للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أن يكون مجازاً عنه، وقوله على القلب: أي قلب العين إلى محل اللام أو هو بمعنى نهض أي أسرع بتقدير مضاف أي أسرع بصرف جانبه، ومعنى الجانب على ما مرّ أو معناه تثاقل عن أداء الشكر وفي الكشاف أنّ قوله: ونأى بجانبه تأكيد للأعراض، فاورد عليه أنه ينبغي ترك العاطف لكمال الاتصال إلا أن يراد أنه كالتأكيد أو هو تفسير كما قيل، وإذا كان بمعنى الاستكبار لا يكون تأكيدا، ولا يخفى أن قوله ونأى بجانبه لكونه تصويراً لأعراضه كما في الكشف أوفى بتأدية المراد ومثله يجوز عطفه لإيهام المغايرة بينهما وهو أبلغ من ترك العطف كما قرّره في المطول في قوله: ويذبحون أت اءكم مع أنّ ما ذكره أهل المعاني غير مسلم كما سيأتي ومعنى الاستكبار مبين في قوله تعالى: {وَاسْتَكْبَرُوا} الآية، وقوله: من روح الله بفتح الراء بمعنى رحمته وشدة يأسه، لأنه لم يعامله في الرخاء حتى يرجو فضله في الشدة. قوله: (كل أحد) إشارة إلى تقدير المضاف وأن التنوين عوض! عنه، وقوله: على طريقته تفسير للمشاكلة بطريقته أي مذهبه لأنّ أصل الشواكل الطرق المتشعبة لتشاكلها أي تشابهها في الشكل، فسميت عادة المرء بها لأنها تشاكل حاله في الهدى والضلال، وهذا أنسب مما بعده ولذا قدمه. قوله: (أو جوهر روحه وأحواله التابعة لمزاج بدنه) فالشاكلة الروج، فالمعنى حينئذ أن كل أحد يعمل على وفق روحه فإن كانت روحه ذات شقاوة عمل عمل الأشقياء وان كانت سعيدة عمل عمل السعداء أو عملاً عائدا على روحه خيرا وشرّاً، واختلف في الأرواح والنفوس الناطقة الإنسانية هل هي مختلفة الماهية واختلاف أفعالها لاختلاف ماهيتها أولاً، واختلاف الأحوال لاختلاف الأمزجة، قيل: وفي كلام المصنف رحمه الله إشارة

إلى المذهبين والأوّل هو المختار الموافق لظواهر النصوص وفيه نظر. قوله: (أسدّ طريقاً (فكثرة الهداية أو قوّتها بشدة سدادها وصوابها، والمنهج الطريق، وتفسيرها بالطبيعة لأنها من الشكال الذي يقيد به لأنّ سلطان السجية قاهر للإنسان وضابط له، ولذا قال: كل ميسر لما خلق له ولذا أطلقها على العادة والدين لعدم خروج الإنسان منهما فهو كالمقيد. قوله: (من الإبداعيات الكائنة بكن) الإبداعيات ما خلق من غير مادة، فقوله: الكائنة تفسير وتعريف لها لأنهم فرقوا بين الخلق والإبداع بما ذكر كما فصله في شرح الإشارات، وقوله: كأعضاء جسده مثال للمنفيّ وهو ما خلق من مادّة فالمراد بالأمر على هذا التفسير قول كن، ولذا قالوا لمثله عالم الأمر، والسؤال على هذا عن حقيقتها والجواب إجماليئ بأنها من المبدعات من غير مادة، ولذا قيل إنه من الأسلوب الحكيم كما في قوله: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ} إشارة إلى أن حقيقتها لا تعلم وإنما يعلم منها هذا المقدار. قوله: (أو وجد بأمره (أي بفعله وخلفه أو بقوله: {كُن فَيَكُونُ} الأمر بالمعنى السابق والفرق بتغاير المسؤول عنه، ودلالته على الحدوث على الأوّل ظاهرة وعلى الثاني لتوقف الأمر على الإرادة بنص قوله إنما أمرنا لشيء إذا أردناه أن نقول له: كن فيكون وأذا كان السؤال عن القدم والحدوث فالجواب مطابق له، وبيان لحدوثه، كما أشار إليه بقوله بتكوينه فإنّ التكوين يقتضي حدوث ما تعلق به وان قيل بأنه صفة قديمة على ما فصل في الكلام وقوله: استأثر الله بعلمه أي اختص به وفي نسخة استأثره بتعديته لتضمينه معنى خصه وقد مرّ مثله، فالأمر على هذا بمعنى الشأن واحد الأمور، ومن تبعيضية ويكون نهياً لهم عن السؤال عنها وتركا للبيان. قوله: (روي انّ اليهود قالوا لقريش الما التمسوا منهم لكونهم أهل كتاب أن يذكروا لهم أموراً يمتحنون بها النبيّ صلى الله عليه وسلم وهو مروفي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في السير قال: بعثت قريش النضر بن الحرث وعقبة بن أبي معيط إلى أحبار يهود بالمدينة، وقالوا لهما: سلاهم عن محمد فإنهم أهل كتاب عندهم من العلم ما ليس عندنا

فخرجا حتى قدما المدينة، فسألاهم فقالوا لهما: ما ذكره المصنف إلا أنه ملخص مما فصلوه وهذا كان والنبيّ صلى الله عليه وسلم بمكة، فتكون هذه الآية مكية لا مدنية كما ذكره المصنف رحمه الله في أوّل هذه السورة، وقال ابن كثير في البداية والنهاية ثبت في الصحيحين أنّ اليهود سألوا النبيّ صلى الله عليه وسلم بالمدينة عن الروح فتلا عليهم هذه الآية ولذا كان من العلماء من قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>