أن يكون بنفي أحدهما فتشبيهه بالنهي عن التأفيف لا يصح، ويرده إنه لا شك إنّ أو في جميع مواقعها لأحد الشيئين، ويعرض لها معان أخر كالشك والإباحة، وغير ذلك فإذا قلت: اضرب زيداً أو عمراً فالمعنى اضرب أحدهما فقط وإذا قلت لا تضرب زيداً أو عمرا فالأصل أنّ معناه لا تضرب أحدهما واضرب الآخر كما في الأمر لكنه بمعنى لا تضرب أحدهما والأحد الأغلب عليه في غير الإثبات العموم فمعناه لا تضرب زيداً ولا عمراً، واحتمال غيره مرجوح والقرينة هنا دافعة له لوصفه بآثما وكفورا إذ المعنى لا تطع من كان فيه أحد هذين الوصفين فالنهي عمن اجتمعا فيه يعلم بالطريق الأولى، ولذا رد القول بأن أو هنا
بمعنى الواو انتهى محصله إذا عرفت هذا فقوله: كل واحد أتى بكلمة كل لأنه لو قال لا تطع واحدا لم يفد ما أراده من عموم النهي هنا وليس الواحد كالأحد في العموم فما قيل من أنّ الأولى طرح كل لإيهامها خلاف المقصود هنا لا وجه له وقوله: الداعي لك إليه إشارة إلى أنّ تعليق النهي بالموصوفين ليس لمجرد الدلالة على الاتصاف بهذين الوصفين بل للدلالة على ارتكاب ذلك، والدعوة إليه فإنه إذا قيل لا تطع الظالم فهم منه لا تتبعه في الظلم، ولولاه كان ذكر الآثم لغوا كما في الكشاف، وقوله: الغالي في الكفر من صيغة فعول. قوله:(وأو للدلالة على أنهما سيان) كذا في بعض النسخ بالواو العاطفة قبل أو فهو وجه واحد مع ما قبله وفي بعضها أو من غير واو فهما وجهان كما في بعض الحواشي، وهو ظاهر ودلالتها على الاستواء فيما ذكر لما عرفت أنها وضعت للدلالة على أنّ الحكم لأحد الشيئين من غير ترجيح لأحدهما على الآخر، وما عداه من المعاني بواسطة القرائن الخارجية فليس فيه إشارة إلى أنها للإباحة كما توهم فالمقصود الدلالة على ما ذكر لا لأنه نهي عن إطاعة أحدهما دون الآخر حتى تكون الواو أولى هنا. قوله:(والتقسيم الخ) دفع لما يقال كلهم كفرة فما معنى التقسيم فيه بأنّ التقسيم ليس باعتبار ذواتهم حتى يكون بعضهم آثماً وبعضهم كفورا بل باعتبار ما دعوه له فإن منهم من دعاه ل! ثم ومنهم من دعاه للكفر، وقوله: فإن ترتب الخ أي ترتب النهي على الوصفين باعتبار أنّ الحكم على مثتق يقتضي أنّ مأخذ الاشتقاق علة له فقوله: بأنه أي النهي لهما أي الوصفين المذكورين وقوله: يستدعي أن تكون المطاوعة الخ أي المطاوعة المنهيّ عنها، وفي نسخة أن لا تكون فالمراد ضدّها والإثم إذا أطلق يراد به غير الكفر وهو المراد. قوله:(وداوم على ذكره) إشارة إلى شيئين الأوّل أنّ الأمر للدوام لأنه لم يترك ذكره حتى يؤمر به، والثاني أنّ قوله: بكرة وأصيلا كناية عن الدوام، وقوله: فإنّ الأصيل الخ أما تناوله للعصر فظاهر وأما تناوله للظهر فباعتبار أواخره إذ الزوال وما يقرب منه لا يسمى أصيلا وما قيل إنه قد يسمى ذلك أصيلاَ لو سلم فهو ارتكاب لغير المعروف من غير ضرورة تدعو له، والذي غرّه إنهم فسروه بالعشية وهي تطلق على ما ذكر وهذا يقتضي أن هذه السورة نزلت بعد فرض الصلوات الخمس، وهو الظاهر. قوله:(وبعض الليل الأن من تبعيضية، وقوله: فصل لأنّ السجود مجاز عن الصلاة بذكر الجزء وارادة الكل، وقوله: صلاة المغرب والعشاء ليتضمن
الكلام الصلوات كلها، وقوله: وتقديم الظرف الخ يعني للاعتناء والاهتمام بظرفها وتشريفه الدال على أنها كذلك بالطريق الأولى وليس للحصر كما لا يخفى والكلفة المشقة لأنه زمان الاستراحة من الأعمال والفراغ، والخلوص لبعده عن الرياء والفاء على معنى الشرطية فالتقدير ما يكن من شيء فصل من الليل، وهو يفيد أيضا بتأكيده الاعتناء التامّ. قوله: (وتهجد له طائفة طويلة) حمله على التهجد لذكره بعد الصلوات كلها على تفسيره السابق إذ صلاة الليل غيرها كذلك وأصل التسبيح التنزيه، ويطلق على العبادة القولية والفعلية فلذا فسر المسبحين بالمصلين كما ذكره الراغب وفي تأخيره، وتأخير ظرفه ما يدل على أنه ليس بفرضى، وأما كونه معبراً عنه بالتسبيح فلا دلالة له على ما ذكر كما قيل، وقوله: طائفة الخ إشارة إلى أن التنوين للتبعيض كما مرّ في قوله ليلا من المسجد الحرام فيفيد أن تهجده من بعض، ومقدار طويل من الليل فقد وصف بعض الليل الواقع ذلك فيه بالطول فيفيد ما ذكر من غير تكلف ما قيل إنّ توصيف الليل بالطويل ليس للاحتراز عن القصير لعموم زمان التهجد بل لتطويل زمان التسبيح. قوله:(أمامهم) لأنّ يوم القيامة كذلك وجعله خلف ظهورهم بمعنى عدم