للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فعال لما يريد لا يسأل عما يفعل وأمّا كون الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يعلمون أنه إذا حملهم الله تعالى رسالة أنه يمكنهم من أدائها ويبقيهم إلى وقت إلقائها، وإن كان بناء على اكثر لقتل بعض الأنبياء فغير مسلم لما مر، وقوله: ذاك إشارة إلى قوله إني أخاف أن يكذبون الخ، فإن قلت استدفاع البلية

يكون قبل الأداء وبعده فلا وجه لتقييد هذا به، ومقابلته للاستظهار بل هو مناسب للاستظهار، وتدارك مصلحة النفس، والتوقي غير مناف لمقام النبوّة كما كان يفعله نبينا صلى الله عليه وسلم حتى نزل عليه والله يعصمك من الناس، قلت: بعد أمر الله له بالتبليغ اللائق ملاحظة ذلك والخوف من فوات ما أمر به لا التوقي والاستظهار في أمر الدعوة يكون بعد الأداء لأنه طلب ظهورها وشيوعها فلا يرد ما ذكر، وهو اللائق بمقام أولي العزم الباذلين مهجهم في سبيل الله، وتوقي الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لا ينافيه فإنه لخوف فوات مصلحة الرسالة أيضا، وان كان حفظ النفس في ضمنه أيضاً فتأمّل. قوله: (إجابة له إلى الطلبتين) تثنية طلبه بوزن كلمة، وهي ما يطلب، وهو لف ونثر مشوّس فإنّ الإجابة إلى الثانية بكلا، والى الأولى باذهبا، وقدّمت الثانية لاختصاصها بموسى عليه الصلاة والسلام، ولذا فسروه بارتدع دون ارتدعا وبوعده متعلق بالإجابة ولدفع مفعول وعده أي موسى عليه الصلاة والسلام واللام للتقوية، وردعه مفعول اللازم، ويجوز أن يكون فاعله أي اللازم له ردعه فالجواب معلوم بطريق الكناية، وقيل إنه مجاز، وضم أخيه عطف على وعده. قوله: (والخطاب الخ) لأنّ السياق يقتضي عدم حضور هرون ولا ينافي هذا ما ذكره في تفسير قوله: {اذْهَبْ أَنتَ وَأَخُوكَ} [سورة طه، الآية: ٤٢] وقوله لأنه معطوف الخ تعليل للتغليب لأنّ كلا بمعنى ارتاع يا موسى فالخطاب له فقط وخطاب غيره بالتبعية له، والفاء ققتضي فهمه مما قبله وهو قوله فأرسل، وقيل إنها فصيحة، وقد قيل إنّ هرون كان إذ ذاك بمصر. قوله: (يعني موسى وهرون وفرعون) قيل والظاهر أنه لموسى وهرون ومن تبعهما من بني إسرائيل فيتضمن الكلام علوهما واعزازهما لقوله في القصص {وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا} [سورة القصص، الآية: ٣٥] أو لهما تعظيما ويأبى هذا ما بعده وما قبله من التثنية كما أنه يرد على لأوّل أنّ المعية لا تختص بأحد لقوله: {وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ} [سورة المجادلة، الآية: ٧] ولا أكثر إلا وهو معهم والخاصة وهي معية الشفقة، والنصرة لا تليق بالكافر ولو بطريق التغليب، وقد يقال خصوص المعية لا يلزم أن يكون بما ذكر بل بوجه آخر، وهو تخليص أحد المتخاصمين من الآخر بنصرة المحق والانتقام من المبطل كما أشار إليه في تفسير قوله مستمعون فلا غبار عليه مما ذكره أرباب الحواشي. قوله: (سامعون لما يجري بينكما وبينه) أعلم أنه في الكشاف جعل مستمعون قرينة معكم في كونه من باب المجاز، والله تعالى يوصف بأنه سميع وسامع ولا يوصف بأنه مستمع، اهـ محصله وأشار شراحه إلى أنّ السمع انكشاف ما فهو في حقه تعالى بمعنى الانكشاف التامّ المناسب له، ولا يعلم حقيقته إلا هو، وقد وصف الله بهما فإن كان

ذلك في الأزل قيل سميع وإن كان فيما لا يزال قيل سامع، وهو بحسب الأصل مجاز إن كان مقيداً بالحاسة، ثم صار كالحقيقة وأمّا مستمع فلا يطلق عليه تعالى لأنه مقدمة جسمانية له كالنظر للرّؤية، ولأن فيه تلمسا للإدراك ينزه الله عنه سواء أكان بحاسة أم لا فسقط ما قيل من أنّ السمع في الحقيقة إدراك بحاسة فإن أريد به مطلق الإدراك فالاستماع مثله فلا حاجة إلى التجوّز فيه، ثم إنّ لهم في فهم كلامه طريقين احدهما أنّ قوله أنا معكم مستمعون جملته استعارة تمثيلية كما ذكره المصنف رحمه الله تعالى بقوله مثل الخ لكنه مشكل لأنه حينئذ لا تجوّز في شيء من مفرداته، ولا يكون مستمعون مطلقاً على الله فلا حاجة إلى جعله بمعنى سامعين إلا بتكلف سيأتي، والثاني أنّ قوله مستمعون مجاز عن سامعين إمّ استعارة أو مجازاً مرسلاً أو كناية لتلازمهما غالبا، وقوله إنا معكم استعارة تمثيلية، وقوله: قرينة بمعنى مقترنة في المجازية معها واختاره الفاضل اليمني، واً وّل كلاميه يناسبه لكن قوله: يريد أنا لكما ولعدوّكما كالناصر الظهير لكما عليه إذا حضر واستمع يدل على أنه جعل مستمعون من جملة التمثيل لقول المصنف رحمه الله استماعا كما قاله بعض الشراح وأمّا ما قيل من أنّ اللازم في التمثيل بقاؤه على ما كان عليه قبل النقل حقيقة كان أو مجازا، والاستماع

<<  <  ج: ص:  >  >>