للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وسياسته مصالح فيعود تكلف ذلك واجباً وفد كان وسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل نحوا من ذلك إذا وفد عليه وفد أو احتاج أن يرجح في عين عدوّ ألا ترى كيف أمر صلى الله عليه وسلم العباس بحبس أبي سفيان حتى تمرّ عليه الكتائب وقوله قواعد السياسة في نسخة السيادة. قوله: (والمراد من كل شيء الخ) لأنّ كل للإحاطة، وقد ترد للتكثير كثيراً أو هو كناية أو مجاز مشهور، وظاهره أنّ من زائدة لأنه لولاه لم يحتج للتأويل، ولم يلتفت إليه لأنه غير مناسب لمقام المدح والتحدّث بالنعم. قوله تعالى: ( {مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ} الخ) تخصيص الثلاثة لأنه لم يسخر له الوحش، وتقديم الجن لأنه في بيان التسخر له، وتسخير الجن أعظم أشق من تسخير الإنس والطير ولم يقدم الطير لذلك لئلا يفصل بين الجن والإنس المتقابلين، والمشتركين في التمييز والتكليف، وما قيل من أنّ مقام التسخير لا يخلو من تحقير فهو مناسب لتقديمهم لأنهم أحقر لا الإنس ليس بشيء لأنّ التسخير للأنبياء عليهم الصلاة والسلام شرف لأنه في الحقيقة لله الذي سخر كل شيء، فإن قيل إنه كذلك من حيث هو في نفسه فمسلم لكنه مع أنه لا حاجة إليه ليس مناسبا للمقام، وقوله يحبس أوّلهم على آخرهم أي يوقف أوّلهم شفقة على آخرهم لانتظارهم. قوله: (واد بالشام) وقيل بالطائف، وقوله وتعدية الفعل أي أتى مع أنه يتعدى بنفسه أو بإلى إمّ لأنّ إتيانهم الوادي كان من جانب عال فعدى بها للدلالة على ذلك كما في قول المتنبي:

ولشد ما قربت عليك الأنجم

لما كان قربا من فوق وقوله من عال في نسخة من عل ويصح فيه مع فتح العين كسر

اللام وضمها، وفتحها مع القصر وهو من الظروف بمعنى فوق كما في قوله:

كجلمود صخر حطه السيل من عل

لأنّ الريح كانت تحملهم في الهواء وفيه لغات مذكورة في المطوّلات وقوله أو لأنّ المراد قطعه الخ يعني أنه من قولهم أتى عليهم الدهر إذا أفناهم فالإتيان على الوادي على هذا بمعنى قطعه إلى آخره، وقد كان فيما قبله بمعنى الوصول إليه، وأنفده بالدال المهملة بمعنى أفناه ومنه لنفد البحر وقوله: كانهم أرادوا الخ فالإتيان عليه بمعنى قطعه مجاز عن إرادة ذلك، والا لم يكن لقوله لا يحطمنكم وجه إذ لا معنى للتحذير بعد قطعه ومجاوزته لواد فيه النمل، وأخريات الوادي بمعنى آخره ومنتهاه يقال جاء في أخريات الناس، وهو جمع أخرى بمعنى آخرة فانث باعتبار البقعة. قوله: (قالت نملة الخ) أنثه مراعاة لظاهر التأنيث، وان كانت تاؤه للوحدة وما نقل عن أبي حنيفة رضي الله عنه من أنّ نملة سليمان عليه الصلاة والسلام كانت أنثى استدلالاً بهذه الآية فيه كلام طويل في شروح الكشاف، والمفصل لا حاجة لنابه وقوله: كأنها الخ بيان لمعنى النظم والحطم أصله الكسر والمراد به الإهلاك بوطئهم لها، وقوله فصاحت الخ قيل الفاء لتفصيل ما قبلها، وتفسيره فلا يلزم تكرار قوله فتبعتها بل عدم صحة تفريعه وقيل التابع في قوله فتبعها غيرها بعض النمل وما بحضرتها كلها، أو التبعية الثانية في الدخول للبيوت لا للفرار وهذا أقرب. قوله: (فشبه ذلك الخ) ففيه استعارة تمثيلية شبه الفرار والتصوبت خوفاً وتبعية غيرها لها بمن ينصح آخرين فاتبعوه وامتثلوا مقالته وعبر بذلك وأجرى مجراه، ويجوز أن تكون مكنية، وقوله أجروا الخ أنسب به من التمثيل كما لا يخفى والإجراء مجراهم في النداء، والواو التي هي ضمير العقلاء، وأمّا خلق الله لها عقلاً ونطقاً حقيقياً وان جاز لكنه غير مناسب هنا من ذكر اختصاص سليمان عليه الصلاة والسلام بفهم أصوات الحيوان إلا أن يخص بالطير لظاهر النظم. قوله: (نهى لهم) أي لسليمان وجنوده والمراد نهي النمل عن التوقف حتى تحطم على طريق الكناية لأنّ الحطم غير مقدور للنمل، ولولا هذا لم يصلح للبدل من الأمر أيضا كما في لا أربيك هاهنا فإنه في الظاهر نهي للمتكلم عن رؤية المخاطب،

والمقصود نهي المخاطب عن الكون بحيث يراه المتكلم. قوله: (فهو استئناف (تفريع على كونه نهياً عن التوقف بطريق الكناية لأنّ البدل الاشتمالي إنما يصح إذا لوحظ هذا فاعتراض أبي حيان عليه بهذا غفلة عما أرادوه، وما قيل في جواب إنه كيف تصح البدلية ومدلولهما متخالفان أنه إذا كان المعنى النهي عن التوقف بحيث يحطم زالت المخالفة، وحصل الاتحاد يقتضي أنه بدل كل من كل بناء على أنّ الأمر بالشيء عين النهي بمن ضده، وعلى ما ذكرناه لا حاجة لهذا، وقوله لا جواب له الخ ردّ على الزمخشريّ في تجويزه تبعا

<<  <  ج: ص:  >  >>