الكراع يأباه إسناد الوضع للحرب، ولذا لم يلتفتوا له، وكون إسناده مجازيا أيضا، وإن صح خلاف المتبادر مع أنه يذهب رونق الكلام فتدبر، والكراع اسم للخيل لأنها تخبط كراعها في الدفع عن نفسها؟ ومما يفسره قول الأعشى:
وأعددت للحرب أوزارها رما حاطوا لا وخيلا ذكورا
قوله:(أي تنقضي الحرب الخ) على أنه تمثيل أو مجاز متفرع على الكناية عن انقضائها
كما كني بقوله:
فألقت عصاها واستقرّت بها النوى
عن انقضاء السفر، والإقامة، وهو المراد فيما قبله، وأنما يخالفه في طريق الإفادة، وقوله: آثامها على أنها جمع وزر بمعنى إثم، وهو هنا الشرك، والمعاصي، وتضع بمعنى تترأ مجازاً، واسناده للحرب مجازا، وبتقدير مضاف أي أهلها، ومرضه لأنّ إضافة الأوزار بمعنى الآثام إلى الحرب غير ظاهر الصحة. قوله:(وهو غاية للضرب الخ (والمعنى اضربوا أعناقهم
حتى تنقضي الحرب وليس هذا بدلاً من الأوّل، ولا تأكيداً له لأن حتى الأولى الداخلة على إذا الشرطية ابتدائية كما مرّ تحقيقها في سورة الأنعام، وقوله: للمن والفداء أي لهما معا، وقوله: للمجموع من قوله: فضرب الرقاب الخ وهو على مذهب المصنف رحمه الله ظاهر، وأما عند الحنفية فمخصوص بحرب بدر على أنّ تعريفه للعهد أو منسوخ كما مز، وقوله: بزوال شوكتهم متعلق بالنفي أي حتى تزول قوّتهم، وقدرتهم على المحاربة فيعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون لأنه لا يكف عن القتال بدونه، وأمّا بعد نزول عيسى عليه الصلاة والسلام فترفع الجزية أيضا. قوله:) الآمر الخ (فهو مبتدأ مقدر أو مفعول لفعل مقدر وذلك إشارة إلى ما تقدم في الحرب، وما يتبعها، وقوله: ولكن أمركم بالقتال الخ. يعني أنه تعالى قدر ما ذكر مع أنه لو أراد أهلكهم فلم يدع على الأرض منهم دياراً لكنه له فيما يشاء، ويختار حكمة بالغة فلذلك ابتلى المؤمنين بالكفار ليجاهدوهم فينالوا الثواب، ويخلد في صحف الدهر ما لهم من الفضل الجسيم، وابتلى الكفار بالمؤمنين ليعجل لهم بعض انتقامه فيتعظ به بعض منهم ممن هداه الله فيكون ذلك سببا لإسلامه، والجار والمجرور متعلق بأمركم الذي قدره. قوله: (يضل أعمالهم (قراءة الجمهور على أنه فعل من أضل مبنيا للفاعل، ونصب أعمالهم، وقرئ مبنيا للمفعول، ورفع أعماله وقرئ بفتح الياء من ضل ورفع أعمالهم، والكل ظاهر لفظا ومعنى، وقوله: سيهديهم إلى الثوأب أي يوصلهم إلى ثواب تلك الأعمال من النعيم المقيم، والفضل العظيم والمراد بتثبيت هدايتهم بعدما دفع به أن هؤلاء مهديون فهو تحصيل للحاصل الوعد بأنه يحفظهم ويصونهم عما يورث الضلال. قوله:) عرفها لهم في الدنيا الخ (إشارة إلى اًن هذه الجملة حالية بتقدير قد ويجوز أن تكون مستأنفة كما قاله أبو البقاء، ثم أشار إلى أنه إن كان ا! مراد بالتعريف ما كان بالتوصيف في الدنيا فالمراد منه أنه تعالى لم يزل يمدحها لهم حتى عشقوها فاجتهدوا فيما يوصلهم لها فهذا هو المراد منه كما قيل:
أشتاقه من قبل رؤيته كما تهوى الجنان بطيب الأ-خبار
وقيل:
والأذن تعشق قبل العين أحيانا
وإنن كان معرفتها في الآخرة فهو إلهام الله صلى الله عليه وسلم لكل أحد أن يعرف منزله فيها فيتوجه له كما
هو حالهم في منازلهم في هذه الدار، وورد في الأثر أنّ حسناته تكون دليلاً له إلى منزله فيها وقوله: من العرف بفتح العين، وهو معروف أو تعريفها تمييزها بحدها، ومفرزة بضم الميم بزنة اسم المفعول من أفرزه إذا فصله، وميز.. قوله: (إن تنصروا دينه ورسوله أليس على تقدير مضاف فيه بل هو إشارة إلى أنّ نصرة الله فيه تجوّز في النسبة فنصرته نصرة رسله وجنده وتأييد دينه إذ هو المعين الناصر وغيره المعان المنصور، وقوله: ويثبت أقدامكم كناية عن القوّة، والدوام وهو المراد بالقيام في عبارة المصنف رحمه الله أيضاً لكنه ذكره تلميحا، ومجاهدة الكفار من جملة حقوق الإسلام فهي من عطف الخاص على العام أفردها لأنها هي المقصودة هنا إذ ما تقدّم كله في أمر الجهاد. قوله: (فعثورا لهم وانحطاط) أي هو دعاء بأن يعثر فيسقط لأنّ التعس في الأصل السقوط على الوجه كالكبّ، والنكس السقوط على الرأس، وضده الانتعاس فهو قيام من سقط، ووقع فيقال في الدعاء على الشخص العاثر تعسا له فإذا دعوا له قالوا: لعا له والجار، والمجرور وبعده متعلق بمقدر للتبيين كما في سقيا له، ولعا بلام وعين مهملة بعدها ألف مقصورة، وهو