الظاهر ومحبة الله ومودته بأنعامه وإكرامه إذ المحبة بالمعنى الحقيقي لا يوصف بها الله تعالى، وقد مرّ مرارا. قوله:(خالقه) تفسير لكونه صاحب العرش لأنه السرير، وهو في صفات غير الله بمعنى آخر وقوله: الملك هو بطريق الكناية أو التجوّز ولو جعل ذو العرش بمعنى الملك أيضا جاز، وقيل: إنه الأظهر، وقوله: صفة لربك فقوله: إنه هو جملة معترضة والفصل بين الصفة والموصوف بالخبر جائز لأنه غير أجنبي كما صرّح به ابن مالك، وإن خالف فيه ابن الحاجب فإنه قال: إنه شاذ. قوله:(فإنه واجب الوجود) هذا تعليل لعظمة الذات فإن واجب الوجود تستند إليه جميع الذوات وكل الموجودات، وتامّ القدرة والحكمة تعليل لعظم الصفات كلها لأنهما من أصولها لاقتضائهما إحاطة العلم وهكذا، وقوله: وجرّه الخ جزم في الكشاف على هذه القراءة بأنه صفة للعرش لأنّ الأصل عدم الفصل بين التابع والمتبوع فلا يذهب إليه من غير داع. قوله:(ومجده علوّه
وعظمته) يعني إذا وصف به العرش فمجده بهذا المعنى كما ورد في الحديث من أنّ الكرسيّ بجنب العرش كحلقة فلا فلاة وإذا وصف به الله فالمراد سعة فيضه، وكثرة جوده كما فصله الراغب. قوله:(لا يمتنع عليه مراد الخ) أي هدّا دال على العموم وانه تعالى قادر على جميع ما يريد وفاعل له فإيمان الكافر وطاعة العاصي لو أرادهما أوجدهما، وهو رد على المعتزلة في قولهم: إنه تعالى يريد إيمان الكافر وطاعة العاصي على ما عرف من مذهبهم، ولذا عدل المصنف رحمه الله تعالى عما في الكشاف إلى ما ذكر وهو مشهور. قوله:(أبدلهما من الجنود الخ (ولما لم يطابق البدل المبدل منه في الجمعية لأنه بدل كل من كل قيل: هو على حذف مضاف أي جنود فرعون، وقيل: المراد بفرعون هو وقومه واكتفى بذكره عنهم لأنهم أتباعه قيل، ويجوز أن يكون منصوباً بإضمار أعني لأنه لما لم يطابق ما قبله وجب قطعه ولا يرد عليه أيضا إنه تفسير للجنود فيعود الإشكال لأنه لو أبدل كان المعطوف عليه عين الجنود إلا أن يدعي أنّ البدل هو المجموع، وهو خلاف الظاهر بخلاف ما لو قدر أعني فإنّ المفسر المجموع، والفرق مثل الصبح ظاهر. قوله: (قد عوفت تكذيبهم للرسل وما حاق بهم) أي ما حل بهم يعني به إنّ المراد بما ذكر تسلية النبيّ غتي! وتهديد الكفار لأنه بيان لأنّ الحال مستمرة على ما يرى في جميع الأعصار، وقوله: لا يرعوون عنه أي لا ينتهون ويكفون عما ذكر يقال: ارعوى عن كذا إذا انزجر وتركه، قال الأزهرفي في التهذيب: قال الليث: يقال ارعوى فلان من الجهل ارعواء حسناً ورعوى، وقال أبو عبيد الرعوي: الندم على الشيء والانصراف عنه والترك له وهو نادر في هذا الباب ولا يعلم في المعتلات مثله اهـ وعدم الكف من العدول عن يكذبون إلى جعلهم في التكذيب وأنه لشذته أحاط بهم إحاطة الظرف بمظروفه أو البحر بالغريق فيه مع ما في تنكيره من الدلالة على تعظيمه وتهويله، ولذا قال: أشد من تكذيبهم ففيه استعارة تبعية في كلمة في، وقوله: سمعوا قصتهم أي قصة فرعون وثمود وجنودهم، وقوله: رأوا آثار هلاكهم لأنهم كانوا يمرون بديار ثمود. قوله:) ومعنى الإضراب الخ) أي هو إضراب انتقالي
للأشد كأنه قيل: ليس حال هؤلاء بأعجب من حال قومك فإنهم مع علمهم بما حل بهم لم ينزجروا، وقيل: الإضراب عن قصة فرعون وثمود إلى جميع الكفار وليس بشيء، وقوله: أعجب إشارة إلى ما في الاستفهام من معنى التعجيب هنا. قوله تعالى:( {وَاللَّهُ مِن وَرَائِهِم مُّحِيطٌ} ) فيه تعريض توبيخيّ للكفار بأنهم نبذوا الله وراء ظهورهم وأقبلوا على الهوى والشهوات بوجوه انهماكهم، وقوله: لا يفوتونه الخ إشارة إلى أنّ فيه استعارة تمثيلية وقوله: بل هو قرآن الخ إضراب عن شدة تكذيبهم، وعدم كفهم عنه إلى وصف القرآن بما ذكر للإشارة إلى أنه لا ريب فيه ولا يضره تكذيب هؤلاء. قوله:(صفة للقرآن) وكذا قوله: في لوح إلا أن فيه تقديم الصفة المركبة على المفردة وهو خلاف الأصل، وقوله: وهو الهواء يعني أنه قرئ في الشواذ لوج بضم اللام وهي قراءة ابن يعمر، وغيره وأصله في اللغة الهواء والمراد به هنا مجاز إما فوق السماء السابعة فلا يرد عليه شيء. قوله:(عن النبني صلى الله عليه وسلم الخ) حديث موضوع، وقوله: جمعة وعرفة بالتنوين وهو منصرف هنا لتنكيره، ولذا أضيف له كل، وإن كان قبل ذلك غير منصرف (تمت) السورة بحمد الله ومنه والصلاة والسلام على من أنزلت عليه وعلى آله وصحبه.