للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الفتنة أو العذاب إلا والمأمور به واجب إذ لا محذور في ترك غيره لا يقال هذا إنما يتم بوجوب الخوف والحذر بقوله: فليحذر وهو محل النزاع وعلى تقدير عموم أمره وهو ممنوع بل هو مطلق ولا نزاع في كون بعض الأوامر للوجوب لأنا نقول لا نزاع في أنّ الأمر قد يستعمل للإيجاب والأمر بالحذر من هذا القبيل إذ لا معنى للندب والإباحة. والحذر عن إصابة المكروه واجب وأمره مصدر مضاف ولا عهد فهو عام لا مطلق وعلى تقدير إطلاقه يتم المطلوب لأنّ المدعي أنّ مطلق الأمر للوجوب إذ لا نزاع في مجيئه لغيره بقرينة والأقرب أن يقال المفهوم من الآية التهديد والوعيد على مخالفة الأمر فيجب أن يكون حراما كذا قيل: وقد أورد على قوله لا معنى هنا للندب والإباحة إنه لا يلزم منه كونه للإيجاب لجواز كونه للتهديد وردّ بأنه بعد تسليم كون التهديد معنى حقيقيا للأمر لا معنى له لأنّ المهدد عليه مدلول ذلك الأمر كما في اعملوا ما شئتم والحذر ليس مما يهدد عليه بل عدمه وفيه أنا لا نسلم كون التهديد دائما كذلك والمثال الجزثي لا يجد به فالصواب أنه على تقدير التهديد يثبت المدعي كما أشار إليه بقوله: والأقرب الخ. وأورد على قوله: وعلى تقدير كونه مطلقاً الخ أنّ المطلق في المدعي بمعنى المطلق عن القرينة وهو غير المطلق في التقرير فلا يثبت المدعي على ذلك التقرير إلا أنه لا بعد بينهما فإنّ المطلق عن القرينة شائع في محتملاته ومثله لا يخفى على مثله ومقتض الأمر المأمور به وقوله بالحذر عنه أي عن أحد العذابين وقوله: فإن تعليل لقوله يدل وبه تندفع المصادرة السابقة. قوله: (يدل على حسنه) أي حسن الحذر لأمر الله به وقد قال: إنّ الله لا يأمر بالفحشاء فذلك الحسن معلوم بأخبار الشارع أنه حكيم لا يأمر بما لش فيه حسن فسقط ما قيل عليه من أنه مخالف لمذهب الأشعرية الذين منهم المصنف إذ الحسن والقبح عندهم لا يعلم إلا من جهة الشرع وأمّا عند الماتريدية ففيه كلام في الأصول وقوله المشروط صفة الحسن. قوله: (بقيام المقتصى له) وهو الترك وضمير له للعذاب لا للحذر كما توهم أي لا يحسن الحذر عن العذأب إلا بعد وجود المقتضي للعذاب وهو ترك المأمور به بقرينة توله: يخالفون. وقوله: وذلك أي قيام مقتضى الحذر يستلزم وجوب ترك المحذر عنه. وهو مخالفة الأمر فيلزم وجوب امتثاله فيكون للوجوب وهو المطلوب. ولا يرد على هذا التقرير أنه متوقف على كون أمر الحذر للوجوب فهو مصادرة كما مر تفصيله لعدم توقفه عليه لكنه قيل عليه إنه يتوقف على كون المرإد بالأمر مقابل النهي وليس بمتعين كما مر مع أنّ الأصل في الإضافة العهد فالظاهر أنّ المراد بأمره الأمر الجامع السابق وما في الكشاف من أنه ليس بوجه لفوات المبالغة والتناول الأولى والعدول عن الحقيقة في لفظ المخالفة والأمر عن ضرورة لا يدفع الإشكال لأنّ فوات المبالغة والتناول لا يقاوم العهد ولا

عدول عن الحقيقة لأنّ الأمر حقيقة في الحادثة وكذا المخالفة فيما ذكر ولو سلم فهو مشترك الإلزام فإنه ليس حقيقة في المعنى العام وقوله: بلا ضرورة ممنوع فإنّ إضافة العهد صارفة عن المعنى الحقيقي وهذا مكابرة ومنع مجرد لا يسمع فإنّ الأبلغية لا شبهة فيها فإنّ تهديد من لم يمتثل أمره أشد من تهديد من تركه بلا إذن وكون الأمر حقيقة في الطلب هو الأصح في الأصول. والمخالفة المقارنة للأمر لا شبهة في أنّ حقيقتها عدم الامتثال واشتراك الإلزام ليس بتام لأنّ أمره إذا عم يشمل الأمر الجامع بمعنى الطلب أيضا وعهد الإضحافة ليس بمتعين حتى يعدّ صارفا فتأمّل. قوله: (أيها المكلفون) فدخل فيه المنافقون السابق ذكرهم كما أشار إليه المصنف لكنه قيل إنه بطريق التغليب لأنّ الخطاب قبله للمؤمنين ويؤيده قوله ويوم يرجعون إليه. قوله: (وإفما كد علمه بقد) في الكشاف ومرجع توكيد العلم إلى توكيد الوعيد وذلك أنّ فد ذا دخلت على المضارع كانت بمعنى ربما فوافقتها في الخروج إلى التكثير كقوله: أخوثقة لايهلك الخمرماله ولكنه قديهلك المال نائله ...

فاسنعمل للتأكيد والتقوية ما يدل على التكثير لأنه في قوّة التكرير وقد قيل: إنه يجوز أن يكون إدخال قد على المضارع ليزيد أهل الحق تحقيقاً ويفتح لأهل الريب إلى الاحتمال طريقاً فإنه يكفي للخوف من النكال حروف الإهمال ولا يكفي أنه تكلف ما لا يدل عليه اللفظ فإنها إما للتحقيق أو للتكثير وهو إما حقيقة

<<  <  ج: ص:  >  >>