للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في المستعار منه كناية عن السمع لأنه المقصود، وكل منهما يوجد بدون الآخر فكذا في المستعار له فمع كون كلام الكشاف والمصنف رحمه الله صريحاً في خلافه بعيد جدّا، ولا فائدة تحته وجعل قوله: مثل بمعنى شبه وأنه استعارة بالكناية في الضمير المستتر في معكم لا يدفعه فإنّ تشبيهه تعالى بالحاضر لما ذكر يقتضي كون مستمعين بمعناه، والتخييلية يراد حقيقتها فالظاهر أنه أراد الثاني، وأنّ قوله إنا معكم تمثيل له في نصره وامداده بمن يحضر خصمين ليعين أحدهما، ويكون الاستماع بحسب ظاهره لكونه لم يطلق عليه كالسمع كالقرينة له وان كان مجازا عن السمع، والقرينة في الحقيقة عقلية، وهي استحالة حضوره تعالى في مكان والاستماع المذكور في تقرير التمثيل ليس هو الواقع في النظم بل هو من لوازم حضور الحكم للخصومة، ولما كانت المعية الخاصة تستعار لما يؤثر كالحفظ في قوله: {إِنَّ اللهَ مَعَنَا} [سورة التربة، الآية: ٤٠] كما ذكر السمع قرينة هنا لما ذكر، ووزانها وزان أني معكما أسمع وأرى فلا غبار في كلام الشيخين فتدبر. قوله: (مبالغة) علة لقوله مثل، وقوله: ولذلك أي لقصد المبالغة، وتوله: تجوّز لما عرفت أنه لا يطلق عليه، وجعل التجوّز هنا بمعنى الكناية تعسف بارد، وأصل معنى الإصغاء الميل للسماع، ثم تجوّز به عنه مطلقا، وقوله: الذي هو مطلق إدراك الحروف إشارة إلى أنه لا يتقيد بالحاسة، وإنما هو انكشاف مخصوص كما هو مذهب أهل السنة بل أهل اللغة فلذا أطلق عليه تعالى بخلاف الاستماع كما مر، وقوله معكم لغو أي متعلق بمستمعون، وقيل إنه حال من ضميره وتقديمه للاهتمام أو الفاصلة أو الاختصاص إن أريد معية مخصوصة. قوله: (لأنه

مصدر) بحسب الأصل وصف به الآن هنا كما يوصف بغيره من المصادر للمبالغة كرجل عدل فيجري فيه ما يجري فيه من الوجوه، وقد قيل إنه لما كان له جهتان تبعيته لموسى عليهما الصلاة والسلام، وكونه وزيراً، وكونه نبيا مرسلاً من الله روعي كل من الجهتين فأفرد مرة وثني أخرى ولا ينافيه جمعهما في المسند إليه، وان لزم منه اشتراكهما في المسند لأنّ الإشعار في لفظ لا ينافي النظر إلى الواقع في آخر نعم في كلامه خلل من جهات ليس لنا حاجة إلى بيانها هنا. قوله: (فإنه مشترك) أي بين المعنيين، وأن كان مصدراً في الأصل لأنه صار حقيقة في المعنى الآخر، وبه سلم من كون فعول بمعنى مفعل لم يسمع في غيره. قوله: (لقد كذب الخ (هو من شعر لكثير عزة وقبله:

حلفت برب الراقصات إلى منى خلال الملا يمددن كل جديل

لقد الخ وبعد.:

فلاتعجلي يا عزأن تتفهمي بنصح أتى الواشون أم بحبول

وقد روي هذا البيت مقدما والمعنى ما أرسلتهم برسالة إذ أرسلته بمن أرسل لا وجه له، والتجريد يأباه المقام إذ لا مبالغة فيه كذا في الكشف، وقد قيل عليه إنه لا مانع من كونه فيه بمعنى المرسل وأرسلتهم بمعنى أرسلت إليهم على الحذف، والإيصال وهو كثير في فصيح الكلام والمعنى ما وقفوا على سرى بالذات، ولا بالواسطة، وهو المناسب، وما ذكره مبنيّ على أنّ ضمير أرسلتهم للمرسل لا للمرسل إليه، وليس بشيء لأنّ المتعارف أنّ الباء لا تدخل إلا على ما مع الرسول كالهدية فلا يقال أرسلت برسول، وأنما يقال أرسلت الرسول بالهدية أو بالكتاب، وكذا بعثت ولذا اعترض على قول المتنبي:

فآجرك الإله على عليل بعثت إلى المسيح به طبيبا

فهو محتاج إلى التجريد، وإنما لم يحمل أرسلتهم على الحذف لأنه خلاف الظاهر من

غير فائدة مع أنّ قوله فلا تعجل، ومعنى الواشي يناسب ما ذكر فتدبر، وقوله ولدّلك أي لكونه مشتركا أو مصدراً. قوله: (أو لاتحادهما الخ) فكأنهما نفس واحدة لما ذكر، أو لتبعية هرون لموسى عليهما الصلاة والسلام كما مر ولا ينافيه التثنية مع التصريح بالوزارة لأنه لئلا يكون المقام خلواً عن الإشارة إلى الجهتين كما ثني هنا قولاً، وهذه النكتة في الحكاية فلا منافاة بينهما حتى يقال إنه وقع مرتين أو مرة بما يفيد التثنية، والاتحاد فساغ التعبير بكل منهما، والمرسل اسم فاعل هو الله والمرسل به الشريعة والتوحيد. قوله:) أو لأنه الخ) يعني أن قوله

إنا بمعنى إنّ كلامنا فصح إفراد خبره كما يصح في ذلك، وفائدته الإشارة إلى أنّ كلا منهما مأمور بتبيغ ذلك ولو منفردا، فما قيل: إنّ التثنية تفيد هذا فلا فائدة في العدول عنها، وأنّ مثله إنما هو في تاويل

<<  <  ج: ص:  >  >>