للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فتعلق به الخ (فالتدلي مجاز عن التعلق بالنبيئ بعد الدنوّ منه لا بمعنى التنزل من علو كما هو المشهور، ومرجع ضمير دنا وتدلى واحد أو هو دنوّ خاص بحال التعلق فلا قلب، ولا تأويل بأراد الدنوّ كما في الإيضاح، وقوله: وهو ثمثيل لعروجه بالرسول الضمير لقوله: فتدلى بمعنى تعلق لأنّ تعلقه به عبارة عن رفعه من الأرض للعروج به، وقيل: هو راجع لقوله: {ثُمَّ دَنَا} إلى قوله: أدنى، وهو يقتضي أنه لما عرج به كان على هيئته الأصلية، وقوله: وقيل الخ ففيه قلب على هذا، ولدّا لم يرتضه، وقوله: بأنه عرج أي جبريل به أي بالنبيّ بوو، وقوله: غير منفصل عن محله الضمير المستتر في منفصل، والمضاف إليه محله لجبريل أيضا، ومحله الأفق الأعلى، وقوله: لشذة قوّته لرفعه له، وهو في محله، وقوله: فإن التدلي الخ بيان للإشعار بما ذكر لحمل التدلي على معناه الأصلي وهو ما ذكره والاسترسال الاسترخاء، والمذ ودلي رجله من السرير أي أرسلها، وهو جالس عليه، والثمر المعلق كعناقيد العنب، ويخص بها في الأكثر.

قوله: (كقولك هو مني معقد الإزار (بفتح الميم، وكسر القاف محل عقده بيان لما فيه

من التجوّز المصحح لحمل قاب قوسين على ضمير جبريل فإنه كناية أو مجاز عن لازمه، وهو القرب أي هو قريب مني كقرب ما ذكر أو الضمير ليس لجبريل بل للمسافة بتأوللها بالبعد ونحوه، وقاب القوس وقيبه ما بين الوتر ومقبضه، والمراد به المقدار فإنه يقدر بالقوس

كالذراع، ولذا قال مقدارهما، وقد قيل: إنه مقلوب أي قابي قوس، ولا حاجة إليه فإن هذا إشارة إلى ما كانت العرب في الجاهلية تفعله إذا تحالفوا أخرجوا قوسين، ويلصقون إحداهما بالأخرى فيكون القاب ملاصقا للآخر حتى كأنهما ذوا قاب واحد ثم ينزعانهما معا ويرميان بهما سهماً واحداً فيكون ذلك إشارة إلى أنّ رضا أحدهما رضا الآخر، وسخطه سخطه لا يمكن خلافه كذا قاله مجاهد، وارتضاه عامّة المفسرين. قوله: (على تقديركم) يعني أو تكون للشك أو للتشكيك، وكلاهما غير مناسب هنا أشار إلى أنه من جهة العباد كالترجي بلعل، ونحوه فهو تمثيل لشدة القرب بأنه في رأي العين، ورأي الواقف عليه يقال: هذا إمّا قاب قوسين أو أقرب منه كما مرّ في قوله: أو يزيدون فإنّ المعنى إذا رآهم الراتي يقول: هم مائة ألف أو يزيدون، وخطاب تقديركم لكل من يصلح للخطاب من غير تعيين، وقوله: والمقصود أي بما ذكر من قوله: ثم دنا الخ، والمراد بملكة الاتصال قوة اتصال النبيّ صلى الله عليه وسلم بالملكة التي يعتمد عليها فأراد بالملكة لازمها، ولا مانع من إرادة معناها المعروف أيضاً، وقوله: بنفي متعلق بتمثيل، وقوله: واضماره أي إضمار ما يعود على الله، وقوله: كقوله: {عَلَى ظَهْرِهَا} أي حيث أتى بضمير الأرض، ولم يجر لها ذكر في قوله تعالى {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا} ما ترك على ظهرها من دابة، وقوله: وفيه تفخيم للموحي به أي إذا عاد لجبريل فإنه يصير كقوله: {فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ} [سورة طه، الآية: ٧٨] . قوله: (وقيل الضمائر الخ) مرضه لأنّ جمع القوى لا يناسبه، وقوله: ودنوّه أي الله منه أي من النبيّ صلى الله عليه وسلم برفع مكانة النبيّ أي علوّ رتبته عند الله وقوله: جذبه بشراً شره أي بكليته بحيث لا يبقى له معين، وهذا يقال له الفناء في الله عند المتألهين. قوله: (ما رأى ببصره من صورة جبريل الخ) (١١ لم يقل من جبريل تصحيحا لاستعمال ما كما في شرح الكشاف وقوله: أو الله ينبغي أن يرفع بتقدير أو هو الله إذ لا وجه لإضافة الصورة لله سبحانه، وهو إشارة إلى الخلاف في المرئيّ هل هو جبريل أو الله بالعين أو القلب، وقوله: ما كذب بصره بما حكاه له بالنصب على أنّ المفعول محذوف للعلم به. قوله:

(فإنّ الأمور القدسية تدرك أوّلاً بالقلب الخ) توجيه لكون الفؤاد مكذبا ومصدقا للبصر فيما يحكيه له فإنه يقتضي تقدم إدراك القلب على رؤية العين فكأنه لما شاهده بعدما عرفه وتحققه لم يكذبه فؤاده فيه بعد ذلك فإنك إذا عرفت الشمس بالحذ، والرسم كان ذلك نوعا من المعرفة فإذا أبصرتها، ثم غمضت عينك عنها كان نوعاً آخر منها فوق الأوّل فما في عالم الملكوت يعرف أوّلاً بالعقل فإذا شوهد ذلك بالحس علم أنه عين ما عرفه أوّلاً بعقله فلم يكذب القلب البصر فيه، وما قيل من أنه تعليل لمقدمة مطوية معلومة مما قبله، وهي أن الفؤاد يحكي مثله للبصر وأنه غير مسلم على المذهب السنيّ إذ يجوز تعلق الأبصار أوّلاً بذاته تعالى، وبالملائكة فهو على زعم الفلاسفة من اتصال الأنفس البشرية بالمجرّدات ثم

<<  <  ج: ص:  >  >>