وقوله لكل واحد من الأمرين أي المقت والخسارة يعني أنّ اقتضاءه لكل منهما بالاستقلال لا تبعية أحدهما للآخر ولا بد من ذكر كل في عبارة المصنف رحمه ألله لتفيد، وما ذكر فما قيل إنّ الأولى طرحها سهو وقوله مستقل باقتضاء قبحه أي قبح الكفر يعني لو لم يكن الكفر مستوجبا لشيء سوى مقت الله كفى ذلك لقبحه، وكذا لو لم يستوجب شيئا سوى الخسار كفى ٠ قوله:(أو لأنفسهم الخ) فالإضافة فيه لأدنى ملابسة على الأوّل وعلى هذا فهم شركاء في أموالهم فالإضافة حقيقية والصفة مقيدة لا مؤكدة. قوله:(بدل من أرأيتم الخ) ويجوز أن يكون بدل كل لاتحادهما، ولا يرد عليه أن البدل في حكم تكرير العامل ولا عامل هنا ولا أنّ المبدل من مدخول الهمزة يلزم إعادتها معه ولا أنّ البدل لا يصح في الجمل كما توهم أمّا الأوّل فإنما
هو في بدل المفردات كما صرّحوا به، وأمّ الثاني فإنما هو إذا كان الاستفهام باقيا على معناه أمّا إذا انسلخ عنه كما هنا فليس ذلك بلازم، وأمّا الثالث فلأنّ أهل العربية والمعاني نصوا على خلافه وقد ورد في كلام العرب كقوله:
أقول له ارحل لا تقيمن عندنا
ويجوز كون أروني استئنافا على أنه حذف من أرأيتم وأروني إحدى المفعولين وعلى البدلية لا حذف أصلا وهو الداعي لارتكابه، ويجوز أن يكون اعتراضا وماذا خلقوا ساذ مسد المفعول الثاني، وعلى ما اختاره الرضى مستأنف والكلام فيه مفصل في النحو. قوله:) أروتي أيّ جزء من الأرض استبذّوا بخلقه) أي استقلوا به، وإنما فسره بهذا وجعل ما استفهامية لأنّ أم منقطعة متضمنة لبل والهمزة وهي تقتضي التدرّح إذا لم يتقدمها خبر كأنه قيل أخبروني عن الذين تدعون من دون الله هل استبدوا بخلق شيء حتى يكونوا معبودين مثل الله، ثم تنزل وقال ألهم شركة في الخلق ثم تنزل عنه إلى أم معهم بينة على الشرك. قوله:(أم لهم شركة) إشارة إلى أنّ الشرك مصدر بمعنى الشركة ويكون بمعنى النصيب ويكون اسما من أشرك بالله، وقوله فاستحقوا الخ يحتمل أنه مرتب على الشركة في السموات والظاهر أنه على ما سبق من الاستبداد بخلق جزء من الأرض والشركة في خلق السموات، ولا يأبا. كون الأوّل يجامع الثاني وقد مرّ أنّ الكلام مبنيّ على الترقي، ثم إنه قيل إنّ قوله خلق السموات إشارة إلى أنّ فيه مضافا مقدراف والأولى أن لا يقدر على أنّ المعنى أم لهم شركة معه فيهن خلقا، وابقاء لأنّ المقصود نفي آيات الألوهية عن الشركاء، وهذا منها كما قال:{وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ السَّمَاء وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ}[سورة الروم، الآية: ٢٥] وما قدره المصنف هو الموافق لقوله ماذا خلقوا من الأرض لأنّ المناسب لإنكار خلق الله تعقيبه بخلق السماء فتدبر. قوله:(ينطق على أنا، لخذناهم شركاء (من قولهم نطق الكتاب إذا بين وأوضح ومنه قوله تعالى:{هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ}[سورة الجاثية، الآية: ٢٩] وهو مجاز متعارف في هذا والاستعمال على تعديه بعلى لأنه بمعنى يشهد ويدل، وما قيل من أنه عدى بعلى لتضمينه معنى الدلالة كما عديت الحجة بالباء لتضمين معنى النطق والاستعمال على عكسه يأباه إنّ التضمين المصطلح يعطي مجموع المعنيين، والمعنى الحقيقيّ للنطق غير متصوّر هنا وإيتاؤهم الكتاب، وإن كانوا جمادا لأن الضمير للأصنام كما سيصرّح به بناء على زعمهم فليس قوله ينطق تفسيراللإيتاء لما ذكر كما قيل. قوله: (بأنّ لهم شركة جعلية) أي في جعل الأشياء وخلقها، وقوله هم للمشركين في الموضعين لا للأصنام كما في الوجه السابق، وعلى هذا فهو التفات كما قيل والظاهر ما قيل إنه بيان
للضمير الثاني فقط وأم منقطعة للإضراب عن الكلام السابق فلا التفات فيه ولا تفكيك للضمائر لأنه المناسب لآية الروم المذكورة فتأمّل. قوله:(وقرأ نافع الخ (قيل إنه مخالف لمعتاده من جعل ما اتفق عليه أكثر القراء أصلاً يبني عليه تفسيره خصوصاً وقد تضمنت قراءة الأكثر وجها لطيفاً كما أشار إليه وما ذكر غير ملتزم له كما يعرفه من تتبع كتابه وكم من محل مرّ على خلافه، وهو يقول في كل إنه مخالف لعادته وإنما أخره لما فيه من التفصيل ولأن المراد بالبينة الكتاب فالظاهر إفراده، ولذا احتاج العدول عنه إلى نكتة فأعرفه. قوله: (لا بدّ فيه من تعاضد الدلائل) الظاهر أنه على طريق التهكم فانّ الشرك لا يقوم عليه دليل فكيف يكون عليه دلائل متعاضدة فافهم. قوله: (لما نفي أنواع الحجج الخ الا يرد عليه ما قيل من أنّ أنواع الحجج غير منحصرة فيما ذكر لجواز كونه وحيا غير متلو، ولذا قال في آية الأحقاف أو أثار من