بما كان بالكلام، ولذا فسره به فتدبر. قوله:(فالآية دليل على جواز الرؤية لا على امتناعها (كما ذهب إليه الزمخشري كغيره ممن أنكر الرؤية واستدلّ بهذه الآية لحصر تكليمه تعالى للبشر في الثلاثة فإذا لم يره من يكلمه في وقت الكلام لم يره في غيره بالطريق الأولى، وإذا لم يره هو أصلا لم يره غيره، إذ لا قائل بالفصل وقد أجيب عنه في الأصول بأنه يحتمل أن يكون المراد حصر التكليم في الدنيا في هذه الثلاثة، أو نقول: يجوز أن تقع الرؤية حال التكلم، وحيا إذ الوحي كلام بسرعة، وهو لا ينافي الرؤية فلا دليل فيه على ما ذكر وهو تفريع على جعله يعثم المشافه به فيكون صادقاً على ما معه رؤية كما هو حال المشافة غالبا، وعلى غيره والذي ارتضاه في الكشف إنه لا ينفع منكر الرؤية ولا مثبتها وهو الظاهر، ولذا جعلها المصنف دليل الجواز دون الوقوع رداً على الزمخشري. قوله:) وقيل المراد به الإلهام والإلقاء في الروع) بضم الراء وهو القلب والضمير أي المراد بالوحي هنا الإلهام، وهو ما ارتضاه الزمخشري كما قرّرناه سابقا لأنه يطلة! عليه الوحي في كلام العرب ومرضه المصنف رحمه الله لأنه خلاف الظاهر إذ لا يقال لمن ألهمه الله إنه كلمه إلا مجازاً فلا يكون الاستثناء متصلاً ولا دليل فيه على جواز الرؤية حينئذ وفي دلالته على امتناعها ما مز، وقوله: أو الوحي الخ أي المراد بالوحي معناه المتعارف، وهو ما أنزل الله به الملائكة على رسله وهذا، وإن كان متبادراً من الوحي لكنه يأباه قوله: أو يرسل رسولاً، ولذا أوّله على هذا بأن المراد بالرسول النبيّ المرسل لأقته والرسول وإن شاع فيه لكنه بعيد جذاً. قوله:) ووحيا بما عطف عليه منتصب بالمصدر) أي وأن يكلمه اسم كان ولبشر خبرها ووحياً مصدر لأنه نوع
من الكلام أو بتقدير إلا كلام وحي، والاستثناء مفرغ من أعمّ المصادر، وقوله: لأنّ من وراء الخ، وصفة المصدر سادّة مسده وهذا أولى من تقدير إسماع كما في الكشاف، وقوله: والإرسال نوع من الكلام بحسب المآل لأنه قوله للمرسل أرسلتك إلى كذا بكذا وهو توجيه لعطفه على مصدر يكلمه، وعلى ما استثنى منه. قوله:(ويجوز أن يكون وحياً الخ (يعني إن هذه الثلائة من المصدرين والظرف أحوال على وضع المصدر موضع اسم الفاعل أي موحيا ومرسلا ومسمعاً أو مكلما من وراء حجاب، وقيل: إنه بتقدير فعل هو الحال في الحقيقة واعترض بأن وقوع المصدر حالاً غير مقيس، وبأنهم صرّحوا بأن الفعل مع أن معرفة لأنه بتأويل مصدر مضاف دائما وشرط الحال التنكير وقد منع سيبويه من وقوع أن مع الفعل حالاً، ولا يخفى أنه وان كان خلاف القياس فالقرآن يقاس عليه ولا يلزم أن يقاص على غيره مع أن المبرد رحمه الله قاسه وكفى به حجة، وأمّا حديث التعريف وان اشتهر ففيه كلام لأنه غير مطرد وفي شرح التسهيل إنه قد يكون نكرة أيضاً ألا تراهم فسروا أن يفتري بمفترى، وقال ابن جنى في الخاطريات إنه عرضمه على أبي علي فاستحسنه وعلى تسليمه فالمعرفة قد تكون حالاً لكونها في معنى النكرة كما يؤوّل وحده بمنفرداً لكنه قياس مع الفارق لما فيه من التعسف لتأويل أن مع الفعل بمصدر مضاف، ثم تأويل المضاف بنكرة وفيما ذكرناه أوّلاً قصر للمسافة. قوله: (وقرأ نافع الخ (فالفعلان مرفوعان، ولذا سكن ياء يوحي لثقل الضمة على حرف العلة ووجهوا قراءته بأنه على إضمار مبتدأ أي هو يرسل أو هو معطوف على وحيا أو على ما يتعلق به من ورأء أي يستمع من وراء حجاب، وقال السعد رحمه الله: إنّ التوجيه الثاني وما بعده ظاهر وهو عطف الجملة الفعلية الحالية على الحال المفردة، وأمّ إضمار المبتدأ فإن حمل على هذا فتقدير المبتدأ لغو وإن أريد أنها مستأنفة، فلا يظهر ما يعطف عليه سوى ما كان لبشر الخ وليس يحسن الانتظام وفيه نظر. قوله:) يفعل ما تقتضيه حكمته الخ) بيان لارتباطه بما ذيل به ومعنى قوله، وكذلك مثل الوحي المشهور للغير أو مثل ما في هذه السورة أو الإشارة لما بعده كما مرّ، وقوله: يعني أي بالروج فهي استعارة أو مجاز مرسل لما فيه من الهداية، والعلم الذي هو كالحياة ففي قول المصنف تحيا استعارة أيضا، وقوله: والمعنى أرسلناه إليك بالوحي يعني إذا أريد بالروج جبريل فأوحينا مضمن معنى أرسلنا أي أرسلناه بالوحي لأنه لا يقال: أوحى الملك بل أرسله وجملة ما كنت تدري حالية، من ضمير أوحينا أو هي مستأنفة. قوله:) أي قبل
الوحي) يعني إنّ المضيّ بالنسبة إلى زمان الوحي، ولما كان ظاهره