للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إنها نزلت مرّة ثانية بالمدينة ومنهم من قال: إنما ذكر بها جوابها وان كان نزولها متقدما ومن قال إنها نزلت بالمدينة واستثناها ففي قوله نظر، اهـ يعني أنه غير صحيح لمخالفته ما مرّ عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، ومنه يعلم ما في كلام المصنف رحمه الله فتدبر، وقوله: فإن أجاب عنها أي عن جميعها أو سكت عن جميعها فليس بنبيّ أمّا الأوّل فلأنّ بعضها وهو أمر الروح مما لم يبينه الله وأمّا الثاني فظاهر، وقوله: وهو مبهم أي غير مبين في التوراة يشير إلى أنّ عدم بيانه لا ينافي النبوّة. قوله: (وقيل الروح جبريل) عليه الصلاة والسلام فيكون السؤال عنه لذكره أنه منزل عليه فأجيبوا بأنه مخلوق من مخلوقاته وكذا في الوجه الذي بعده ولكن المصنف مرضه لقلة جدواه، فما قيل إنه لا يظهر لقوله من أمر ربي يعني على هذا لا وجه له. قوله: (تستفيدونه) أي العلم وكون النظري مستفادا من الضروري مبرهن في محله وأمّا كون الضروريات كلها مستفادة من الإحساس فأكثرقي، وهو كاف لإثبات المقصود فلا ينافي كون التجربة والحدس والوجدان قد تكون مبدأ لاكتساب بعض النظريات، وقوله: من فقد حسا الخ أي فقد العلم المستفاد منه وهو ظاهر. قوله: (ولعل كثر الآشياء لا يدركه الحس الكونه غير محسوس أو محسوساً منع مانع عن إحساسه كالغيبة ونحوها، فيكون غير المعلوم أكثر من المعلوم كما نطق به النظم، وقول: لا شيئا من أحواله المعرفة لذاته المعرفة صفة للأحوال، والتعريف شامل للجدّ والرسم والأحوال العرضيات فالمراد أنّ الحس قد لا يدرك عرضيات يرسم شيئاً بها فضلاً عن أن ينتقل منها الفكر بواسطتها إلى ذاتياته فيقف على حقيقته لتعسر الوقوف على حقائق الأشياء فلا وجه لما قيل عليه إنا لا نسلم أنّ بالحس! يحصل التمييز بين

الذاتيات والعرضيات وأنّ مقتضى ما ذكره أنّ التعريف بغير الذاتيات لا يفيد العلم أصلاً وليس كذلك، وأغرب منه تجويزه أن يكون قوله المعرفة مفعولاً مطلقا ليدرك من غير لفظه، وقوله: وهو إشارة الخ أي قوله: وما أوتيتم من العلم الخ فإنّ ذكره بعده رمز إلى أنه مما لا يعلم بكنهه بل بعوارضه ككونه مخلوقا لله، وقوله: فلذلك أي لكونه لا يمكن معرفة ذاته اقتصر في بيان السؤال عن حقيقته بناء على أنّ السؤال عنها على ما ذكر من الجواب دون شرح الماهية إذ قال: من أمر ربي على معنى أنه من إبداعياته وقوله: كن، وقوله: كما اقتصر موسى الخ إلا أنّ الفرق أنّ بيان كنه الروح ممكن بخلاف كنه الذات العلية. قوله: (فقالوا ما أعجب شأنك الخ) تفريع للإنكار على عدم الاختصاص، فإنه إذا عتم الخطاب يلزم التناقض فإنه قد حكم على أنّ كل من أوتي الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا أي علما كثيرا وقد حكم بانهم لم يعطوا عموما من العلم إلا قليلاً وسيأتي دفعه فلا وجه لما تيل إن الفاء للتعقيب دون السببية ولك أن تجعلها لها باعتبار الجزء الثاني من الجواب، وإنما أنكروه لأنهم أهمهم السؤال عن الاختصاص بالخطاب، لكن قراءة الأعمش وما أوتوا من العلم إلا قليلاً تقتضي اختصاصهم وأنّ هذه الرواية غير صحيحة، كما قاله العراقي، وقوله: ساعة متعلق بتقول والجملة تفسير لقوله ما أعجب شأنك. قوله: (وما قالوه) من ظن التناقض بين القلة والكثرة المذكورتين لأن القلة والكثرة من الأمور الإضافية فالشيء الواحد يكون قليلاً بالنسبة لما فوقه وكثيراً بالنسبة لما تحته، وقوله: ما تسعه القوّة وفي نسخة الطاقه أي لا كل معلوم ولا كلى ما يمكن أن يعلم وقوله: بل ما ينتظم به معاشه ومعاده للإضراب عن الأوّل بتفسير الجملة بتفسير أخص من الأوّل، وقوله: بالإضافة إليه كثير أي بالإضافة إلى الإنسان المعلوم من السياق أو إلى خير الدارين أو إلى ما ذكر من كونه ينال به ذلك، وقوله: النائب مناب الخ فهو يغني عن تقديره وليس جوابا لأن لدخول اللام عليه وهو ظاهر، وقوله: ذهبنا بالقرآن المراد بالقرآن هنا عين صورته سواء كانت في نقوس الكتابة أو في الصور التي في القوّة الحافظة فليس فيه عموم المجاز كما قيل، إلا أن يقال: إنّ إطلاقه على نقوش الخط حقيقة عرفية ولا حاجة إليه. قوله: (من يتوكل علينا استرداده (أي من يتعهد ويلتزم استرداده بعد رفعه كما يلتزم الوكيل ذلك فيما يتوكل عليه حال كونه متوقعا أن يكون محفوظا في السطور والصدور

<<  <  ج: ص:  >  >>