للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يلزم تعلق حرفي جرّ بمعنى بمتعلق واحد فمن وجهه بأن على مختلف معناها هنا فقدسها، والمراد العلم باستحقاقهم، وعلى ما بعده العلم بمطلق أحوالهم فيكون إشارة إلى أنه مع تقصيرهم تفضل عليهم، وامّا أن يراد لأجل علم فيهم فركيك لأنّ تنكيره لا يصادف محزه، وقوله: لكثرة الأنبياء فيهم تعليل لتفضيلهم على سائر الأمم لأنه باعتبار ذلك فلا يقتضي تفضيلهم من كل الوجوه حتى يلزم تفضيلهم على أمّة محمد صلى الله عليه وسلم مع أنهم خير الأمم كما اعترض به بعضهم على المصنف رحمه الله فتعريف العالمين للاستغراق، وقوله على عالمي زمانهم فهو للعهد أو الاستغراق العرفي فلا يرد السؤال أيضا. قوله: (كفلق البحرا لأنّ ما كان للنبيّ صلى الله عليه وسلم فهو لأمّته، وقوله: نعمة جلية أي ظاهرة والبلاء يطلق على النعمة، والبلية

لأن أصله الاختبار، وهو يكون بكل منهما فإطلاقه عليهما تجوّز، وبأن فيه إشارة إلى أنّ إتيانه به لأمور أخر ككونه معجزة. قوله: (مسوقة للدلالة الخ) إشارة إلى أنّ ذكرها استطرادي للدّلالة على ما ذكر، وهي مشابهته لها أتم الشبه كما مرّ تفسيره في الزخرف لوعدهم الإيمان إذا نزل البلاء، ثم رجوعهم بعد انكشافه وغير ذلك. قوله: (ولا قصد فيه الخ) جواب عن سؤال مقدر، وهو أنّ الآية واردة في منكري البعث فمقتضى الظاهر أن يقال إن هي إلا حياتنا الأولى فالحياة اثنتان، والموت واحد، وهو ما وقع بعد الحياة الأولى لا غير فأجاب عنه بأنّ المراد بموتتهم موتهم بعد الحياة، وتوصيفها بالأولى ليس في مقابلة الثانية قال الأسنوي في كتابه المسمى بالتمهيد الأول في اللغة ابتداء الشيء، ثم قد يكون له ثان، وقد لا يكون كما تقول هذا أوّل ما اكتسبته فقد تكتسب بعده شيئا، وقد لا تكتسب كذا ذكره جماعة منهم الواحدي في تفسيره والزجاح، ومن فروع المسألة ما لو قال إن كان أوّل ولد تلدينه ذكراً فأنت طالق تطلق إذا ولدته، وأن لم تلد غيره بالاتفاق قال أبو عليّ: اتفقوا على أنه ليس من شرط كونه أوّلاً أن يكون بعده آخر، وأنما الشرط أن لا يتقدم عليه غيره اهـ فما قيل إنّ الأوّل يضايف الآخر، والثاني ويقتضي وجوده بلا شبهة، والمثال المذكور بعد تسليم صحته إنما هو فيمن نوى تعدّد الحج فاخترمته المنية فلحجه ثان باعتبار العزم غفلة عما قرّوناه كما فصله الشافعية في أصولهم، ولا حاجة إلى أن يقال إنها أولى بالنسبة لما بعدها من حياة الآخرة لما ذكره في الانتصاف من أنّ الأولى إنما يقابلها أخرى تشاركها في أخص معانيها فكما لا يصح أو لا يحسن أن يقال جاءني رجل، وامرأة أخرى لا يقال الموتة الأولى بالنسبة للحياة. قوله: (وقيل لما قيل إنكم الخ) هذا ما ارتضا. الزمخشريّ على أنّ المراد بالموتة الأولى ما قبل الحياة من العدم فكان هذا معناه لما قيل لهم من حدوث موتة بعدها حياة أخرى كسبق موتة بعدها هذه الحياة فكأنهم قالوا ليس هذا كدّلك بل الموتة الأولى بعدها الحياة فليست إلا الأولى فضمير هي للموتة الموصوفة بأنها تعقبها الحياة، والموتة التي تقابل تلك الموتة ليصح اتصافها بكونها الأولى هي الموتة التي بعد هذه الحياة الدنيا، ولا يقدح فيه أنّ المراد بالموتة الأولى في قوله: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى} [سورة الدخان، الآية: ٥٦] هي التي بعد هذه الحياة لا قبلها لأنه ثمة لاقتضاء إيقاع الذوق عليها لأنّ ما قبل الحياة غير مذوق إلا أنه أورد عليه أن بناء مرّة الموتة يشعر بالتجدد، والحدوث والحالة التي قبل الحياة الدنيا ليست كذلك، ولا يفهم من الموتة

الأولى إلا ما يعقب الحياة فالأقرب أن يراد ليست الموتة إلا هذه لا الموتة التي لا تعقب حياة القبوو وبعدها البعث كما يزعمون، وقيل إنه على حذف مضاف أي إن الحياة إلا حياة موتتنا الأولى، والأولى صفة المضاف المقدر، وما ذكر من الحدوث على فرض تسليمه فقد يقال إنه للمشاكلة التقديرية إذ تقديره إن هي إلا موتتنا الأولى لا موتتنا الثانية فالموتة الثانية مذكورة تقديرا مع أنه أطلق من غير مشاكلة في قوله: {وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ} [سورة البقرة، الآية: ٢٨] فتدبر. قوله: (خطاب لمن وعدهم الخ) توجيه لجمع الضمير، وقوله: ليدل الخ متعلق بقوله: فأتوا وفاعل يدل ضمير يرجع للإتيان المفهوم منه وضمير عليه لصدق الوعد، ودلالة الإتيان إما لمجزد الإحياء بعد الموت واما بأن يسألوا عنه، ولا يرد أنّ هذا وما قبله من قوله وما نحن بمنشرين يأبى حمل إلا موتتنا الأولى على ظاهرها كما قيل حتى يجعل كلاما مستقلا فتدبر. قوله: (في القوّة

<<  <  ج: ص:  >  >>