للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منهما، وهو ودّ على المحقق في جعله من التعليلية كاللام تدخل على الباعث المتقدّم، والغرض! المتأخر بأنه إطلاق في محل التقييد لأنها إنما تدخل على المتأخر إذا صحبها ما يدل على التعليل، كلفظ أجل فيما ذكره وهو مخالف لأهل العربية، فإنهم صرحوا بأنها تجيء للتعليل مطلقاً من غير فرق بينهما، وقد قال الطيبي: طيب الله ثراه بعدما ذكر أنها للتعليل هنا أنه كقوله تعالى {وَوَهَبْنَا لَهُ مِن رَّحْمَتِنَا} [مريم: ٥٣] أي من أجل رحمتنا والرحمة الإحسان، وهو نتيجة الهبة منه مرتب عليها كالتأديب، وكذا في الذر المصون وغيره، ومثله {أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ} [تريثى: ٤] قال أبو حيان رحمه الله من هنا للتعليل أي لأجل الجوع، وما قيل عليه من أنّ الجوع لا يجامع الإطعام، فالظاهر أنها بدلية لا وجه له فإنهم قالوا في ضابط البدلية إنها ما يحسن وضع لفظ بدل موضعها، ولا يخفى أنه لا يحسن أن يقال الإطعام بدل الجوخ، والعيمة شدة شهوة اللبن بحيث لا يصبر عته، والغيمة بالمعجمة شدة شهوة الماء، والأيمة شدّة شهوة النكاج، والقرم شدة شهوة اللحم، يقال عام إلى اللبن إذا اشتهاه، والعرب تقول سقاه من العيمة أي من جهة العيمة، ولأجلها وعن العيمة أي أنّ سقيه تجاوز به عن حكم العيمة إلى الريّ. قوله: (والصاعقة قصفة رعد هائل إلخ) القصفة واحدة القصف وأصل معناه الكسر، وقاصف الرعد أشده يكون صوتا متعاقباً متكسراً، وهائل بزنة اسم الفاعل بمعنى موقع في الهول وهو الخوف، قال ابن جني: يقال هالني الشيء يهولني فهو هائل وأنا ههول، والعامّة تقول أمر مهول ولا وجه له إلا أنه وقع ني خطب ابن نباتة مهول منظره، وقال بعض شراحها إنه صحيح أيضاً وقصفة رعد على ظاهره لا بمعنى رعد قاصف كما توهم للفرق بينهما، وقيل: إنّ المصنف فسر الصاعقة بتفسيرين دفع بهما ما أورد عليه من أنّ الجواب لا يطابق السؤال، لأنّ السؤال عن حالهم مع الرعد فدفعه بأنّ الصواعق

حال الرعد أيضا، أو بأنها تطلق كل حال هائل، وهو مما تبع فيه شراح الكشاف، وهو تخليط كما مرّ لأنّ المصنف لا يقدر السؤال الأوّل بما ذكره، وتفسيره الأوّل حاصله أنها مجموع أمرين شديد رعد ونار تهلك ما تصيبه، لأنّ أصلها اسم فاعل من صعق بمعنى صرخ صراخاً شديداً، كما قال تعالى {وَخَرَّ موسَى صَعِقًا} [الأعراف: ١٤٣] وقد يكون معها جرم حجري أو حديديّ يبلغ أرطالاً كما فصله ابن سينا في الشفاء، وربما تطلق على النار أو الجرم فقط لكنه غير مناسب هنا، وقيل إنها ريح سحابي تهي إلى الأرض بحدة أشتعال ونفوذ، فربما أحرقت الذهب في الصرة وأذابتة من غير أن تضره، وقوله: أتت عليه بمعنى أهلكته وأفنته لأنّ أتى المتعدي بعلى يكون بهذا المعنى كما سياني تحقيقه في محله. قوله: (وفد تطلق على كل هائل إلخ) وقع في بعض النسخ مسموع ومشاهد، وفي بعضها أو بدل الواو قال الراغب: قال بعض أهل اللغة: الصاعقة على ثلاثة أوجه الموت كقوله {فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ} [الزمر: ٦٨] والعذاب كقوله {أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} [فصلت: ١٣] والنار كقوله {وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاء} [الرعد: ١٣] وهي أشياء متولدة من الصاعقة هو قريب مما ذكر وقوله ويقال إلخ. بيان لشمولها للمسموع والمشاهد. قوله: (وهو ليس بقلب إلخ) يعني أنّ الصاعقة والصاقعة وإن تقاربا لفظاً ومعنى فليس أحدهما أصلاً والآخر فرع مقلوب منه قلباً مكانياً لوجهين ذكر أحدهما وهو الأشهر الأظهر، وأنّ قاعدة القلب أن تكون تصاريف الأصل تامّة بأن يصاغ منه فعل ومصدر وصفة، وييبهون الآخر ليس كذلك فيعلم من عدم تكميل تصاريفه أنه ليس بنية أصلية، وهذه قاعدة مقرّرة عند النحاة، والثاني ما ذكره الراغب من أنّ الصقع في الأجسام الأرضية، والصعق في الأجسام العلوية، وهذا غير مطرد، ولذا تركه المصنف رحمه الله مع أنه مخصوص بهذا والأوّل عام، قال في التسهيل: علامة صحة القلب كون أحد البناءين فائقاً للآخر ببعض وجوه التصريف، وله تفصيل في شروحه، ولا شذوذ في جمع صاعقة على صواعق لأنه إنما يثذ في جمع فاعل المذكر العاقل الوصف، فهذا بعيد عن الشذوذ بمراحل، وقول الطيبي والفاضل اليمني إذا كانت الصاعقة للمذكر والتاء للمبالغة فالجمع على فواعل شاذ غفلة عن تحقيق المسئلة، وقوله: يقال صقع الديك أي صاح بيان لاستواء البناءين في التصرف، والمراد بالراوية الراوي الذي تكثر روايته للشعر وغيره، ومصقع كمنير جهوري الصوت،

<<  <  ج: ص:  >  >>