فيكون على هذا عطفه على قوله: ما ضل من عطف الخاص على العام اعتناء بالاعتقاد، واشارة إلى أنه المدار وقوله، والمراد أي بقوله: ما ضل وما غوى نفي ما كانت قريش تنسبه إليه من الضلال في ترك ما كانت عليه آباؤهم، وأئمة الكفر منهم حتى كانوا يقولون لمن أسلم منهم صبا، وقال صاحبكم: تأكيداً لإقامة الحجة عليهم لأنهم مصاحبون له فهم أعلم بحاله. قوله:(وما يصدر نطقه الخ (يعني أنّ الضمير للنبي صلى الله عليه وسلم لتقدم ذكره في قوله صاحبكم لا للقرآن كقوله: {هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ}[سورة الجاثية، الآية: ٢٩] وأن تعديه بعن والمعروف نطق بكذا لتضمنه معنى الصدور وجعله نطقا مخصوصاً لقوله بالقرآن توطئة لأنه لا دليل فيه على عدم الاجتهاد والهوى كل ما تهواه نفسه وتشتهيه، وقوله: ما القرآن جعل الضمير للقرآن لفهمه من السياق أو لما ينطق به مطلقا كما يدل عليه الفعل، وقوله: يوحيه الله إشارة إلى أن الفاعل ترك للعلم به. قوله: (واحتج به) أي بما ذكر في النظم هنا من لم ير الاجتهاد جائزاً للأنبياء، وفي نسخة من لا يرى الاجتهاد للأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وهذا على الوجه الثاني، وجعل ضمير هو لما ينطق لا للقرآن لأنه حينئذ في قوّة قياس هو جميع ما ينطق به وحي، والاجتهاد ليس بوحي فلا شيء مما ينطق به باجتهاد، وأجيب عن الاستدلال بالآية بعد تسليم أنّ الضمير لما ينطق به لا للقرآن كما رجحه المصنف بأنه إذا أذن له في الاجتهاد بوحي من الله كان
اجتهاده في أمر، وما يترتب عليه وحي أيضا فصح ذلك منه، ولم ينتقض به الحصر الواقع في الآية، وحاصله منع الكبرى أي لا نسلم أن الاجتهاد الذي سوّغه الله ليس بوحي. قوله:(وفيه نظر لآق ذلك الخ) إيراد على الزمخشري فيما ذكره من الجواب السابق كما اعتر ضعليه أيضا بأنه يلزمه أن تكون الأحكام التي استنبطها المجتهدون وحياً. وردّ بأنّ النبيّ أوحى إليه أن يجتهد بخلاف غيره من المجتهدين واً مّا ما ذكره المصنف فقال في الكشف أنه غير قادج لأنه بمنزلة أن يقول الله لنبيه صلى الله عليه وسلم متى ما ظننت كذا فهو حكمي أي كل مما ألقيته في قلبك فهو مرادي فيكون وحياً حقيقة لاندراجه تحت الأذن المذكور لأنه من أفراده فما قيل عليه من أن الوحي الكلام الحقيقي المدرك بسرعة فلا يندرج فيه الحكم الاجتهادقي إلا بعموم المجاز مع أنه يأباه قوله: علمه شديد القوى غير وارد عليه بعدما عرفت من تقريره فتدبره. قوله:(شديد قواه) إشارة إلى أنّ الصفة المشبهة مضافة لفاعلها، وقوله: فإنه الواسطة الخ بيان لشدة قواه بما ثبت من آثارها، وقوله: حصافة بفتح الحاء، والصاد المهملتين مصدر بمعنى الاستحكام، وهي مخصوصة بالعقل والتدبير، وهذا بيان لما وضع له اللفظ لأنّ العرب تقول لكل قوقي العقل، والرأي ذو مرّة من أمررت الحبل إذا أحكمت فتله، والا فوصف الملائكة بمثله غير ظاهر فهو كناية عن ظهور الآثار البديعة فأعرفه. قوله:(فاستقام على صورته الحقيقية الخ (فسر استوى باستقام، وأشار إلى أنّ الاستقامة ليست ضد الاعوجاج بل كونه على خلقته الأصلية لأنها أتم صورة فهو من استوى الثمر إذا نضج وكون استوى يرد بهذا المعنى لا خفاء فيه، وأنما الخفاء فيما عطف أو ترتب عليه هنا فإنه لم يبينه، والذي يظهر أن في الكلام طيا لأن وصفه بالقوّة، وبعض صفات البشر يدلّ على أنه رآه في غير هيئته الحقيقية، وهذا تفصيل لجواب سؤال مقدر أي فهل رآه على صورته الحقيقية قيل نعم مرّة لما أراده منه فاستوى الخ وما قيل من أن الفاء سببية فإن تشكله بتسبب عن قوّته وقدرته على الخوارق أو عاطفة على علمه أي علمه على غير صورته الأصلية ثم استوى على صورته الأصلية لا يخفى أنه لا
يتم به التئام الكلام، ويحسن به النظام. قوله: (قيل الخ) الحديث من رواية الترمذفي عن عائشة رضي الله عنها، ولكنه ليس فيه أن أحدا من الأنبياء غيره صلى الله عليه وسلم لم يره على صورته الأصلية، ولذا مرضه المصنف فإنّ الذي صح أنه وآه على صورته موّتين مرّة في السماء، ومزة في الأرض بجياد، وليس فيه نفي رؤية كيره من الأنبياء، ولذا قال ابن حجر وحمه الله لم أجده هكذا في الكتب المعتمدة. قوله:(وقيل استولى بقوّته الخ) فاستوى بمعنى استولى كما في قوله تعالى: {اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}[سورة الأعراف، الآية: ٥٤] في أحد تفاسيره، وما جعل له ما أمر بمباشرته من الأمور، وقوله في أفق السماء الأفق الناحية، وجمعه آفاق، والمراد الجهة العليا من السماء المقابلة للناظر لا مصطلح أهل الهيئة. قوله:)