ولم يحتج الخ جواب عن سؤال مقدر وهو أنّ الرابع قسيم أيضا للمشترك بين ما قبله، وهو هبة النسل مطلقا فترك فيه ذلك لظهوره إذ هو عدم ذلك فهو غير محتاج للتنبيه. قوله:(بحكمة واختيار (لف ونشر مرتب فالحكمة لعلمه بالأشياء، وما فيها من المصالح والاختيار لقدرته على إيجاد ما يريد، وقوله: وما صح له أي للبشر وهو مما يقع على الواحد وغيره، ولذا لم يقل الواحد من البشر كما في الكشاف، وكان تامّه ما كان كذا له استعمالات فيكون بمعنى ما لاق، وحسن وبمعنى ما صح وأمكن ٠ قوله: (كلاماً خفياً يدرك بسرعة الخ (أصل معنى الوحي كما فصله الراغب في مفرداته الإشارة السريعة يقال: أمر وحي أي سريع فيكون ذلك بالكلام على سبيل الرمز، والتعريض
ونحوه، ثم اختص في عرف اللغة بالأمر الإلهيئ الملقى إلى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام الذي يكون على وجوه مختلفة كما أشير إليه في هذه الآية فقوله: كلاما خفيا تفسير لقوله وحياً، واشارة إلى أنّ المراد به هنا الكلام الخفي المدرك بسرعة فالاستثناء متصل، وقد قيل: إنه منقطع وقوله: لأنه أي الوحي تمثيل المراد به تصوير المعنى ونقشه في ذهن السامع، وليس مثل كلامنا حتى يحتاج إلى صوت وترتيب حوف فيكون خفياً سريعا ولا بعد فيه كما نشاهده في كلامنا النفسي فهو تعليل للخفاء مع السرعة لا للأوّل فقط، وقوله: في ذاته أي في نفسه، وحقيقته إشارة إلى أنه ليس بآلة اللسان حتى يحتاج لما ذكر. قوله: (وهو (أي الوحي أو التمثيل أمر يعمّ ذلك فليست ما فيه زائدة الأولى تركها، والمراد بالمشافه به بزنة المفعول المخاطب به من الله بدون واسطة كما ورد في حديث المعراج، وفرض! الصلاة فيه إذ خاطبه الله بكلام سمع منه على وجه لا يعلم كنهه إلا الله، وما وعد به من أنه يكلم أهل الجنة شفاها إذا تجلى لهم على ما ورد في الآيات وأحاديث الرؤية، وهذا توطئة لما سيأتي من أن الآية تدل على جواز الرؤية. قوله: (والمهتف به كما اتفق لموسى الخ (هو من قولهم: هتف به هاتف، وهو من يسمع صوته ولا يرى شخصه كما وقع لموسى عليه الصلاة والسلام، إذ سمع نداء الله له من جميع الجهات كما مرّ في سورة طه وكان الظاهر المهتوف به لأنه لا يعرف مثله في اللغة. قوله: الكن عطف قوله أو من وراء حجاب عليه يخصه (وفي نسخة يخصصه وجعل الزمخشري التكليم ثلاثة أقسام الوحي، وفسره بالإلقاء، والقذف في القلب سواء كان يقظة أو مناما وهو أعمّ من الإلهام واستشهد على أنه ورد بهذا المعنى ببيت عبيد، وأراد الوحي من الله بلا واسطة، وقال في الكشف: بعدما ساق كلام المصنف أن قوله وما كان لبشر على التعميم يقتضي الحصر بوجه لا يخص التكليم بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ويدخل فيه خطاب مريم وما كان من أثم موسى وما يقع للملهمين من هذه الأقة وغيرهم فحمل الوحي على ما ذهب إليه الزمخشري أولى، ثم فال: إنه يلزم المصنف أن لا يكون ما وقع من وراء الحجاب، وحيا لا أنه يخصصه لأنه نظير قولك ما كان لك أن تنعم إلا على المساكين وزيد نعم يحتمل أن يكون زيد داخلاً فيهم على نحو ملائكته، وجبريل وهذا يضر المصنف لاقتضائه أن ما وقع من وراء حجاب أعلى المراتب فلا يكون الباقي هو المشافهة، وردّ بأنه ليس نظير ما ذكر بل نظير فاكهة، ونخل ورمّان على مذهب أبي حنيفة يعني أن عطف بعض أفراد الجنس عليه إما لعلؤ
رتبته أو لنزول درجته حتى كأنه لا يستحق ذلك الاسم وما نحن فيه من القبيل الثاني انتهى (أقول) الذي ذهب إليه الزمخشري أن المراد بالوحي ما يلقى في القلب يقظة، أو مناما بدون كلام وما يقابله الكلام بدون واسطة أو بها فيصح الحصر بناء على مذهبه في إنكار الرؤية والذي ذهب إليه المصنف أنّ المراد بالوحي الكلام الخفي السريع، وبقرينة مقابلته بما بعده اختص بالمشافهة، وهو أعلى أقسام الوحي ولا يرد عليه ما أورده في الكشف لأنه بالتخصيص المذكور والتقييد المأخوذ من التقابل صار مغايرا لما بعده، وليس من شيء من القبيلين حتى يذهب إلى الترقي أو التدلي لأنه لا يعطف بأو بل بالواو كما لا يخفى، ولزوم أن لايكون الواقع من وراء الحجاب وحيا غير مسلم لأنه إن أراد أنه لا يكون وحيا مطلقا فغير صحيح لأن قوله: بعده فيوحي بإذنه قرينة على أنّ المراد بالوحي السابق وحي مخصوص كالذي بعده، وإن أراد أنه لا يكون من الوحي المخصوص السابق فلا يضره لأنه عين ما عناه نعم الحصر على ما ذهب إليه المصنف غير ظاهر إلا بعد ملاحظة أنه مخصوص