لأنها بمعنى الحكم رعاية للخبر، وقوله وضع الظاهر وهو على الكافرين موضع علينا ليدل على أنّ التوبيخ خاص بالكفرة، وإنّ ذلك الحكم لكونهم كفروا لئلا يلزم الجبر أو هو لتعميم الحكم لكل من كفر، وهو اعتراف لا اعتذار وذلك إشارة إلى الحكم. قوله:(وقيل هو قوله الخ (هو رد على الزمخشري حيث فسره بما ذكر ووجهه يعلم مما مرّ في تفسير الآية، وانها غير خاصة بالكفرة. قوله: (أبهم القائل) إذ أتى بفعله مجهولاً وأمّا دلالة عدم ذكر القائل على تهويل القول فلأن الإبهام يشعر بأنّ قائله لعظمته أو كثرته لا يصرّح باسمه، ومن هو كذلك يكون قوله واقعا لا محالة أو إنّ المقصود ذكر ما يهول في حقهم من غير نظر لقائله، ويحتمل أن القائل الخزنة وترك ذكرهم للعلم به مما قبله، وقوله: اللام فيه للجنس لأن فاعل هذا الباب يكون عامّا معزفا بلام الجنس أو مضافا للمعرّف بها، وقوله: سبق ذكره وهو جهنم وهذه اللام يحتمل أن تكون موصولة فإنها تفيد ما يفيده حرف التعريف، ويحتمل أن تكون حرف تعريف لأنه قصد بالوصف هنا الثبوت وهو ظاهر كلامه. قوله: (ولا ينافي إشعاره الخ (يعني أن ما سبق يدل على أنّ دخولهم النار لحكمه تعالى بشقاوتهم والتعليل بالمشتق يقتضي أنه لتكبرهم عن قبول الحق والانقياد للرسل المنذرين عليهم الصلاة والسلام فدفعه، بأن هذا مسبب عن ذاك فالسبب المجموع أو هذا سبب قريب وذاك سبب بعيد فلا تعارض بينهما كما بينه الحديث المذكور، ولا يخفى أن كلمة الله بمعنى حكمه عبارة عن قضائه بصدور تكبرهم وابائهم عن الإيمان الذي
هو فعل الله اختياري لهم، والقضاء به سواء كان بمعنى خلق الله ذلك الفعل فيهم أو علمه بأنه يصدر عنهم لا يسلب عزم العبد وكسبه كما تقرر في الأصول، فما قيل من أنه جبر صرف معارض لقوله على الكافرين الدال على تسبب حقية الكلمة عن كفرهم لا وجه له سواء كان كلامهم اعترافا أو اعتذاراً كما لا يخفى، وقوله في الحديث:" إن الله تعالى إذا خلق العبد للجنة " الخ أي قضى بسعادته أو شقاوته فعمل باختياره ما يوجب ثوابه أو عقابه ولا حاجة إلى دفع السؤال بالعكس بأن يقال كلمة العذاب حقت عليهم لتكبرهم وكفرهم فتدبر. قوله: (إسراعا بهم إلى دار الكرامة (جواب عما يقال من أنه عبر عن ذهاب الفريقين بالسوق، وهو مناسب في حق الجهنميين لما نجي السوق من الإزعاج وإشعاره بالإهانة بأنه شتان ما بين السوقين فإن الأوّل لتعجيلهم إلى العقاب والآلام وهذا لإسراعهم إلى الإكرام واختير للمشاكلة، وقوله: إلى الجنة يدفع إيهام الإهانة مع أنه قد يقال إنهم لما أحبوا لقاء الله أحبّ الله لقاءهم فلذا حثوا على دخول دار كرامته، ثم أجاب بجواب آخر اختاره الزمخشريمما بأنّ المراد هنا بسوقهم سوق دوابهم لأنه ورد في الحديث:" يحشر الناس على ثلاثة أصناف صنف مشاة وصنف ركبان وصنف يجرّون على وجوههم " والأوّل المخلطون والثاني المخلصون،
والثالث العصاة ومرضه لأنه لا قرينة في النظم عليه، ولأنّ الحديث خصه بصنف وما هنا عائم، وقوله على تفاوت مراتبهم الخ فلذا جعلوا زمراً، وكذلك يدعون من أبواب متعددة ومنهم من يسرع ومن يكون كالبرق الخاطف إلى غير ذلك في الأحاديث. قوله:(حذف جواب إذا الخ) لأنّ الحذف يشعر بأنه لا ينحصر ولا يحيط به نطاق البيان والدلالة على تقدم الفتح لأنه جملة حالية بتقدير قذفهم جاؤها بعدما كانت مفتحة لهم كما يدل عليه مقارنته للمجيء، والحال الماضية مشعرة بالتقدم واحتمال العطف الصادق بالمعية هنا مرجوح وهو كالممنوع في حكم البلاغة لأنه ورد في آية أخرى جنات عدن مفتحة لهم الأبواب والقرآن يفسر بعضه بعضا ومخالفته لما قبله لفظاً تقتضي مخالفته معنى، ولا يكون إلا بما ذكر إذ لو قصد المعية جعل جوابا لأنه يفيده فالقول بأنه بالعطف يتنم المرام من جملة الأوهام. قوله: (منتظرين (حال وهو بصيغة المفعول أو الفاعل من فاعل المجيء أو فتح المقدر فالمعنى أنّ خزنة الجنان فتحوها، وقفوا منتظرين لهم أو هي فتحت قبل مجيئهم بصفة الانتظار، وظاهر كلامه مشعر بأنّ الجواب مقدّر هنا فيكون قوله: وقال لهم الخ معطوفا على الجواب والزمخشري قدره بعد قوله خالدين، وكان المصنف خالفه لأنه يكون بعض الجواب مذكوراً وهذا أولى لكن ما ذكره الزمخشري، أقوى بحسب المعنى لأنه إذا قدر هنا فازوا بما لا يعد ولا يحصى من التكريم والنعيم صار قوله، وقال الخ مستغنى عنه بخلاف ما إذا قدر بعده