اسم فاعل من طهره فلذا قدّر مفعوله، وقوله: الإلهام ناظر إلى تفسيرهم بالملائكة، وهذه القراءة منقولة عن سلمان رضي الله عنه، وقوله: صفة ثالثة إن كان لا يمسه الخ صفة لكتاب، والأولى كريم، والثانية في كتاب مكنون وكونها رابعة إذا كانت جملة لا يمسه صفة أيضاً وقد مرّ ما فيه واحتمال غيره. قوله:(متهاونون به) أصل الأدهان جعل الأديم ونحوه مدهوناً بشيء من الدهن، ولما كان ذلك مليناً له لينا محسوساً أريد به اللين المعنوي على أنه تجوّز به عن مطلق اللين أو استعير له، ولذا سميت المداراة والملاينة مداهنة، وهذا مجاز معروف، ولشهرته صار حقيقة عرفية فلذا تجوّز به هنا عن التهاون أيضاً لأنّ المتهاون بالأمر لا يتصلب فيه. قوله:(أي شكر رزقكم) بيان للمراد منه لأنه ورد في البخاريّ وغير. مفسراً بهذا، ولذا لم يفسره بالمتبادر منه وهو حمل الرزق على النعمة مطلقا أو نعمة القرآن وعلى هذا ففيه مضاف مقدر أو الرزق مجاز عن لازمه وهو الشكر، وقيل: الرزق من أسماء الشكر نقله الكرماني في شرح البخاريّ، ولا يخفى بعده وقوله: بمانحه بالنون والحاء المهملة بمعنى معطيه، وهو تقدير لمتعلق تكذبون وفسر تكذيبهم بقوله: تنسبونه الخ. قوله:(وقرئ شكركم) هي قراءة منقولة عن ابن عباس وعليّ رضي الله عنهم، وقد حمله بعض شراح البخاريّ على التفسير من غير قصد للتلاوة، وقوله: أي وتجعلون الخ فهو كقوله:
تحية بينهم ضرب وجيع
إذ جعلوا التكذيب مكان الشكر فكأنه عينه عندهم على ما مرّ من تفصيله، وقوله:
وتكذبون أي قرئ تكذبون بالتخفيف من الكذب الثلاثيّ فهو معطوف على قوله: شكركم. قوله:(إنه من الإنواء) جمع نوء بفتح النون، وسكون الواو والهمزة قال الخطابيّ: النوء الكوكب، ولذا سموا نجوم منازل القمر أنواء وسمي النجم نوءا لأنه ينوء طالعاً عند مغيب مقابله في ناحية الغرب، وكان من عادة الجاهلية قولهم: مطرنا بنوء كذا فيضيفون نعمة الله عليهم بالغيث، والسقيا لغيره تعالى فزجرهم عنه، وسماه النبيّ صلى الله عليه وسلم في الحديث:(كفراً (إمّا لأنه يفضي إلى الكفر إذا اعتقد أنّ الكواكب مؤثرة حقيقة، وموجدة للمطر أمّا لو قاله من يعتقد أنه من فضله تعالى والنوء ميقات وعلامة له كما جرت به العادة فلا يكفر أو المراد كفران نعمه تعالى إذ أضافها لغير موجدها، وقال ابن الصلاح: النوء مصدر ناء النجم إذا سقط أو غاب أو نهض ولهم ثمانية، وعشرون نجماً معروفة المطالع في السنة، وهي المعروفة بمنازل القمر يسقط في كل ثلاث عشرة ليلة نجم منها في المغرب مع طلوع مقابله في المشرق، وهم ينسبون المطر للغارب، وقال الأصمعيّ: للطالع، ثم سموا النجم نفسه نوءا. قوله: (أي النفس) تفسير لفاعل بلغت، ولذا ذكر النفس لأنها مؤنثة وأراد بها الروح بمعنى البخار المنبعث عن القلب دون النفس الناطقة فإنها لا توصف بما ذكر، وقوله: تنظرون حالكم كذ! في النسخ كلها، وعبر به لأنهم يعلمون أنّ ما جرى عليه يجري عليهم فكأنهم شاهدوا حال أنفسهم ولولا قصد ذلك قال حاله، وقوله: والواو للحال وذو الحال فاعل بلغت، والاسمية المقترنة بالواو لا تحتاج في الربط للضمير لكفاية الواو فلا حاجة إلى القول بأنّ العائد ما تضمنه قوله حينئذ لأنّ التنوين عوض عن جملة. قوله:(ونحن أعلم) تفسير له لأنه مجاز مرسل ذكر فيه السبب، وأريد المسبب كما بيته، ولو أخره عن قوله إليه كان أولى، وتعدبه بإلى باعتبار أصل معنا. لأنّ المجاز ينظر في صلته إلى أصله، وقد ينظر للمعنى المجازي كما فصلوه في محله، ولو جعل استعارة تمثيلية باستعارة مجموع أقرب إليه كان أحسن، وجملة نحن أقرب معترضة لا حالية، وإن جاز أيضا. قوله:(لا تدركون كنه ما يجري عليه) يعني نفي الأبصار مجاز عن نفي إدراك حقيقة ما يقاسيه فهي بصرية تجوّز بها عما ذكر للمبالغة بجعل أبصارهم كالعدم، وليس بيانا لأنه من البصيرة دون البصر كما قيل، وإن احتمل، والاستدراك على قوله: تنظرون لأنّ ما بينهما اعتراض أي تشاهدون أنموذج حالكم لكنكم لا تدركون حقيقه، وهذا هو المناسب للسياق، وإن خفي على من قال الأقرب تفسيره بلا تدركون كوننا أعلم به منكم، ولو لم يفسر.
به لم يصادف الاستدراك محزه فتدبر. قوله:(مجزيين الخ) يعني أق أصله الانقياد، ولذا عبر به عن الملك، والتعبد لأنه لازمه، وعن الجزاء كما في قوله: كما تدين تدان، وهو ظاهر، وقوله: ترجعون النفس الخ أي تردّونها ورجع متعد هنا، ويكون لازماً أيضا