علم فجعل ذلك رابع الحجج لأنه مندرج فيما ذكر كما أشار إليه المصنف إذ المراد بما ذكر نفي الدليل العقليّ والسمعيّ أو خص نفي الكتاب إيماء إلى ما ذكر من أنه أمر خطر لا يكفي غير الوحي المتلوّ فيه، وما ذكر ثمة من توسيع الميدان، وارخاء العنان وأمّ كون المؤتى الكتاب إمّا المشركين أو معبوديهم فأيهما حمل عليه انتفى وبقي الآخر غير منفيّ فليس بشيء لأن الكتاب المؤتى لمعبوديهم مؤتى لهم والكتاب الإلهي المؤتى لهم بواسطة معبوديهم لأنهم وسايط بينهم وبين الله على زعمهم. قوله:(والرؤساء الاتباع) في النسخ الصحيحة عطفه بالواو ليشمل الكل وهو المراد وما في بعضها من العطف بأو بمعناها أيضا لأنها للتقسيم على سبيل منع الخلوّ، وقوله بانهم متعلق بتغرير ولا يجوز أن يراد الشيطان لقوله:{وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا}[سورة النساء، الآية: ١٢٠] لأنه ياباه قوله بعضهم بعضاً. قوله:(كراهة أن تزولا) فهو مفعول له بتقدير مضاف كما مرّ وقوله فإنّ الخ تعليل للإمساك بمعنى الحفظ كما أشار إليه، وفيه إشارة إلى أنّ الممكن كما هو محتاج إليه حال إيجاده محتاج في حال بقائه كما هو مذهب محققي أهل الكلام لأنّ علة الاحتياج الإمكان لا الوجود، وقوله أو يمنعهما الخ فيمسك مجاز بمعنى يمنع وأن تزولا مفعول على الحذف والإيصال لأنه يتعدى بمن، وقوله لأنّ الإمساك بيان لوجه التجوّز فيه، ويجوز كون أن تزولا بدل اشتمال من السموات والأرض. قوله:(والجملة سادة مسدّ الجوابين) أي هي جواب القسم الدال عليه اللام وجوأب الشرط محذوف لدلالة جواب
القسيم عليه، ولكونها عين المذكور جعل هذه الجملة ساذة مسدهما بحسب المعنى لا بحسب الصناعة، وان نافية وأمسك بمعنى يمسك. قوله:(حيث أمسكهما الخ) بيان لموقع التذييل مما قبله لأنّ المراد حلمه تعالى عن المشركين مع عظيم جرمهم المقتضى لتعجيل العقوبة وتخريب العالم الذي هم فيه، ومغفرته لمن تاب عن شركه بالإيمان ولولا كرم الله لم يجبّ الإسلام ما قبله فاندفع ما يتوهم من أنّ المقام يقتضي ذكر القدرة لا الحلم والمغفرة، وقوله لئن جاءهم على المعنى وألا فهم قالوا جاءنا كما مرّ تحقيقه. قوله:(أي من واحدة من الأمم الخ) فإحدى بمعنى واحدة وتعريف الأمم للعهد، والمراد الأمم الذين كذبوا رسلهم بقرينة سبب النزول والظاهر أنّ إحدى عام وان كان في الإثبات لأنّ المعنى أنهم أهدى من كل واحدة لا من واحدة ما فلا يقال إنه غير مناسب للمقام. قوله:(أو من الأمّة التي الخ) فالمراد تفضيلهم على تلك الأمم كما يقال هو واحد عصره وفي الكشف نقلاً عن الزمخشري أنّ العرب تقول للداهية العظيمة هي إحدى الأحد واحدى من سبع أي إحدى ليالي عاد في الشدة، ودلالته هنا على تفضيلهم على سائر الأمم ليست بواضحة بخلاف واحد القوم فالتوجيه إنه على أسلوب:
أو يرتبط بعض النفوس حمامها
يعني أنّ البعض المبهم قد يقصد به التعظيم كالتنكير فإحدى مثله، وفيه إنّ إحدى المضاف
قد استعملته العرب للاستعظام فيدلّ على ما ذكر من التفضيل قال ابن مالك في التسهيل وقد يقال لما يستعظم مما لا نظير له هو إحدى الأحد انتهى لكن في شرحه للدماميني إنه إنما ثبت استعماله للمدح في إحدى، ونحوه المضاف إلى جمع مأخوذ من لفظ كإحدى الأحد أو المضاف لوصف كأحد العلماء واحدى الكبر أمّ في أسماء الأجناس كالأمم فيحتاج إلى نقل وفيه بحث. قوله:(على التسبب) هو على الوجهين يعني أنّ النذير أو مجيئه سبب لزيادة النفور فلذا أسند إليه مجازا سواء علم فاعله الحقيقيّ وهم المزدادون أو لم يعلم كما في قوله:
يزيدك وجهه حسناً إذا ما زدته نظرا
وليس هو الله كما علم ثمة لأنّ الفعل لا يسند حقيقة لخالقه فتأمّل. قوله:(وأصله وأن
مكروا الخ) يعني أنه ليس من إضافة الموصوف للصفة والسيئ صفة لمكر آخر مقدر، وهذا عامله كما فصله ولو قيل أصله مكر وأمكر السيء أي الفعل السيء أو الشخص على إقامة المصدر مقام فعله قصرا للمسافة جاز، وأدخل المصنف الباء في قوله بالمصدر على المأخوذ وهو أحد استعماليه، وقد مرّ فيه تفصيل صاحب الكشاف والفرق بين الإبدال والتبذل والتبديل مما ذهل عنه المعترض هنا فلا غبار عليه. قوله:(وقرأ حمزة وحده) الأولى خاف وحده فإنه روي عن غيره أيضاً قال في النشر قرأ حمزة بإسكان الهمزة في الوصل لتوالي الحركات تخفيفا كما أسكنها