إلى هذا لأنهم مشركون فهم يعبدون الله، والأصنام لقوله:{إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ}[سورة الشعراء، الآية: ٩٨] لا يرد عليه لأنه وجه آخر للاتصال ولذا لم يدع فساده بل عدم الحاجة إليه، وما قيل من أنّ قولهم في
جوابه نعبد أصناما بدون ذكر الله يقتضي قصر عادتهم عليها وما ذكر من الآية ليس محكيا عن قوم إبراهيم عليه الصلاة والسلام، ولو سلم فالمراد بالتسوية مساواة من عبد الله في مطلق العبادة أو تسويتها بالته في استحقاق العبادة، وهو غير مستلزم للعبادة نفسها ليس بشيء لأنّ تخصيص الأصنام بالذكر للردّ عليه، ولأنّ المداومة على عبادتها لا تنافي عبادته أحياناً مع أنّ المصنف رحمه الله قد اعترف بما ذكره القائل في تفسير قوله:. {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي}[سورة الزخرف، الآية: ٢٧] كما سيأتي في سورة الرحمن وما ذكره من تاوبل الآية المذكورة تكلف لم يسبق إليه. قوله:(هداية مدرجة) منصوب على أنه مصدر ليهدي، وقوله دم الطصث أي الحيض هو بناء على ما اشتهم ونقل عن جالينوس، وأنه لذلك يصيبه الجدرى وغيره من الأمراض الدموية لكن الحكيم ابن زهر أنكره وقال إنّ جالينوس أراد بدم الطمث دما في الرحم صالحا لا دم الحيض فإنه دم فاسد لو اغتذى به لاجنين لم تتصوّر حياته، وإنما لم ينصبّ دم الحيض مدة الحمل للرحم لاشتغال الرحم، وهو وان كان مما يقبله العقل فالظاهر أنه لا يعلم حقيقته إلا الله فلا يجزم بشيء منهما إلا إذا اعتضد بدليل سمعيّ. قوله:(والفاء للسببية) في خبر الموصول لتضمنه معنى لشرط، وقوله وللعطف أي على الصلة والصفة إمّا منصوبة أو مرفوعة على القطع، وقوله لأنه يهدي كل مخلوق الخ إشارة إلى أنّ ما ذكر من الحكم ليس خاصا به، وان صوّر في نفسه للتعريض كما مرّ فسقط اعتراض! أبي حيان بأن الفاء إنما تزاد في خبر الموصول لتضمنه معنى الشرط إذا كان عامّا وهذا ليس كذلك مع أنّ اشتراط ذلك فيه غير مسلم كما فصله الرضى، وإنما هو أغلبيّ، ثم إنّ السببية بمقتضى الحكمة فإنّ من أوجده يتكفل بما به قوامه وبقاؤه، وقيل إنها سبب للأخبار لا للهداية فإنها غير مسببة عن الخلق، وانّ السببية قد تجامع العطف كما في الذي يطير الذباب فيغضب زيد فلا وجه للتخصيص. قوله:(فيكون) أي على العطف فإنّ الأصل فيه تماثلهما، ويجوز أن يكون على التقديرين وتقدم الخلق يقتضي المضيّ والاسنمرار من الاسمية التي خبرها مضارع دال على الاستمرار أيضا، وقوله على الأوّل أي كون الذي مبتدأ خبره هو يهدين وقوله على الوجهين أي الابتدائية والوصفية والحكم ما تضمنه الخبر أو الاستئناف من العداوة. قوله:(عطفه على يطعمني (أو على جملة هو يطعمني، وقوله من روادفهما أي توابعهما ولوازمهما
وهو إشارة إلى وجه التأخير:
فإنّ الداء أكثر ما تراه يكون من الطعام أو الشراب
وحكمة تاخير السقي ظاهرة لأنه من توابع الطعام أيضاً ولذا لم يكرر الموصول فيها. قوله: (لم ينسب المرض إليه) أي لم يقل أمرضني مع أنه الممرض حقيقة فأضاف إليه النعم دون النقم تأدّباً، وقوله ولا ينتقض الخ جواب عن سؤال مقدّر لكن قوله فإنّ الموت الخ غير تامّ في دفعه فإنه لا يلزم من عدم إحساس ضرره وألمه أن يكون نعمة، وكونه مع ما بعده جوابا واحداً خلاف الظاهر إذ كان الظاهر الاقتصار عليه كما في بعض شروح الكشاف، وقد اعتذر عنه في الانتصاف بأن الموت لما علم أنه قضاء محتوم من الله لا يخص أحداً، ولا كذلك المرض فكم معافى منه سقط كونه بلاء فساغ في الأدب نسبته إليه تعالى فتأمّل. قوله:(المحالث) هي نعيم الجنة ورضوان الله، ومنه تخليص العاصي أيضاً من اكتساب المعاصي، وقوله ولأنّ المرض معطوف على قوله لأنّ مقصوده الخ، وقوله إنما يحدث الخ فلما كان سببه الظاهر منه، ومن تركيبه نسب إليه وجعل كأنه فاعل حقيقيّ له بخلاف الصحة، ولو طارئة وأمّا ما يحصل بالعلاج والاحتماء فليس بمطرد، والأخلاط أمزجة الإنسان الأربعة، والأركان العناصر، وقوله باستحفاظ اجتماعها أي الإخلاط والأركان، وقوله عليها متعلق بالمخصوص لكنه بمعنى المقصور أو بالاستحفاظ أو بقهراً، وقوله يميتني لم يقل هو يميتني لأنّ الإماتة لا تسند لغير الله في لسان العرب. قوله:(ثم يحيين) أورد ثم لما بينهما من التراخي بخلاف غيره، وذكر يوم الدين لظهور المغفرة فيه وهضم نفسه لعدها خاطئة، وكونهم على حذر لأنّ المعصوم