لم يذكر فائدة الشعب الزائد على الاثني عشر، ولعله لم يدخل فيه من آمن بموسى عليه الصلاة والسلام من القبط، ولذا قال بعض فضلاء العصر من العجم إنه ممنوع لأنّ الفرق عبارة عن قطعة من الماء ارتفعت عن سطح البحر بضربه حتى صارت كالجبل فلا يلزم كون الفرق ثلاثة عشر على تقدير كون المسالك اثني عشر إلا إذا فرض أنه لكل ضربة انكشف الماء إلى ناحية المسلك، وصار كطودين منكشفين له فيزيد حينئذ عدد الفرق على المسالك، أما على ما ذكر فلا والحاصل أنه لو كان المراد بالفرق طائفة انفصلت منه، وصارت كالجسر لزم ما ذكر أمّا لو أريد به ما ارتفع عن الأرض، وصار تحته أرض يب! كالسرداب، والفرق هو الماء المرتفع كالسقف والقبة والطود فلا، وقد صرّح به المصنف بقوله كالجبل الخ والنظم صريح فيه أيضاً وهذا إشكال مشهور، والأمر فيه سهل كما سمعته، وما صار مسلكاً ليس هو البحر بل موضعه فهو إمّا استخدام أو على تقدير مضاف وهو موضع، والمنيف بمعنى العالي والشعاب طرق في الجبال استعيرت.
قوله:(فدخلوا الخ) هو لبيان الواقع لا ليعطف عليه، قوله: وأزلفنا كما توهم حتى يكون الأنسب نأدخلنا لأنه معطوف على قوله فأوحينا، ولا حاجة إلى التقدير، وثمّ ظرف مكان بمعنى هنالك، وقوله حتى دخلوا الخ إشارة إلى أنّ قربهم من قوم موسى عليه الصلاة والسلام لما ذكر، ويجوز أن يراد قرب بعضهم من بعض لئلا ينجو منهم أحد، وقوله إلى أن عبروا أي جازوا البحر من العبور، واطباقه عليهم بعد خروج موسى وقومه، وقوله وأية آية إشارة إلى أنّ التنوين للتعظيم. قوله:(وما تنبه الخ) هو من مفهوم الجملة الحالية يعني أنّ أهل عصره مع
هذه الآية العظيمة التي تقتضي تصديقه بعدها في كل ما جاء به منهم من بقي على كفره كبقية القبط، ومنهم من عصاه، واقترج عليه ما اقترح كبعض بني إسرائيل وقوله وبنو إسرائيل الخ مبتدأ خبره سألوا الخ يعني أنهم أيضا لم يؤمنوا بها، وألا لما صدر عنهم ما صدر ولعل مراده بذكر هذا بيان ما صدر من قومه أيضا، ويحتمل أن يكون إشارة إلى أنّ ضمير أكثرهم شامل لقوم فرعون، ولمن كان مع موسى عليه الصلاة والسلام، وقوله: سألوا بقرة يشير إلى قولهم اجعل لنا إلها كما لهم آلهة لأنهم كانت لهم تماثيل على صور البقر، وقوله: بأوليائه عداه بالباء لتضمنه معنى الرؤف. قوله:(على مشركي العرب) خصهم، وإن قيل إنه لجميع الناس لأنه جدّهم فذكر قصته لهم ليأتسوا به ولذا غير الأسلوب فيه، وقوله ليريهم أي ليعلمهم بذلك لا للاستعلام إذ هو معلوم مشاهد له، وتوله لا يستحق العبادة لقوله هل يسمعونكم الخ وضمير قومه لإبراهيم لا لأبيه، وإن وافق قوله أراك وقومك لما فيه من التفكيك، وقوله لها متعلق بنظل أو بعاكفين. قوله:(فأطالوا جوابهم) وكان يكفي أن يقولوا أصناما، وقوله بشرح حالهم أي ملتبسا به، وفي نسخة وشرح حالهم وهو مفعول معه وقيل إنه من باب علفتها تبنا وماء بارداً، أي وذكر واشرح حالهم معه، وليس لفظ الشرح مقحما وضممير معه للجواب، وكونه للأصنام بتأويل ما يعبدون بعيد، وكذا كونه لإبراهيم عليه الصلاة والسلام ومع بمعنى عند، وقوله تبجحا بتقديم الجيم على الحاء بمعنى سروراً. قوله:(ونظل ههنا بمعنى ندوم) هي فعل ناقص دالّ على اقتران مضمون الجملة بالنهار أو بمعنى صار، وكلامه يحتمل أنها ناقصة أريد بها الدوام كما يكون كان كذلك، ويحتمل أن يريد إنها تامّة بمعنى دام كقولهم لو ظل الظلم هلك الناس كما ذكره ابن مالك، وان أنكره بعض النحاة وعاكفين على الأوّلين خبر وعلى هذا حال. قوله:(وقيل الخ) فهي ناقصة دالة على اقتران مضمون الجملة بالنهار كما مرّ، ومرضه لأنّ المتبادر منها الأوّل، وهو أبلغ مناسب لمقام التبجح واختار هذا الزمخشري لأنه أصل معناها لأنه من الظل، وهو مناسب للمقام أيضا لأنه يدلّ على إعلانه لافتخارهم به. قوله:(يسمعون دعاءكم) سمع إذا دخل على مسموع تعدى إلى واحد نحو سمعت كلام زيد، وان دخل على غير مسموع ذهب الفارسيّ إلى أنه يتعدى إلى اثنين إلا أنه لا بد أن يكون الثاني مما يدلّ على صوت كسمعت زيداً يقول كذا، وذهب غيره إلى أنه في ذلك متعد إلى واحد فإن كان معرفة فالجملة حال، وان كان نكرة فصفة وجوّز فيها البدلية أيضاً، واذا علق بالذات أفاد