لبغض أمّه وان كان حسنا فسكنى عن حسنه بكونه حادرا والحدارة بفتح الحاء، والدال المهملتين كالجسامة لفظاً ومعنى وأراد به القوّة هنا. قوله:(بأن خلقنا الخ) إنما أوّل أخرجنا بخلقنا داعية الخروج وأوجدناها ولم يؤوّله بخلقنا الخروج وان كان كافياً لأنّ مراده أنّ الإسناد هنا مجازيّ لأنه تعالى أوجد فيهم دواعي حملتهم على ذلك، وخلق الدواعي لا ينافي كون الخروج مخلوقاً له أيضا، وقوله بهذا السبب أي الذي تضمنته الآيات الثلاث، وهو متعلق بخلقنا أو بداعية، وضمير حملتهم للدّاعية وقوله وكنوز المراد إمّا الأموال التي تحت الأرض وخصها لأنّ ما فوقها انطمس، أو مطلق المال الذي لم ينفق منه في طاعة الله، والأوّل أوفق باللغة والثاني مروقي عن السلف فلا وجه للتحكم هنا، وقوله يعني الخ تفسير للمقام الكريم. قوله:(وكنوز) قيل عبر به لأنّ أموالهم الظاهرة انطمست فهو من مجاز الأوّل قيل وهو سهو، وفيه ما لا يخفى فتدبر. قوله:(مثل ذلك الإخراج أخرجناهم الا يرد عليه وعلى ما بعده أنه يلزمه تشبيه الشيء بنفسه كما مرّ تحقيقه في
البقرة، وقوله فهو مصدر أي الإشارة بذلك إلى مصدر هو الإخراح والجار والمجرور في محل نصب صفة لمصدر مقدر أو في محل جر صفة مقام، واذا قدر الأمر كذلك فالمراد تقريره وتحقيقه، والجملة معترضحة حينثذ كالتي بعدها. قوله: (وأورثناها الخ) هو استعارة أي ملك! ناها لهم تمليك الإرث بعد زمان أو بعد إغرإق الفراعنة إن قيل إنهم دخلوها وملكوها حينئذ لكن المذكور في التواريخ أنهم لم يدخلوها في حياة موسى عليه الصلاة والسلام وضمير فأتبعوهم الفاعل لقوم فرعون، والمفعول لبني إسرائيل أي أتبعوا أنفسهم بني إسرائيل حتى لحقوهم وهو معطوف على قوله فأخرجناهم، وقوله مشرقين حال. قوله:(لملحقون) من أدركه إذا لحقه وفي قراءة التشديد هو على قوله فأخرجناهم، وقوله مشرقين حال. قوله:(لملحقون) من أدركه إذا لحقه وفي قراءة التشديد هو من الإدراك وهو والتتابع بمعنى وهو ذهاب أحد على أثر آخر، ثم صار في عرف اللغة بمعنى الهلاك وأن يفنى شيئا بعد شيء حتى يذهب جميعه كما في قول الحماسي:
أبعد بني أمي الذين تتابعوا أرجى حياة أم من الموت أجزع
ولذا فسره بقوله أي لمتتابعون الخ، وفي نسخة لمتشايعون والتشايع بمعنى التتابع كما في القاموس وغيره. قوله تعالى:( {إِنَّ مَعِيَ رَبِّي} ] قال بعض الفضلاء قدّم المعية هنا وأخرها في قوله: {إِنَّ اللهَ مَعَنَا}[سورة التوبة، الآية: ٤٠] نظرا للمقام لأنّ المخاطب هنا بنو إسرائيل، وهم أغبياء يعرفون الله بعد النظر والسماع من موسى عليه الصلاة والسلام والمخاطب ثمة الصديق، وهو ممن يرى الله قبل كل شيء، ولذا خص المعية هنا بقوله بالحفظ والنصرة كما أخبره الله بقوله:{إِنَّا مَعَكُم مُّسْتَمِعُونَ}[سورة الشعراء، الآية: ٥ ا] على ما مرّ وقال معي دون معنا لأنه هو المتيقن لذلك بما أوحى إليه وهم خائفون، ولذا قالوا إنا لمدركون، وخص نغسه بذلك، وان كانت نصرته مستلزمة لنصرتهم إشارة إلى أنه هو المقصود بالذات، وأنّ عناية الله بهم لأجله فلا وجه لما قيل إنّ الأنسب أن يفسر بأن معي وعد ربي لأنه لو كان معناه لما ذكر قيل معنا مع أنّ الماس واحد عند التحقيق، فمن قال إنّ هذا لا يدفع إلا نسبية فقد وهم-، وقوله غشيك أي لحقك، وقوله أو مرأى أرجوا أن يامرني الله بما أصنع وهو الدخول في البحر وكان لم يؤمر به
قبل الوصوف إليه. قوله: (القلزم) كقنفذ بلد بين مصر ومكة قرب جبل الطور، واليه يضاف بحر القلزم لأنه على طرفه أو لأنه يبتلع من بركته لأنّ القلزمة الابتلاع، والنيل معروف وقوله فضرب نانفلق إشارة إلى أنّ الفاء فصيحة. قوله:(وصار اثني عشر فرقاً بينها مسالك) يسلك في كل منها سبط من الأسباط الاثني عشر، والمراد بالفرق ما ارتفع من الماء فصار ما تحته كالسرداب لا ما انفصل من الماء عما يقابله فلا يرد عليه أنه لا بد من كون الفرق ثلاثة عشر حتى يحصل اثنا عشر مسلكاً بعدد الأسباط ليدخل كل سبط في شعب لأنّ الفرق إذا كانت اثني عشر لزم كون الشعوب التي في خلالها أحد عشر فلا يتمّ ما ذكر، ولا حاجة إلى ما قيل من أنه ليس الأمر كما توهم بل يلزم مما ذكر كون الشعوب التي في خلالها ثلاثة عشر لأنّ الفرقين الطرفين لا بدّ أن يكونا منفصلين مما يحاذيهما من البحر إذ لو اتصلا لم يميزا عنه، ولم يتحقق حينئذ اثنا عشر فرقاً بل أقل كما لو كانوا في الفروق نفسها غاية الأمر أنه