بمعنى ناصره، وكون جبريل مولاه بمعنى قرينه، وهو قريب من معنى الناصر، وكون المؤمنين مولاه بمعنى أتباعه والظاهر أنه قدّر لكل منهما خبراً على حده، ويجوز جعل مولاه خبرا عن الجميع لكنه يلزمه استعماله في معانيه، والأوّل أولى وفيه بحث. قوله:(متظاهرون) إشارة إلى أنّ ظهير بمعنى الجمع، واختير الإفراد لجعلهم كشيء واحد، وظاهر كلامه أنّ ظهير خبر الملائكة، وقد جوّز كونه خبرا لجبريل، وما عطف عليه وأن يكون خبراً له، وخبر ما بعده مقدر كقوله: وإني وتياربها لغريب
ولو قال بدل قوله: متظاهرون مظاهرون كان أظهر. قوله:(والمراد بالصالح الجنس) الشامل للقليل والكثير، والمراد به الجمع هنا كالحاضر والسامر، ولذا عم بالإضافة لأنّ الجمع
المضاف من صيغ العموم، ولذا لم يحمل على العهد هنا، وإن روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: " انّ صالح المؤمنين هنا أبو بكر وعمر، ورفع ذلك إلى النبئ صلى الله عليه وسلم) وقد ذهب إليه قتادة وعكرمة، وهو مناسب لذكر جبريل والملائكة عليهم الصلاة والسلام، فإنّ المراد دخولهما بالطريق الأولى لا التخصيص. قوله:(بعد ذلك ثعظيم لمظاهرة الملائكة) لأنّ موقع بعد ذلك هنا موقع، ثم في قوله تعالى:{ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا}[سورة البلد، الآية: ١٧] في إفادة التفاوت الرتبي كما بينه الزمخشريّ في قوله: {بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ}[سورة القلم، الآية: ١٣] ولما أوهم هذا أنّ نصرة الملائكة أعظم من نصرة الله تعالى وهو محال، دفعه بأنّ نصرة الله على وجوه شتى من أعظمها نصرته بالملائكة، فتعظيم نصرة الملائكة لكونها نصرة الله يتضمن تعظيم نصرته تعالى، واليه أشار بقوله من جملة ما نصره الله به، وليس في هذا تعرض لتفضيل الملك على البشر بوجه، حتى يتصد! لدفعه. قوله:) على التغليب) في خطاب الكل، مع أنّ المخاطب أوّلاً اثنتان منهن، وفي لفظة إن الشرطية أيضاً الدالة على عدم وقوع الطلاق، وقد روي أنه صلى الله عليه وسلم طلق حفصة رضي الله تعالى عنها فغلب ما لم يقع من الطلاق على الواقع. قوله:(أو تعميم الخطاب الخ) يعني لجميع زوجاته صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين، فيكون التفاتا إلى الجميع وخطابهن لأنهن في مهبط الوحي وساحة العز والحضور فيصلحن لذلك، فلا تغليب لا في الخطاب، لأنه قصد خطاب الجميع، ولا في أن لأنّ طلاق الجميع لم يقع، ولذا عقب بقوله وليس فيه الخ، قوله:(والمعلق بما لم يقع الخ) يعني أنه علق إبدال خير منهن بتطليق الجميع، وهو لم يقع فلا يقع الإبدال ولا الخيرية، ولا يلزم أن يكون في الدنيا، أو في عصره
صلى الله عليه وسلم من هو خير من أمهات المؤمنين، حتى يتكلف لدفعه. قوله:(وقرأ نافع وأبو عمرو بالتشديد (هكذا وقع في النسخ وفي بعضها بالتخفيف، وهو سهو من الناسخ كما يعلم من كتب القرا آت. قوله: (مقرات) هو معنى مسلمات ومخلصات، معنى مؤمنات لأنه يعتبر فيه تصديق القلب، وهو لا يكون إلا مخلصاً فلا تكرار في الجمع بينهما هنا، أو الإسلام بمعنى الانقياد، وهو معناه اللغوي فيفيد ذكره مع المؤمنات، وقوله: مصليات الخ، على أنّ القنوت بمعنى الصلاة أو الطاعة المطلقة، وقوله: أو متذللات لأن التعبد يكون بمعنى التذلل كما مرّ، وقوله: صائمات الخ أصل السياحة الذهاب في الأرض للعبادة، ولذا سمي المسيح مسيحا في قول، ثم إنه ورد بمعنى الصائم تشبيها له بأهل السياحة للعبادة في عدم الزاد نهاراً، أو المراد بها الهجرة لأنها سياحة الإسلام. قوله:(وسط العاطف بينهما الخ) يعني ليست هذه الواو واو الثمانية كما توهم، وأنما هي كالواو في قوله تعالى:{الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ}[سورة التربة، الآية: ١٢ ا] حيث ترك عطف ما سواها، لأنها صفات مجتمعة في شيء واحد بيتها شدة اتصال تقتضي ترك العطف، وهاتان بينهما تقابل بحيث لا تجتمعان في ذات واحدة، فلذا خصتا بالعطف للدلالة على تغايرهما وعدم اجتماعهما، فإن قلت فحينئذ كان العناسب ألعطف بأو الفاصلة دون الواو الواصلة، قلت هو من وصف الكل بصفة بعضه، وهما مجتمعان في الكل فكأنه قيل: أزواجاً بعضهن ئيبات، وبعضهن أبكار فتأمّل. قوله:(ولأنهما في حكم صفة واحدة) يعني أنهما هنا كشيء واحد لأنّ المراد إحدى هاتين الصفتين، فالعطف للدلالة على ذلك فتدبر. قوله: (عطف على واو قوا الوجود الفاصل بينهما، فإنه لا يشترط فيه أن يكون تأكيدا، وقوله: فتكون أنفسكم الخ يعني أنّ أصله قوا أنتم وأهلوكم أنفسكم، وأنفسهم بأن بقي ويحفظ كل نفسه عما يوبقها، فقدم الأنفس وغلب أنفس المخاطبين على أنفس أهليهم، فشملهم الخطاب جميعاً، والتغليب في كم، وفي قوا أيضاً، والمراد بالقبيلين هم وأهلوهم. قوله: