ومناسبتة لما قبله ما في عدم الاستئذان من عدم المبالاة بسخله كما أشار إليه المصنف رحمه الله مع ارتباطه بالاستغفار لكنه فيه ضعف لفظي لأنه كان الظاهر أن يقول على بعض وأمّا قوله: بينكم فلا يأباه ولو كان كذلك لورد على الأوّل أيضاً. قوله:(فإنّ دعاءه مستجاب) وفيه بحث لأنه ورد في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قالط: سألت الله ثلاثاً فأعطاني وسألته أن لا يسلط عليهم عدوّاً من غنرهم فأعطاني وسألته أن لا يذيق بعضهم بأس بعض فمنعني وهذا وجه تضعيف المصنف رحمه الله. وأمّا قوله: إنّ لكل نبي دعوة مستجابة واني اختبأت دعوتي شفاعة لأمّتي فلا ينافي هذا إلا باعتبار أنه يقتضي أنّ المجاب بعض دعائه كما ذكره الكرماني لكنه يعلم منه الجواب كما سيأتي وليس أبو عذرة هذا وكيف يرد بعض دعائه وقد قال تعالى: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}[سورة غافر، الآية: ٦٠] وفي الحديث إنّ الله لا يردّ دعاء المؤمن وإن تأخر وقد قال الإمام السهيلي في الروض: الاستجابة أقسام إما تعجيل ما سأل أو أن يدخر له خير مما طلب أو يصرف عنه من البلاء بقدر ما سأل من الخير وقد أعطى عوضاً من أن يجعل بأسهم بينهم بالشفاعة وقال: أئتي هذه أمّة مرحومة ليس عليها في الآخرة عذاب عذابها في الدنيا الزلازل والفتن كما في أبي داود فإذا كانت الفتنة سبباً لصرف عذاب الآخرة عن الأمّة فما أجاب دعاءه لأنّ عدم استجابته أن لا يعطي ما سأل أو لا يعوض عنه ما هو خير منه كما ذكره النووي في الإذكار والكرماني وبقي فيه كلام في الروض فانظره وقوله: فإن دعاءه موجب أي لا يتخلف وفي نسخة مستجاب وهي بمعناها وقد قيل استجابته أغلبية.
قوله:(ينسلون قليلاَ قليلاَ) فهو نظير تدرج وتدخل في دلالة تفعل على مواصلة العمل في مهلة وهو معنى قولهم: إنّ ذلك الفعل وقع قليلا قليلاً وقد في قوله قد يعلم الله للتحقيق أو لتقليله في جنب معلوماته أو للتكثير. قوله:(ملاو " تم إشارة إلى أنه مصدر لاوذ لعدم قلب واوه ياء تبعا لفعله ولو كان مصدر لاذ قيل لياذا كقيام كما ذكر في التصريف وأما بالفتح فهو مصدر لاذ كطواف وهو منصوب على المصدرية أو الحالية بتأويله بملاوذين وأصل معنى لاذ التجأ. قوله: (وعن لتضمته معنى الإعرا ض) وقيل زائدة وقوله: أو يصدّون الخ لأنه كما في الكشاف يقال خالفه إلى الأمر إذا ذهب إليه بدونه ومنه أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه وعن الأمر إذا صد عنه دونه وفي التلويح معنى خالفني عن كذا إذا أعرض عنه وأنت قاصد إياه مقبل عليه فالمعنى يخالفون المؤمنين عن أمر الله أو أمر النبي صلى الله عليه وسلم ويجوز أن يكون على تضمين المخالفة معنى الأعراض أي معرضون عن الأمر ولا يأتون بالمامور به فعلى الأوّل يتعدّ! إلى المفعول الأوّل بنفسه وإلى الثاني بعن حقيقة وعلى الثاني هو لازم مضمن. وفي شرح مقامات الزمخشري له خالف عنه إذا تركه وخالف إليه إذا أقبل نحوه قال ابن الزبعري:
ومن لا يخالف عن ردى الجهل يندم
انتهى وظاهره أنه إذا كان بمعنى الصد لا تضمين فيه وقد قيل: إنه تضمين فيجوز أن
يكون حمل عليه في التعدية دون تضمين لأنه بمعناه أيضاً ويجوز أن يكون مجازاً وقيل إنه إذا تعدّى بعن ضمن معنى الخروج وأصل معنى المخالفة أن يأخذ كل واحد طريقاً غير طريق الآخر في حاله أو فعله كما قاله الراغب وهو تحقيق لمعنى المفاعلة فيه المبني عليه معناه فتدبر. قوله:(وحذف المفعول) وهو المؤمنين لا الرسول دون المؤمنين أي خلاف المؤمنين فإنهم لا يخالفونه كما قيل لإقدامهم فإنّ معنى مخالفته من حيث الفعل والترك قبل ومنه ظهر أنه لا يناسب كون المفعول الرسول سيما إذا عاد ضمير أمره إليه فافهم وقوله: (فإنّ الأمر له والرسول) مبلغ. وقوله: واستدل به أي بما ذكر في هذه الآية على أنّ الأمر أي مطلقاً ما لم تقم قرينة على خلافه للوجوب كما في الأصول وإنما يتم الاسندلال إذا أريد بالأمر الطلب لا الشأن كما في قوله على أمر جامع وقد جوزا فيه مع إرادتهما معاً وتقريره أنّ تعليق الحكم بالوصف مشعر بالعلية فخوفهم وحذرهم من إصابة الفتنة والعذاب يجب أن يكون بسبب
مخالفتهم الأمر بترك المأمور به أو موافقته الإتيان به لأنه المتبادر لا عدم اعتقاده أو حمله على غير ما هو عليه بأن يكون للوجوب أو الندب مثلاً فيحمل على غيره فسوق الآية للتحذير عن مخالفة الأمر وإنما يحسن ذلك إذا كان فيها خوف الفتنة أو العذاب إذ لا معنى للتحذير عما لا مكروه فيه ولا يكون في مخالفة الأمر خوف