للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فهو مجاز عما ذكر كما أشار إليه المصنف رحمه الله. قوله: (فإنها إن نالتك فلعلها تسترذه الخ) عبر بلعل لأنّ المعنى لى* تجد وكيلاً باسترداده إلا الرحمة فإنك تجدها مستردّة ولا يلزم من وجود المستردّ الاسترداد مع أنّ إثبات خلاف حكم المستثنى منه للمستثنى غير متعين على ما فصل في الأصول، وقيل إنه أجرى على عادة الله لأنه تقدير لكلامه، ثم إنه وصاحب الكشاف جعلا الاستثناء على هذا متصلاً إذ قابلاه بالمنقطع مع أنه غير داخل فيما قبله لأنّ من يتوكل لذوي العلم فلعلهم أرادوا ما يشمل الرحمة والتعبير بمن على طريق التغليب ولو فسره بالرادّ لكان أظهر، والظاهر أنه منقطع مفسر بلكن أو بل على الوجهين فيه، وأنه على حد قوله:

ولا عيب فيهم غيرأنّ سيوفهم بهن فلول من قراع الكتائب ...

والمستدرك عليه قوله ولئن شئنا لنذهبن. قوله: (فيكون امتناناً بإبقائه) على تقدير كونه منقطعاً كما يدلّ عليه قوله تركته، وأمّ على الاتصمال فيدلّ على أنه بعد الذهاب به لعلها تستردّه فهي دالة على عدم الإبقاء، والمنة في تنزيله من قوله: وتنزل من القرآن ما هو شفاء، وقوله: كإرساله تمثيل للفضل المأخوذ من الآيات السابقة، وقوله: إبقائه في حفظه أي في حفظ الله كما قال: وانا له لحافظون وهذا من قوله ولو شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك كما تدل عليه لو الامتناعية، وقيل المراد حفظ النبيّ صلى الله عليه وسلم وخص به مع عموم المصاحف والمصدر السابق لأنه في بيان تفضله عليه وكون هذا مراداً بالفضل يستفاد من سوق الآية، وذكر إرساله وانزال الكتاب من حيث إنه يستتبعهما حفظ الوحي ولا يخفى ما فيه. قوله: (وفيهم العرب العرياء) أي الخلص من أهل اللسان النازل به، ونص على دخولهم في العموم لأنّ التحدي إنما وقع لهم، وأرباب البيان عطف تفسير، وقوله: ولولا هي أي اللام الموطئة لأنّ معها يتعين الجواب له كما فصل في النحو، وقوله: بلا جزم دفع لما يتوهم من أنه لا يصلح له لكونه مرفوعا بثبوت النون لأنّ الشرط إذا كان ماضيا قد لا يعمل في الجزاء لأنه إذا لم يؤثر في الشرط ظاهراً مع قربه جاز أن لا يؤثر في الجواب، والبيت المذكور لزهير من قصيدة في مدح هرم بن سنان ومعناه إذا أتاه خليل أي صاحب أو فقير على أنه من الخلة، وهي الحاجة ويوم مسألة أي يوما يسأل الناس فيه لقحطهم وفي رواية مسغبة أي جوع، ويقول مرفوع وهو محل الشاهد أي لا يمنعه لتعلله بعدم حضور ماله ولا يحرمه بردّه، وحرم كحذر صفة من الحرمان، وتظاهروا

بمعنى اجتمعوا وتعاونوا. قوله: (ولعله لم يذكر الملائكة لآنّ إتيانهم الخ) قيل عليه لا اشتباه في كون القرآن معجزاً للملك أيضا بدليل قوله: ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً فإنه صريح في عجز غير الله عنه وإنما لم يذكروا لأنّ التحدّي ليس معهم والتصدي لمعارضته لا يليق بشأنهم لأنهم معصومون لا يفعلون إلا ما يؤمرون، فلا يناسب أن ينسب ذلك إليهم، وأجيب عنه بأنه ليس معناه أنّ الملائكة عليهم الصلاة والسلام يقدرون على ذلك، بل مبناه على الفرض والتقدير لأنه مبعوث للثقلين فيكون التحدي معهم والأولى الاقتصار على أن التحدي كان معهم لأنه قيل بعموم رسالته صلى الله عليه وسلم للملك أيضا فيقال: لم يذكر الملك لأنّ التحدي لم يقع معهم فيكفي في كونه معجزا عجز من تحداه به، وهو مراده وما قيل إنه يلزم من هذا الفرض وهو كونه من الملك لا من الله عدم ثبوت الرسالة مدفوع بأنّ الملك لا يأتي بمعجزة لمفتر، وفيه نظر لأنه يلزم أن يكون مفتريا في قوله إنه من عند الله فتأئل، وقوله ولأنهم، كانوا وسايط فلا يلائمه قوله: لا يأتون بمثله بحسب الظاهر إذ معناه لا يأتون به من عندهم، فمن قال لا يصح قوله لا يأتون بمثله لم يصب، وجمع الوسايط مع أن الواسطة جبريل عليه الصلاة والسلام فقط لأن ما جاز أن يكون لواحد من جنس يجوز أن يكون لباقيه. قوله: (ويجوز أن تكون الآية تقريرا الخ) لأنّ عدم قدرة الثقلين على ردّه بعد إذهابه مساو لعدم قدرتهم على مثله لأنّ ردّ. بعينه غير ممكن لعدم وصولهم إلى الله فلم يبق إلا رده بمثله فصرّح بنفيه تقريراً له، فاندفع ما قيل إنه لا يصح لأنّ القدرة على

<<  <  ج: ص:  >  >>