موجوداً ليس له تلك السمة، ولذا استدل الخليل عليه الصلاة والسلام بالأفول على وجود الصانع وأثر النجوم ظهورها، واضاءتها. قوله:(أو بمنازلها ومجاريها) فانّ فيها من الدلالة على القدرة القاهرة والحكمة الباهرة ما لا يحيط به الوصف. قوله:(لما في القسم) وفي نسخة لما في المقسم به وهو المراد بالقسم فهما بمعنى فله تعالى في وقت غروب النجوم أفعال عظيمة دالة على قدرته وعظيم حكمته وهو وقت مناجاة المتهجدين ونزول الرحمة والرضوان على عباده الصالحين وليس فيه لف ونشر مرتب لوجوه مواقع النجوم لإمكان اعتبار الجميع في كلى منها كما لا يخفى. قوله:(ومن مقتضيات رحمتة الخ (السدي المهمل والمراد به هنا ترك تكليفهم بالأوامر، والنواهي وبيان ما ينتظم به المعاس، والمعاد، وهذا توطئة لقوله: إنه لقرآن كريم، وبيان لمناسبة المقسم به للمقسم عليه لتضمن القرآن جميع المصالح الدنيوية، والأخروية وليس تخصيصا للوجه الثالث من تفسير مواقع النجوم بالإشارة إلى تحقق فرط الرحمة فيه لما فيه من الخفاء بمعنى أنّ استعبادهم بالأمر، والنهي، وأن لا يهمل أمرهم
اهتمام بشأنهم واستسعادهم كما قيل فإنّ بيانه للمرجوح دون غيره بعيد، والخفاء فيه غير ظاهر فإنه من الظهور بمرتبة لا تخفى على ذي عينين. قوله:) وهو اعتراض في اعتراض (ضمير هو لما ذكر مع قطع النظر عن التعيين فالظرفية على حقيقتها أي ما ذكر مشتمل على اعتراض في ضمن آخر فلا حاجة إلى جعل في بمعنى مع كما في قوله: {ادْخُلُواْ فِي أُمَمٍ}[سورة الأعراف، الآية: ٣٨] لأنّ لو تعلمون مظروف لا ظرف فإنه تخيل بارد، ولا إلى ما قيل من أنه قلب، والتقدير اعتراض فيه اعتراض، والاعتراض الأوّل تعظيم للقسم مقرّر، ومؤكد له، والثاني، وهو لو تعلمون تأكيد لذلك التعظيم. قوله: (كثير النفع الخ) الكرم لا يختص بكثرة الإحسان، والبذل كما يتوهم بل هو صدور شيء مما يحمد من الأفعال، والأوصاف ويوصف به الله تعالى، والناس، وغيرهم وقد خصه العرف بما ذكر أوّلاً فتفسير المصنف له بكثير النفع إتا لأنّ كثرته وصف محمود فهو بمعناه الحقيقي أو أنه مستعار من الكرم المعروف كما في شرح الكشاف، وإذا فسر بالحسن المرضيّ فعلى أنّ الكرم الاتصاف بكل ما يحمد في بابه، وترك ما قدره الزمخشريّ من أن المعنى أنه كريم على الله لأنه يرجع لما ذكر، وفيه تقدير من غير حاجة. قوله:(مصون) أي محفوظ عن غير الملائكة أو مصون ما فيه فلا يمحى، وقوله: لا يطلع على اللوح الخ. فالجملة صفة لكتاب المفسر باللوح المحفوظ، ونفى مسه كناية عن لازمه، وهو نفي الاطلاع عليه، وعلى ما فيه، والمراد بالمطهرين حينئذ جنس الملائكة فطهارتهم نقاء ذواتهم، وخلقتهم عن كدر الأجسام، ودنس الهيولى فهي طهارة، وتقديس معنوي لهم صلوات الله، وسلامه عليهم أجمعين. قوله:(أو لا يمس القرآن الخ) فالضمير للقرآن لا للكتاب بمعنى اللوح كما في الوجه الأوّل والطهارة المراد بها الشرعية عن الحدث الأصغر، والاكبر فالجملة صفة قرآن أو مستاً نفة، ورجح هذا بأنّ الكلام مسوق لتعظيم القرآن. قوله:(فيكون نفياً بمعنى النهي) والمعنى لا ينبغي، ولا يليق مسه لمن لم يكن على الطهارة، وهو استعارة أبلغ من النهي الحقيقي كما مرّ تقريره، ولم يحمل على الأخبار لئلا يلزم الكذب في أخباره تعالى هذا ما اتفق عليه المفسرون، ولم يجعلوها ناهية جازمة مع أنه محتمل كما يأتي لوجوه لأنه على التفسير الأوّل خبر بلا كلام فأبقى على حاله، ولأنه أبلغ من صريح النهي، ولأنّ المتبادر من الضمة أنها إعراب فالحمل على غيره فيه إلباس، ولأنه قرئ ما يمسه وهو مؤيد لأنّ لا نافية، ولأنه صفة، والأصل فيها أن تكون جملتها خبرية، وترك الأرجح من غير داع في قوّة الخطا فسقط ما قيل إنها ناهية جازمة، ولو فك الإدغام ظهر الجزم نحو لم
يمسسهم سوء فلما أدغم ضمّ لأجل هاء الضمير المذكر، ولم ينقل سيبويه فيه عن العرب غير الضم وإن اقتضى القياس جواز فتحه تخفيفاً، وبعضهم ظنه لازما، وما أورد عليه من أنه صفة لأنّ بعده تنزيل وهو صفة أيضاً والصفة لا تكون إلا جملة خبرية لا ناهية مردود بأنّ تنزيل يجوز كونه خبر مبتدأ مقدّر لا صفة ولو سلم فهذه صفة بالتأويل المشهور، وهو تقدير مقول فيه لا يمسه الخ. قوله:(أو لا يطلبه الخ) فالمس كاللمس يكون مجازا عن الطلب كقوله: {أَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاء}[سورة الجن، الآية: ٨] كما مرّ والمقصود المدح له بأنه بأيدي كرام بررة والمطهرون بإبدال التاء طاء، وادغامها والقراءة الأخيرة المطهرون بفتح الطاء، وتشديد الهاء المكسورة