وروي أنّ قصة أبي سفيان بعد الهجرة فلعلها وقعت مزتين، وقد مرّ في سورة المؤمنين تفصيله. قوله:(وإسناد الإثيان إلى السماء الخ) مع أنّ الإتيان المذكور فاعله هو الله فأسند إليها على طريق التجوّز في الإسناد، ثم بين وجه الملابسة المصححة للإسناد لها بقوله: لأنّ ذلك أي ما ذكر من الشذة، والقحط يسبب كف السماء أي كونها مكفوفة وممنوعة عن الأمطار فاسناده إليها إسناد إلى السبب البعيد والضمير للسماء وتذكيره لأنه يذكر ويؤنث أو لتأويله بمذكر.
قوله:(أو يوم ظهور الدخان الخ) معطوف على قوله يوم شذة، وهذا وإن كان مناسبا لقوله:{أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءهُمْ رَسُولٌ مُّبِينٌ} إلا أنّ قوله وقالوا معلم مجنون يكون من إسناد حال البعض إلى الكل كما قيل، ولا حاجة إليه إذ لا يلزم حمل الناس على العموم، وإن كان حكمه عامّاً إذ يجوز أن يراد به كفار المشركين ليطابق ما بعده، وأمّا مطابقته لقوله:{إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ} فستأتي. قوله:(أؤل الآيات الدخان) هذا هو المناسب لسؤال الراوي
بقوله: وما الدخان فإنه يقتضي تقدم ذكره ووقع في بعض النسخ " هنا، وفي الكشاف الدجال بدله وهو اختلاف في الرواية أيضاً كما ذكره ابن حجر لا في مجرّد النسخة وقال: إنّ رواية الدجال أقوى وقد ذكر فيها الدخان بعده وعلى هذا فيكون سؤاله عن الدخان إمّا لمناسبة النار أو لأنه فهم أنه دخانها. قوله:(عدن أبين) بفتح الدال اسم مدينة باليمن أضيفت لا بين بكسر الهمزة وفتحها وهو اسم رجل نزل بها أو بناها فسميت باسمه وقوله: كهيئة الزكام أي كحالة الزكام والمنخر الأنف، وفيه لغات في القاموس بفتح الميم، والخاء وكسرهما وضمهما، وكمجلس، وقوله: صفة للدخان أي هذه الجملة صفته لوقوعها بعد النكرة. قوله:(أو يوم القيامة الخ) يعني المراد بيوم تأتي السماء الخ هذا فالدخان حينئذ يحتمل أن يراد به الشدة، والشرّ مجازا، وأن يراد به حقيقته، والظاهر أن يكون قوله تأتي السماء الخ اسنعارة تمثيلية إذ لا سماء لأنه يوم تشقق فيه السماء فمفرداته على حقيقتها فتأمّل. قوله:(مقدر بقول الخ) قال المعرب، ويجوز أن يكون إخبارا منه تغالى فهو استئناف أو اعتراض، والإشارة بهذا للدلالة على قرب وقوعه وتحققه وما قاله المصنف أولى وقوله: وعد بالإلمان الخ يعني به أنّ وروده بعد طلب كشف العذاب يدل على ترتبه عليه حتى كأنه قيل أن يكشف فإنا مؤمنون، واسم الفاعل للحال أو للاستقبال. قوله:(من أين لهم) مرّ تحقيقه في سورة آل عمران وقوله: بهذه الحالة أي كشف العذاب أو العذاب نفسه، والمراد نفي صدقهم في الوعد، وأنّ غرضهم نفي العذاب، والخلاص منه، وقوله: من الآيات الخ بيان لما وفيه إشارة إلى أنّ مبين من أبانه المتعدي. قوله تعالى:( {ثُمَّ تَوَلَّوْا} الخ) هو إمّا معطوف على قوله وقد جاءهم الخ. أو على مضمون قوله ربنا اكثف لأنه بمعنى قالوا ربنا الخ، وهو بعيد، وثم للاستبعاد، والتراخي الرتبي أي لم يجع فيهم ذلك أو لم يصدقوا في وعدهم وقوله، وقال آخرون الخ فليس القائل متحدا كما هو المتبادر منه، ولم يقل ومجنون بالعطف لأنّ المقصود تعديد قبائحهم. قوله:(بدعاء النبئ صلى الله عليه وسلم) هذا بناء على المختار من تفسيره الأوّل لا الثاني للدخان كما مرّ، وقوله: كشفا قليلاً فيكون منصوبا على المصدرية أو الظرفية، وليس منصوبا بمنتقمون، ولا بمقدر يفسره لأنّ ما بعد أنّ لا يعمل فيما قبله، وما لا يعمل لا يفسر
كاملا وهذا هو المانع عن عمله في الظرف واليه أشار المصنف بقوله: فإنّ أنّ تحجره أي تمنعه عن عمله في المتقدم لصدارتها كما سيأتي، وفائدة التقييد به الدلالة على زيادة خبثهم لأنهم إذا عادوا قبل تمام الانكشاف كانوا بعده أسرع إلى العود وقوله: ما بقي من أعمارهم إشارة إلى عود العذاب بعد موتهم فهذا على التفسير الأوّل أيضاً. قوله:(إلى الكفر غب الكشف) أي عقبه، وبعده، ولم يقل بعض الكشف ليطابق قوله قليلاَ لأنّ بعض الكشف كشف، وعودهم إلى الكفر يقتضي إيمانهم، وقد مرّ أنهم لم يؤمنوا، وأنما وعدوا الإيمان فإمّا أن يكون وعدهم نزل منزلة إيمانهم أو المراد عائدون إلى الثبات على الكفر أو إلى الإقرار والتصريح به ثم إنه قابل قوله {رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ} بقوله: إنا كاشفوا العذاب قليلاً إنكم عائدون، وكما أنّ معنى ذاك اكشف فإنك كما كشفت عنا العدّاب كنا مؤمنين من غير لبث كذلك معنى هذا إنا كاشفوا العذاب، وكما يكشف يعودون عن الابتهال إلى الكفر، والضلال، ولذا قال فريثما الخ، وقيل