يسمعون دعاءكم إشارة إلى أنه متعد لواحد داخل على مسموع مقدر، وقوله:{هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ}[سورة الشعراء، الآية: ٧٢] إشارة إلى أنه من القبيل الثاني داخل على غير مسموع، وبعده جملة مقدرة واعرابها كما سمعت، فقوله: فحذف ذلك أي المضاف أو جملة تدعون، وقيل يسمعون بمعنى يجيبون كما في الحديث:" اللهم إني أعوذ بك من دعاء لا يسمع " أي لا يستجاب وقد جوّز ذلك في قوله: {إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء} لكن إبقاؤ. على معناه هنا أنسب وقوله: وقرئ يسمعونكم أي من الأفعال. قوله:(ومجيئه مضارعاً الخ) يعني لم يقل يسمعونكم تدعون على النهج المعروف، ولا إذ دعوتم لكون إذ لما مضى فيناسب ذكر الماضي معها لأنه أتى بما ذكر للدلالة على أنها حال ماضية، وعبر بالمضارع لاستحضار تلك الحال وحكايتها، وأمّا كون هل تخلص الفعل المضارع للاستقبال بخلاف الهمزة كما ذكره النحاة، وأهل المعاني فلا يضرّ هنا كما توهم لأنّ المعتبر زمان الحكم لا زمان التكلم، وهو هنا كذلك كما لا يخفى لأنّ السماع بعد الدعاء، وأمّا ارتكاب التجوّز هنا والمناقشة فيه بأنّ الأصلى الحقيقة فمن ضيق العطن، وخمود نار الفطن. قوله:(على عبادتكم لها) ضمنه معنى يجازونكم فعذاه بعلى، وقيل إنها تعليلية، وقوله من أعرض! إشارة إلى أن الضير لا يتعلق بهم، ولذا لم يقل يضرّونكم، وان احتمل تركه للفاصلة، وقوله ضر قدمه لأنه أقرب منهم، وقد قيل إنه أخره لمراعاة السجع مع سمع وليس بشيء، وقوله اضربوا الخ أي أضربوا عن نفعهم، وضرّهم فكأنهم قالوا: لا يضرّون ولا ينفعون، وكذلك صفة مصدر قدم للفاصلة. قوله:(فإنّ التقدّم الخ) يشير إلى أنّ الاستفهام فيه إنكاري للتوبيخ فيتضمن بطلان ا-لهتهم، وبطلان عبادتها وانه ضلال قديم لا فائدة في قدمه إلا ظهور بطلانه لأن المعنى أعلمتم
أيّ شيء عبدتم أنتم ومن قبلكم، وأنها لا تقدر على ضرّ ونفع. قوله:(أعاديهم أنا ولا أعبدهم) بيان لأصل معنى هذا اللفظ، وان لم يكن مراداً منه بل هو كناية أو مجاز عما أشار إليه بقوله يريد الخ وجمع ضمير إنهم مراعاة لمعنى ما وهذا تفصيل لما قبله وتفسير له، أو تعليل لما فهم منه من أني لا أعبدهم أو لا تصح عبادتهم، ويجوز أن يكون خبرا لما كنتم أو المعنى فأخبركم وأعلمكم بمضمون هذا، وقال النسفي: العدوّ اسم للمعادي والمعادي جميعاً فلا يحتاج إلى تأويل فهو كقوله: {وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم}[سورة الأنبياء، الآية: ٥٧] . قوله:(من حيث أنهم يتضرّرون من جهتهم الخ) إشارة إلى أنّ قوله أنهم عدوّ تشبيه بليغ وقوله فوق ما يتضرّر الخ قيل لأنّ المشبه أقوى في وجه الشبه في الواقع، وان كان المشبه به أشهر فلا وجه لما قيل إنه لا دلالة في النظم على هذا المعنى، وقيل إنهم يخاصمونهم إذ ينظقهم الله في القيامة، وقيل إنّ هذا على القلب وأصله إني عدوّ لهم وهو تكلف. قوله:(أو إنّ المغرى (وفي نسخة بالواو والأولى أصح وهو عطف على قوله إنهم يتضرّرون أو على قولهم إنهم أعداء الخ، والمغري بمعنى المرغب الحامل على ذلك فهو مجاز عقلي من إطلاق وصف السبب على المسبب، وقيل إنه على تقدير مضافين أي مغري عبادتهم. قوله: (لكنه صور الأمر في نفسه الخ) أي عبر عن عداوتهم وضررهم لهم بما ذكر من وصف نفسه به على طريق التعريض كما في قوله: {وَمَا لِي لاَ أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}[سورة يس، الآية: ٢٢] والمعنى إني فكرت في عبادتي لها لو صدرت مني قرأيتها للعدوّ الضار فتركتها لمن الخير كله في عبادته، وهذا التعريض يحتمل الكناية والمجاز فإن نظر إلى أنّ الأصنام لا تصلح لعداوة إبراهيم عليه الصلاة والسلام كان مجازاً والا فيكون كناية كذا في شرح الطيبي، وفيه نظر لأن الجماد لا يصلح للعداوة بوجه من الوجوه لا له ولا لهم وفيه كلام في شرح المفتاج للشريف فتأمله. قوله:(فإنه) أي التعريض وعدم التصريح أنفع لعدم تنفيرهم بالمكافحة بالطعن وهو أقرب للقبول، وقوله: وأفراد العدوّ مع أنه خبر عن الجمع إمّا لأنه مصدر في الأصل فيطلق على الواحد المذكر وغيره، أو لاتحادهم في معنى العداوة أو لتاويله بكل منهم كما يشير إليه في قوله:(لكل معبود يعبده) وقوله: أو بمعنى النسب أي ذو كذا فيستوي فيه الواحد وغيره كما في قولك هم ذو عداوة فلا شبهة فيه كما قيل. قوله:(أو متصل (أيمما من ضمير إنهم الراجع إلى ما يعبدون الشامل لله، ولا حاجة على هذا إلى الاستخدام كما قيل وقوله: (وكان من آبائهم من عبد الله) هذا بلا شبهة، وما قيل من إنه لا حاجة