إذ هو نكرة في سياق النفي، وهي تعم وهذا مما يرجح عود الضمير للأوّل لأنه المنفي إذ المعنى لا مولى له، وأمّا كون النكرة في سياق النفي تدل على كل فرد فرد فلا يرجع لها الضمير مجموعا فغير مطرد لأنها قد تحمل على المجموع بقرينة عود ضممير الجمع لها أو يقال المراد عوده على ضمير الموالي المفهوم منه قيل، ولو جعل الضمير للكفار كضمير ميقاتهم كثرت الفائدة، وقلت: المؤنة فتأمّل. قوله تعالى:( {إِلَّا مَن رَّحِمَ اللَّهُ} (فيه وجوه فقال الكسائيّ: إنه منقطع، وقال غيره: متصل أي لا يغني قريب عن قريب إلا المؤمنين فإنهم يؤذن لهم في الشفاعة، وقيل: هو مرفوع على البدلية من مولى الأوّل، ويغني بمعنى ينفع أو على البدلية من واو ينصرون أي لا يمنع من العذاب إلا من رحمة الله، وقد عرفت أنّ البدلية في غير الموجب أولى من النصب على الاستثناء، والمصنف رحمه الله اختار استثناءه من الواو لقربه. قوله: (لا ينصر منه) ضمنه معنى يخلص! أو ينجو، ولذا عداه بمن وفيه إشارة إلى أنّ العزيز هنا بمعنى الغالب، والكلام على الشجرة، وتفسيرها مر مفصلا، وقوله: الكثير الآثام بالمدّ جمع أثم، وهو الذنب، ولما كان الأثيم شاملا للعاصي قال، والمراد الخ وما قبله يوم لا يغني الخ فإن المفسرين كلهم على أنه في حق الكافر، إذ ما قبله في حق المشركين، وما بعده قوله: ما كنتم به تمترون، وما قبله. قوله:(وهو ما يمهل في النار) أي يوضع فيها حتى يذوب كبعض المعدنيات فهو من المهل بمعنى السكون، والدردي العكر في قعر الإناء، ومنه المثل أول الدن دردفي، وأورد عليه أنّ الحاكم وغيره رووا عن أبي سعيد عن النبيّ صلى الله عليه وسلم في قوله: " كالمهل عكر الزيت فإذا قرب إلى
وجهه سقطت فروة وجهه) أي جلدته فلا وجه لتمريضه، وإن كان ما رجحه به الزمخشريّ مع نقل أئمة اللغة إنه مشترك محل كلام وقد فسر أيضاً بالقيح والصديد (قلت) في تفسير السمرقندي روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه رأى فضة قد أذيبت فقال: هذا هو المهل فجائز أن يكون كل شيء يذاب، ويحرق أن فيكون ما في الحديث على طريق التمثيل لا الحصر فيه حتى يعارض ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما فتأمّل. قوله:(إذ الأظهر الخ) قوله: كالمهل خبر ثان أو خبر ضمير مقدر أو حال من طعام، والعامل فيه معنى التشبيه فلا يرد قول أبي البقاء إنه لا يصح لعدم ما يعمل فيه ويغلي على قراءة ابن كثير وحفص بالتحتية فيه ضمير لما ذكره المصنف رحمه الله، وجوز أبو البقاء كون جملته خبر مبتدأ محذوف فلا تتعين الحالية، وقد قيل إنّ الضمير المستتر فيه يعود على المهل فيكون حالاً منه كما ذكرها المعرب، والمصنف رحمه الله لم يلتفت إليه لأنه لا يناسب المقام إذ المراد أنّ مأكولهم يغلي في بطونهم، وإذا كان حالاً مما شبه به المأكول لم يفده كما لا يخفى والحميم ما هو في غاية الحرارة، فإن قلت كيف يكون حالاً من أحدهما، وقد منع النحاة مجيء الحال من المضاف إليه في غير صور مخصوصة، ومنص! هـ من المبتدأ، والخبر قلت هذ بناء على جواز مجيء الحال من الخبر، ومن المبتدأ، والمضاف إليه المبتدأ في حكمه، وهذا أحد الصور التي يجيء الحال فيها من المضاف لأنه كالجزء في جواز إسقاطه كما يعرفه من فهم تلك المسألة، وأمّا ما قيل إنه حال من ضمير أحدهما، والمراد ضمير الشجرة المستتر في قوله كالمهل لتأويله بأحدهما لا من اسمهما الظاهر إذ لا وجه له، ولا من ضميرهما إذ لا ضمير لهما فتكلف بارد، وتصرّف فاسد، والحمل على قول ضعيف أحسن منه. قوله:(غلياناً الخ) يعني أنه صفة مصدر، ويجوز أن يكون حالاً، وتقدير القول ليرتبط بما قبله أي، ويقال لهم الخ، وقوله: الأخذ بمجامع الشيء لم يقل بمجامع الثوب لأنه ليس بلازم كما توهم فإنّ مداره على جرّه مع الإمساك بعنف كما لا يخفى، ولذا عطف عليه قوله وجره الخ، وقوله: بالضم على أنه من باب قعد وفي غيرها من باب ضرب، وقوله: وسطه سمي سواء لاستواء بعد جميع أطرافه بالنسبة إليه. قوله:
(كان أصله الخ الأنه مصبوب من جهة العلو فحقه التعبير بما ذكر، ثم زيد فيه العذاب ليدل على أنه ليس كالحميم المعروف، ثم أضيف لما ذكره وقال يصب، وكان الظاهر صبوا لأنه المذكور في النظم إشارة إلى أنه ليس مخصوصا هنا بل يجري في التركيب كيفما كان، ويصب وقع في محلى آخر، وقوله: للمبالغة لجعل العذاب عين الحميم، وهو مترتب عليه، ولجعله مصبوبا فهو بعينه كالمحسوس المفاض الشامل لهم، وهو إمّا تمثيل أو استعارة تصريحية أو مكنية، وتخييلية، وهو ظاهر