للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: (وهذا تصريح بما أشعر به ما قبلها) أي ما قبل هذه الجملة أو العلة والسببية لكن المناسب لقوله: هذا أن يقول ما قبله بتذكير الضمير كما قيل لكنه جنح إلى أنّ هذا إشارة إلى الكلام المذكور، وأنه تصريح بما قبل هذه السببية، والمراد أنّ البناء على الموصول يشعر بالعلية فالإتيان بياء السببية في الخبر تصريح بما علم بطريق الإيماء، والإشارة. قوله: (ولذلك يسمى) أي عند أهل المعاني تفسيرا لأنه صرّح به فيما علم ضمنا كقول الزمخشري رحمه الله تعالى في شعر له:

به فجع الفرسان فوق خيولهم كما فجعت تحت الستور العوائق

تساقط من أيديهم البيض حيرة وزعزع من أجيادهن المخانق

ففيه تفسير على طريق اللف، والنشر كما في الآية، وهو من محاسن الكلام. قوله:

(مثل ذلك الضرب) المثل المذكور بعده على ما مرّ تفصيله في البقرة، وقوله: يبين قد مز تحقيقه، وقوله: أحوال الفريقين فالمثل هنا بمعنى القصة والحال العجيبة، وضمير أمثالهم لفريقي المؤمنين، والكافرين أو للناس كلهم والأوّل ناظر إلى الوجه الأوّل، والثاني إلى الثاني من العموم في الفريقين فيشمل جميع الناس. قوله: (أو يضرب أمثالهم الخ) يعني أنّ حقيقة المثل كلام شبه مضربه بمورده، وهو غير موجود هنا فاما أن يكون بمعنى الحال والصفة أو بمعنى التمثيل، والتشبيه بأن جعل اتباع الباطل مثلا لعمل الكفار، وإتباع الحق مثلاً لعمل المؤمنين، والإشارة في قوله كذلك إما لما تضمنته الآية الثانية، أو لما تضمنته الآية الأولى، وذلك لأنه ليس ثمة اتباع الباطل، واتباع الحق حقيقة بل ارتكاب الباطل فشبه عمل الكافر باتباع الباطل بمعناه المعروف أو الشيطان في الإيصال إلى الهلاك وعمل المؤمن باتباع الحق بمعناه المعروف أو الله فالتمثيل مستعار لتشبيه حالي المؤمنين، والكافرين أو هو مجاز مرسل أريد به مطلق التشبيه، وقوله: مثلاً بمعنى تشبيها. قوله: (وقدم المصدر) أي على مفعول الفعل، وهو الرقاب لا على الفعل إذ لا وجه له، وقوله: وأنيب منابه أي في نصب المفعول، وهو الرقاب قبل الإضافة إليه، وهذا أحد قولي النحاة في المفعول في نحو قوله:

فندلا زريق المال ندل الثعالب

هل هو منصوب به أو بالفعل المقدّر ثم أضيف إلى مفعوله، وقوله: ضما إلى التأكيد بالمصدر الاختصار بحذف الفعل، وتنوين المصدر. قوله: (والتعبير به) يشير إلى أنّ ضرب الرقاب مجاز مرسل عن القتل مطلقاً لما ذكره من النكات، وفيه أيضاً إشارة إلى غلبتهم عليهم، وتمكنهم منهم، وقوله: بأشنع صورة أي القتل لأنّ ضرب الرقبة فيه إطارة الرأس التي هي أشرف أعضائه، ومجمع حواسه، وبقاء البدن ملقى على هيثة منكرة. قوله: (كثرتم قتلهم (الثخن كالغلظ يكون في نحو الحبل، والبر عبارة عن كثرة طاقاته، وفي المائعات حالة قريبة من الجمود تمنعه من سرعة السيلان فأثخان العدوّ إيقاع القتل بهم بشدة، وكثرة مستعار من ثخن المائعات لمنعه عن الحركة فهذا تفسير له لا إشارة لتقدير المضاف فيه كما قيل فإن كان بمعنى الإكثار فقط من ثخن الحبل، ونحوه ففيه مضاف مقدر لكنه لا يعرف الأثخان في الاستعمال بهذا المعنى فتدبر، والضمائر راجعة إلى الكل لكن المراد نسبة ما للبعض للجميع إذ المثخن لا

يشد، ولا يمن عليه ولا يفدى. قوله: (بالفتح والكسر ما يوثق به) أي يشذ، ويربط ومنه الميثاق، والظاهر أنّ ما يوثق به بالكسر لأنه المعروف في الآلة كالركاب، والحزام، وهو اسم ا-لة على خلاف القياس نادر، وأمّا بالفتح فمصدر كالخلاص فالمراد أنه أيضا أطلق على ذلك، ولو مجازا فهو تفسير له على القراءتين، وقوله: تمنون منا فهو مفعول مطلق لفعل مقدر، وقوله: والإطلاق المراد به الاسترقاق، وفي نسخة، وهو الإطلاق فيكون تفسيراً للمن والاسترقاق غير مذكور لأنه معلوم مما بعده، وقوله: ثابت أي لم ينسخ، وقوله: فدا كعصا أي بالفتح والقصر، وقول أبي حاتم أنّ القصر غير جائز لا عبرة به فإنه فيه أربع لغات الفتح، والكسر مع المدّ، والقصر، ولغة خامسة البناء مع الكسر كما حكاه الثقات. قوله:) آلاتها الخ (يعني أنّ الأوزار كالأحمال، وزنا ومعنى استعير لما ذكر استعارة تصريحية أو مكنية بتشبيهها! انسان يحمل حملاً على رأسه أو ظهره، وأثبت له ذلك تخييلا وكلام الكشاف له أميل، وكونها أحمال المحارب أضيفت لها تجوّزاً في النسبة الإضافية، وتغليبا لها على

<<  <  ج: ص:  >  >>