للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ملكاً لجعلناه رجلاَ وللبسنا عليهم ما يلبسون فتدبر. قوله: (وكذلك بشرا) أي في قوله: أبعث الله بشراً رسولاً لا في قوله هل كنت إلا بشراً رسولاً كما في الكشف، وقوله: أوفق بمعنى أكثر موافقة للمقام وأنسب، ووجهه على ما ذكره الشارح العلامة وصاحب التقريب أنه على الحالية يفيد المقصود بمنطوقه، وعلى الوصفية يفيد خلاف المقصود بمفهومه أمّا الأوّل: فلأن منطوقه أبعث الله رسولاً حال كونه بشراً لا ملكا ولنزلنا عليهم رسولاً حال كونه ملكاً لا بشراً وهو المقصود، وأمّا الثاني: فلأن التقييد بالصفة بفيد أبعث بشراً مرسلاً لا بشراً غير مرسل، ولنزلنا عليهم ملكاً مرسلا لا ملكا غير مرسل وهو خلاف المقصود، وقال في الكشف: تبعا لشيخه وجهه أنّ التقديم عن موضعه الأصليّ دلّ على أنه مصت الإنكار في الأوّل أعني قوله: أبعث الله بشراً رسولاً فيدلّ على أنّ البشرية منافية لهذا الثابت أعني الرسالة كما تقول أضربت قائماً زيداً، ولو قلت أضربت زيداً قائما أو القائم لم يفد تلك الفائدة لأنّ الأول يفيد أن المنكر ضربه قائماً لا مطلقا والثاني يفيد أنّ المنكر ضربه لاتصافه بصفة مانعة ولا يفيد أنّ أصل الضرب حسن مسلم، والجهة منكرة هذا إن جعل التقديم للحصر، فإن جعل للاهتمام دلّ على أنه مصب الإنكار وان لم يدل على ثبوت مقابله، وعلى التقديرين فائدة التقديم ظاهرة. قوله: (على أني رسول الله إليكم الخ) إشارة إلى أنهم لما استبعدوا أن يكون الرسول بشراً رد عليهم بوجوه، وهي أنّ الملك لو ادعى الرسالة لم يكن له بد من دليل بالمعجزة فما يدلّ على نبوّة الملك يدل على نبوّة البشر فلا وجه

للتخصيص واليه أشار بقوله: إذ جاءهم الهدى أي المعجز الهادي إلى التصديق وأنه لو كان أهل الأرض ملائكة، وجب أن يكون رسلهم كذلك، لأنّ الجنس إلى الجنس أميل فلما كانوا بشراً كان المناسب أن يكون رسلهم من جنسهم ولذلك امتن الله عليهم، بقوله: لقد جاءكم رسول من أنفسكم وأيضا أنه لما أظهر المعجزة على وفق دعواه كان ذلك شهادة منه كافية في صدق المدعي، وهذا الجواب الأخير هو معنى هذه الآية كما قرّره المصنف رحمه الله تبعا للإمام وهو أوفق بالسياق فلذا رجحه. قوله: (أو على أني بلغت ما أرسلت به الخ (اقتصر في الكشاف عليه وأخره المصنف لما سمعته وأمّا كونه أوفق بقوله إنه كان بعباده الخ كما قيل فلا وجه له لأنّ معناه التهديد والوعيد بأنه يعلم ظواهرهم وبواطنهم وأنهم إنما ذكروا هذه أشبه للحسد وحب الرياسة والاستنكاف عن الانقياد للحق، كما ذكره المصنف رحمه الله. قوله: (الباطنة الخ الف ونشر على الترتيب، وقوله: فيجازيهم إشارة إلى أنّ علم الله عبارة عن المجازاة كما مرّ، وقوله: وتهديد للكفار إشارة إلى ما مر، وضمير منها للأحوال، قوله: اثبتا الياء أي ياء المهتدي، وغيرهما حذفها. قوله تعالى: ( {وَمَن يَهْدِ اللهُ} الخ (قال الفاضل المحشي: الظاهر أنه ابتداء أخبار منه تعالى لا مندرج تحت قوله: قل لأن قوله ونحشرهم يأباه ويحتمل اندراجه تحته ونحشرهم حكاية لما قاله الله له أو التفات، وقوله: فلن تجدلهم من الحمل على المعنى بعد الحمل على اللفظ وحمل قوله: ومن يهد الله الخ على اللفظ إفراداً لأنّ طريق التوحيد واحدة بخلاف طرق الضلالة، فإنها متشعبة فلذا حمل فيها الجمع على المعنى، وهذا مما حمل فيه على المعنى ابتداء من غير تقدم حمل على اللفظ وهو قليل، وقال أولياء: مبالغة لأن الأولياء إذا لم تنفعهم فكيف الوليّ الواحد (قلت) تبع فيه أبا حيان ولا وجه له فإنه حمل فيه على اللفظ أولاً إذ في قوله يضلل ضممير مفرد محذوف إذ تقديره يضلله على الأصل وهو راجع إلى لفظ من فلا يقال إنه لم يتقدهه حمل على اللفظ، وأغرب منه ما قيل إنه قد يقال: إن الحمل على اللفظ قد تقدمه في قوله: من يهد الله وإن كان في جملة أخرى، وقوله: روي الخ حديث صحيح ووقع في البخاري بمعناه عن أنس رضي الله عنه، والمشي على الوجه هو الزحف منكباً ومعنى سحبهم عليها جرّ الملائكة لهم منكبين عليها، كقوله: يوم

يسحبون في النار على وجوههم ولم يذكر المصنف هذه الآية ويجعلها مفسرة لهذه لأنّ هذا في الحشر وذاك بعد دخول النار وهما وجهان متغايران بتغاير المتعلق، ومن قال: إق في كلامه ألغاز أو أنه يحتمل أن يكون وجها واحداً فقط خبط خبط عشواء

<<  <  ج: ص:  >  >>