الالتفات له والاستعداد، ولذا قيل: إنه على الأوّل حال من يوماً وعلى الثاني ظرف لقوله: يذرون، ولو جعل على وتيرة واحدة في التعلق صح أيضاً، وقوله: الباهظ بالموحدة والظاء المشالة تفسير للثقيل لكنه تفسير بما هو أخفى يقال: بهظه الحمل إذا أثقله فعجز عنه أو شق عليه حمله، فكأنه توصيف له بما يفيد أنّ في فعيل مبالغة في الثقل وفي نسخة من الثقل الباهظ وهي أحسن والاستعارة تصريحية أو مكنية وتخييلية والكل ظاهر. قوله:(وهو كالتعليل لما أمر الخ) يعني في قوله: ولا تطع إلى هنا فكأنه قيل: لا تطعهم، واشتغل بالأهم من العبادة لأنّ هؤلاء تركوا الآخرة للدنيا فاترك أنت الدنيا، وأهلها للآخرة وإن هذا يفيد ترهيب مجيء العاجل وترغيب مجيء الآجل والأوّل علة للنهي عن طاعة الآثم والكفور والثاني علة للأمر بالطاعة. قوله:(وأحكمنا ربط مفاصلهم الخ) يعني الأسر معناه في اللغة الشد والربط ويطلق أيضاً على ما يشدّ ويربط به، ولذا سمي الأسير أسيراً بمعنى مربوط فشبهت الأعصاب بالحبال المربوط بها ليقوي البدن بها أو لإمساكها للأعضاء، ولذا سموها رباطات أيضا والعارف يقول فمن كان أسره من ذاته وسجنه دنياه في حياته فليبك مدة عمره ويتأسف على وجوده بأسره، وقوله: شذة الأسر أي قوّة أعصابهم وبدنهم. قوله:(يعني النشأة الثانية (يعني المراد بالتبدل إيجادهم في النشأة الثانية بعد الموت وقوله: ولذلك أي لأنّ المراد النشأة الأخرى المحققة عبر بإذا الدالة على التحقق وجعل فيه
تبديل الصفات بمنزلة تبديل الذوات فكان ذكر المشيئة على هذا لإبهام وقته، ومثله شائع كما يقول العظيم لمن يساله الأنعام إذا شئت أحسن إليك وقوله: وإذا التحقق القدرة وفي نسخة لتحقيق القدرة وهما بمعنى يعني أنّ إبدال الناس بعد إعدام جنسهم وهو تبديل في الذوات لم يثأه الله ولم يقع فلو أريد هذا كان المناسب أن بدل إذا كما في قوله: {إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ}[سورة النساء، الآية: ١٣٣] لكنه لتحقق قدرته عليه وتحقق ما يقتضيه من كفرهم المقتضي لاستئصالهم جعل ذلك المقدور المهذد به كالمحقق، وعبر عنه بما يعبر به عن المحقق وهو إذا المناسبة للمقام، وهذا معنى ما نقل عن الزمخشري من أنه إنما جاز ذلك لأنه وعيد جيء به على سبيل المبالغة حتى كان له وقتا معينا فلا وجه لقوله في الكشف لا إخال نسبته إليه صحيحة وقد جاء في نظيره في التنزيل وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم لأنّ النكات لا يلزم اطرادها، وما قيل من أنّ كلمة الشك دخلت فيما تلاه على التولي لا على الاستبدال فإنه مقطوع على تقدير وقوع الشرط لا يخفى ما فيه من الخبط والخلل فتدبر. قوله: (تقرّب إليه بالطاعة) يعني أن اتخاذ السبيل إليه تعالى يكون بالطاعة الموصلة لقربه إيصال السبيل للمقاصد فهو تمثيل هنا، وقوله: إلا وقت الخ يعني أن يشاء الله في محل نصب على الظرفية بتقدير المضاف الذي سد مسده، وقوله تعالى:{وَمَا تَشَاؤُونَ} الآية قال بعض الفضلاء: معناه ما تشاؤون شيئآ أي ما تشاؤون اتخاذ سبيل إلى الله بدليل قوله: {فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا}[سورة الإنسان، الآية: ٢٩] أي لا تتخذون السبيل بمشيئتكم إلا أن يشاء الله اتخاذكم والمقصود أنّ مشيئة العبد في أفعاله الاختيارية غير كافية بل لا بد مع ذلك من مشيئة الله تعالى بلا استقلال للعبد ولا جبر من السيد بل أمر بين أمرين يتحقق بالمشيئتين فيكسب العبد ويخلق الرب، وقوله: عليما أي يعلم ما يتعلق به مشيئة العباد من الإيمان والتقوى وخلافه حكيما لا يشاء الأعلى وفق حكمته، وهو أن يشاء العبد فيشاء الرب لا العكس ليتأتى التكليف من غير انفراد لإحدى المشيئتين عن الأخرى فخير الأمور أوسطها اهـ. فوله:(مشيئتكم) رد على الزمخشري حيث قال: إلا أن يشاء الله يقسرهم عليها فإنه تحريف من غير دليل والظاهر ما ذكره المصنف فإنّ مفعول المشيئة يقدر من جنس ما قبله وزيادة القسر هنا تعسف كما بينه شراح الكشاف. قوله:(بما يستأهل (بالهمزة ويجوز إبدالها ألفاً أي بما يستحق وأصل معناه يصير أهلا وقد! رّ تحقيقه، والقول بأنه لا يلائم المذهب الحق غير سديد فإن علمه باستحقاق كل أحد ومجازاته كما يستحق لا يقتضي الوجوب عليه كما توهمه القائل فتدبره بعين الأنصاف. قوله: (مثلاَ أوعد
أو كافأ) بالهمز في آخره بمعنى جازى، ولم يقدر المذكور بعينه لأنه لا يتعدى بنفسه بل با كما يقدّر في نحو زيداً مررت به جاوزت زيداً مررت به، وقوله: ليطابق الخ دفع لما يقال أنه لو رفع استغنى عن التقدير فلم كانت القراءة المشهورة بالنصسب لأنّ المعطوف عليه ويدخل من