونه، ومن الناس من يرد عليه بأنه سهل من غير بيان لوجه ألسهولة وكان السكوت عنه خيرا له بل الظاهر أنه لا يقدر فيه وإنما يلزم لو كان حقيقة وهذا تمثيل لهم في عدم استماع الحق بمن كان وراء جدار وحجب كما أن الأكنة كذلك وأما الإعادة من غير إفادة التي اذعاها فقد كفانا المصنف رحمه الله شرها فإن قوله: تسبح له السموات الخ نفي لفهمهم للأدلة الآفاقية والنفسية ثم عقبها بما هو أبلغ وهو أنهم لا يفهمون فصيح المقال فضلا عن دلالة الحال ثم صرح بما اقتضاه من كونهم مطبوعين على الضلال وأي فائدة بعد هذا أجل لمن كان ذا بال وقد تتبعنا كلام الكشاف والمصنف فرأيناهما إذا اقتصرا على تفسير أو قدماه فهو مأثور عن السلف ما لم يدع داع إلى سواه. قوله: (ذا ستر كقوله تعالى: {وَعْدُهُ مَأْتِيًّا} (لما كان الحجاب ساترا لا مستورا ذهبوا في تأويله إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>