وفي خلقه مجبولاً عليها أنه ينازع نفسه فيها، ويمانعها فيظهر قوّة عقله ويتم له ما يستحق به الثواب والعقاب وزوالها وعدم زوالها قد ذكرناه،
قوله:(استثناء الخ) ردّ لما في الكشاف من أنّ الاستثناء لا يصح، لو كانوا مجبولين عليه لاقتضلأفه تحققه في المهد بل قبله وهم كغيرهم في حال الطفولية، ولذا خصه بالمطبوعين لأنه المذكور في الكشاف، ولأنه المشكل لا لترجيح الوجه الثاني كما توهم لأنه يخالفه ما ذكره قريباً ولم يبين أنه متصل أو منفصل، وقد جوز فيه الانقطاع لأنه لما وصف من أدبر وتولى معللاً بهلعه، وجزعه قال: لكن المصلين في مقابلتهم أولئك في جنات الخ ثم كر على السابقين بقوله: {فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا}[سورة المعارج، الآية: ٣٦] تخصيصا بعد تعميم عودا على المستهزئين الذين استفتح السورة بسؤالهم أو هو متصل على معنى إنهم لم يستمر خلقهم على لهلع فإنّ الأوّل لما كان تعليلا كان معناه خلقاً مستمرا على الهلع والجزع إلا المصلين فإنهم لم يستمر خلقهم على ذلك، وعلى الثاني حمل كلام المصنف رحمه الله تعالى، وهو وإن لم يصرّج به فإنه عند التأمّل كالصريح فيه فتدبر. قوله:(بالصفات المذكوررة (في قوله: {إِلَّا الْمُصَلِّينَ} الخ، وقوله على الأحوال المذكورة قيل في جعله هلوعا جزوعا منوعاً، وقوله: لمضادّه تلك الصفات متعلق باستثناء وضمير لها للأحوال، وقوله: من حيث إنها أي الصفات المذكورة وقوله: الحق المراد به الله والاستغراق في طاعته معنى قوله: {عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ} والإشفاق الخ معطوف على الاستغراق، وهو من قوله: في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم والإيمان بالجزاء من قوله: {وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ}[سورة المعارج،
الآية: ٢٦] فإنّ الدين بمعنى الجزاء، والخوف من العقوبة من قوله تعالى:{مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ} الخ وكسر الشهوة من قوله تعالى: {لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} . قوله: (وإ-شار الآجل (أي تقديم أمور الآخرة على العاجل من الدنيا هذا معلوم من جميع ما ذكر ومن بذل أموالهم واستغراقهم في الطاعة، وقوله: وتلك أي الأحوال من الهلع ورفيقيه، ولما كان المراد بقوله: العاجل الدنيا أنث الضمير الراجع إليه فقال عليها لأنها المراد منه، ولو قال عليه استغنى عن التأويل. قوله: (كالزكوات والصدقات الموظفة (ترك قول الزمخشري لأنها مقدرة معلومة واقتصر على قوله: موظفة، ومعناه تعيين زمانها فقط لأن السورة مكية والزكاة إنما فرضت وعين مقدارها بالمدينة، وكانت قبل ذلك مفروضة من غير تعيين لكن في كون زمانها موظفا معلوما أيضا نظر فليحرر. قوله: (والذي لا يسأل فيحسب الخ) يعني معنى المحروم هنا بطريق الكناية المتعفف عن السؤال لأنه من شأنه أن يحرم إذ لو أريد من يحرموه بأنفسهم كان أوّل الكلام مناقضاً لآخره. قوله:(تصديقاً بأعمالهم (هو مصدر لقوله: {يُصَدِّقُونَ} ولم يرد بذكره أنه مقدر بل أراد تفسير التصديق، وبيان أن المراد به أكمله وهو ما فاض من الباطن على الظاهر لأنّ التصديق القلبي عام لجميع المسلمين لا امتياز فيه لأحد منهم، وأمّا كونه مصدراً مؤكداً لا يعمل أو هو عامل وذكر لئلا يتعلق حرفا جر بمتعلق واحد كما قيل فليس مراداً له، وإنما هو إلزام له بما لم يلتزمه، وقوله: وهو أي التصديق بالأعمال وجعله عين الأتعاب مبالغة، والمراد بالأتعاب الجد في الأعمال الدينية. قوله: (ولذلك ذكر الدين) الإشارة إفا للتصديق بالأعمال فذكر الدين لأنه في الأصل الطاعة والانقياد فيناسب العمل أو للطمع في المثوبة لأنّ الدين بمعنى الجزاء. قوله:(اعتراض يدل على أنه الخ (بيان لوجه الاعتراض بين المتعاطفين هنا وقوله: لأحد العموم من عدم ذكر الآمن وقوله، وإن بالغ في طاعته من جعل هؤلاء خائفين مع ما وصفوا به من الطاعة، وقوله: حافظون لأن أصل معنى الرعي حفظ الحيوان بما به بقاؤه، ثم شاع لمطلق الحفظ. قوله: (يعني لا يخفون ولا ينكرون) وقع هنا في النسخ اختلاف،
وأظهرها وأصحها ما ذكر فإن القيام بالشهادة وحقوقها عدم الإخفاء والإنكار لها أو لشيء منها، وفي نسخة سقطت لا وذكر يحقودط بالحاء المهملة والقاف وفي نسخة يحنون بنون بدل الفاء وفسر بلا يضيعون، وقيل: إنها أولى لشمولها للعهد والظاهر أنها كلها تحريف والصواب هو الأوّل، وقوله: أو لا يخفون ما علموه تفسير للقيام بالشهادة وتعميم لها بما يشمل حقوق الله وحقوق العباد، وقوله: لاختلاف الأنواع إذ لم يقصد هذا أفرد لأنه مصدر شامل للقليل والكثير. قوله: (فيراعون شرائطها الخ الأن الحفظ عن الضياع استعير للإتمام والتكميل