قوله:(وسبب نزولها أنّ اليهود الخ (وقائله منهم حيي بن أخطب كما رواه الترمذي عن
ابن عباس رضي الله تعالى عنهما يعنون الاعتراض بأنه وقع في كتابكم تناقض بناء على أنّ الحكمة هي العلم وأنّ الخير الكثير هو عين الحكمة لا آثارها وما يترتب عليها لأنّ الشيء الواحد لا يكون قليلا وكثيرا في حالة واحدة وجوابه ما مرّ من أنّ القلة والكثرة من الأمور الإضافية فيجوز أن يكون كثيراً في نفسه وهو قليل بالنسبة إلى شيء آخر كمعلوماته تعالى فنزلت الآية جوابا لهم لأنّ البحر مع عظمته وكثرته خصوصا إذا ضمّ إليه أمثاله قليل بالنسبة إلى معلوماته وهو صريح فيما ذكر، وقوله: الإحاطة على كلماته ضمنه معنى الوقوف فعداه بعلى والا فهو لا يتعدى بها، وقوله: وإنما تميزت عنكم بذلك أي بالوحي وحاصله أنه أورد على الآية أن المراد أنّ كلماته لا تنفد وغيرها ينفد ولو كان مداده البحار فكيف قوله قبل أن تنفد، ودفع بأن القبلية والبعدية لا تقتضي وجود ما أضيف إليه قبل وبعد فجاء زيد قبل عمرو أو بعده لا يقتضي مجيء عمرو، إلا أنه خلاف ما وضع له ولذا قيل: إنه يكفي فرضه، وتوضيحه إنه إنما يقتضيه لو كان قبل وبعد على حقيقته وهو مجاز بمعنى دون وغير أي تحقق نفاد غير
كلمات الله واليه أشار في الكشاف بقوله: والكلمات غير نافدة. قوله: (يؤفل حسن لقائه) وفي نسخة يأمل حسن الخ وسقط كله من بعضها أي يؤمّل أن يلقاه بعد البعث وهو راض عنه، ولذا قدر فيه المصنف رحمه الله مضافا لأنه هو المرجوّ لا اللقاء إذ هو محقق، ويجوز أن يجعل اللقاء هو المرجو والمعنى من رجا ذلك يعمل صالحاً فكيف من يتحققه وفسر الرجاء في الكشاف بالخوف لأنه من الأضداد كما ذكره أهل اللغة أي من كان يخاف سوء لقائه وإنما المفتوحة وان كفت بما في تأويل المصدر القائم مقام الفاعل واقتصر على ما ذكر لأنه ملاك الأمر، وعن معاوية رضي الله عنه أنّ قوله:{فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ} الخ، آخر آية نزلت وفيه كلام. قوله:(بأن يرائيه أو يطلب منه أجرا) ضمير يرائيه لأحد أي يعمل رياء للناس أو يأخذ على عمله أجراً كما تراه الآن وهو يقتضي المنع منه والزجر عليه، وقوله: فإذا اطلع بصيغة المجهول وتشديد الطاء أي اطلع عليه أحد، وقوله: إنّ الله لا يقبل ما شورك فيه جعل سرور العامل باطلاع أحد على عمله إشراكا له بالله وان كان في ابتداء عمله أخلص نيته وهو مشكل لأنّ السرور بالاطلاع عليه بعد الفراغ منه لا يقتضي الحبوط وحمله على ما إذا عمل عملاً مقرونا بالسرور المذكور كما قيل: ينافيه قوله في أوّل الحديث: إني لأعمل العمل لله وإنما يجاب بما أشار إليه في الإحياء من أنّ العمل لا يخلو إذا عمل من أن ينعقد من أوّله إلى آخره على الإخلاص من غير شائبة رياء وهو الذهب المصفى أو ينعقد من أوّله إلى آخره على الرياء وهو شرك محبط أو ينعقد من أوّل أمره على الإخلاص ثم يطرأ عليه الرياء وحينئذ لا يخلو طروّه عليه من أن يكون بعد تمامه أو قبله والأوّل غير محبط لا سيما إذا لم يتكلف إظهاره ولم يتمنه إلا أنه إذا ظهرت له رغبة وسرور تام بظهوره يخشى عليه لكن الظاهر أنه مثاب عليه، والثاني وهو المراد هنا فإن كان باعثا له على العمل ومؤثراً فيه أفسد ما فارنه وأحبطه ثم سرى إلى ما قبله، وهو ظاهر فلا إشكال فيه، فإن قلت هذا الحديث يعارض ما رواه الترمذي وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا قال يا رسول الله: إني أعمل العمل
فيطلع عليه فيعجبني، قال: لك أجران أجر السرّ وأجر العلانية قلت هو ما إذا كان ظهور عمله لأحد باعثاً له على عمل مثله والاقتداء به فيه ونحو ذلك، فإعجابه ليس بعمله ولا بظهوره بل بما يترتب عليه من الخير ومثله دفع سوء الظن، ولذا قيل: ينبغي لمن يقتدى به أن يظهر أعماله الحسنة، فمثل هذا له أجران بل أجور فالنبي صلى الله عليه وسلم أجاب كل أحد على حسب حاله، وتسمية الرياء شركا أصغر صح عنه عتيد، وقوله: والإخلاص في الطاعة بناء على ما فسرها به. قوله:(من قرأها في مضجعه الخ) أي في محل نومه، ويتلألأ بالهمز بمعنى يثرق، وقوله: حشو ذلك أي هو مملوء بالملائكة عليهم الصلاة والسلام يدعون له، والبيت المعمور في السماء معروف وقد ذكر العراقي لهذا الحديث سنداً، وقوله: من قرأ سورة الكهف من آخرها قوله: من آخرها يحتمل معنيين أن يكون